جاءتني إحدى الأمهات لاستشارة حول ابنها ذي الأربعة عشر ربيعا، وقبل أن أسألها أو أستمع إليها، قرأت من خلال تعابير وجهها وعيونها قلقا دفينا وترددا كبيرا. حاولت أن أطرح عليها بعض الأسئلة الروتينية لتحس ببعض الاطمئنان، فبادرتني بحكاية ما حصل مع ولدها حين فاجأته يمارس العادة السرية في غرفة نومه. ولحسن حظها أنه لم يلاحظها... فسألتها عن سبب قلقها، فأخذت تسرد علي مجموعة من الأمراض التي تهدد ابنها بسبب هذا السلوك من انهيار عصبي وضعف النظر وفقدان الذاكرة، وعقد نفسية، وفشل في الدراسة والإدمان عليها..بالإضافة إلى كونها عملا محرما مثل شرب الخمر والزنا. تبسمت في وجهها وقلت: هلا تركتني أشرح لك شيئا...أولا لن أجيبك عن كونها حراما أو حلالا, لأن هذا الأمر خارج نطاق تخصصي... ولكن سأجيبك كطبيب أخصائي جنسي: إن العادة السرية لدى الذكور أو الإناث على السواء هي نشاط سلوكي يهدف إلى إثارة الأعضاء الجنسية من أجل الحصول على اللذة، وتعتمد أساسا على استعمال اليد، وهذا السلوك يبتدئ في مرحلة الطفولة المبكرة عندما يعبث الطفل بأعضائه الجنسية، وهذا لا ينم عن انحراف، أبدا، ولكنه سلوك طبيعي وتلقائي وتربوي ينصح بعدم زجر الأطفال ومعاقبتهم، بل يكفي لفت انتباههم إلى نشاطات أخرى دون تحسيسهم بالذنب أو تشجيعهم. وفي المراهقة بفعل ارتفاع الهرمونات الجنسية في الجسد، يصبح لدى المراهق حساسية جديدة لبعض المداعبات في مناطق محددة من الجسد. والتي لم تكن تشغله من قبل فيلجأ تلقائيا للاستمناء بخيالات وأحلام شبقية تعتبر مقدمات ذهنية تهييئية لسلوك جنسي في المستقبل. وهذه السلوكات الاستمنائية والخيالات الشبقية مرحلة مهمة للمراهق للتعرف على جسده واكتشاف الإحساسات الجديدة التي يمنحها إياه، والتعبير عن غرائزه الجنسية. وهي الخطوة الأولى للدخول إلى عالم الكبار.. ولوحظ في دراسات كثيرة أن نسبة الذكور الذين يمارسونها تصل إلى 90 في المائة، في حين لا تتجاوز عند الفتيات 60 في المائة، وأثبتت أيضا أن الذين لم يمارسوها أبدا يعانون من مشاكل أكبر في حياتهم الزوجية من الذين سبق وأن مارسوا العادة السرية. كما أنهم يكتسبون خبرة أكبر في التحكم في قذفهم وسرعته والتمكن من رفع أو خفض مستوى الإثارة لديهم، كما أنهم يبتعدون عن المحرمات التي تكاد تلتهمهم من كل حدب وصوب, فيتخلصون من الضغط الجنسي بكل أمان واطمئنان دون التعرض للمحظورات والأمراض التي تفترس كل من تاه في درب الملذات الحرام... والذي ينبغي التأكيد عليه هو أنه لم يثبت طبيا أن العادة السرية تسبب بأي حال من الأحوال اضطرابات نفسية أو أضرارا جسدية، كما أنها ليست متعبة أكثر من أي مجهود جسدي تركيزي آخر. والمحاذير الوحيدة التي قد تستدعي زيارة الطبيب هو الإدمان الشديد عليها والاكتفاء بها عن العلاقة الزوجية مما يجعل الإنسان فريسة للوحدانية والانطوائية. عدت وسألت المرأة: وهل فاتحت والده في الموضوع؟ قالت: نعم.. فقلت وماذا قال? أجابت: لم يفعل شيئا!! بل سرح قليلا وجعل يبتسم؟ هل فهمتم شيئا؟! د. مصطفى الراسي [email protected]