كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    والي بنك المغرب يعلن الانتهاء من إعداد مشروع قانون "العملات الرقمية"    "هيئة تحرير الشام" تخطط للمستقبل    8 قتلى في حادثتين بالحوز ومراكش    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    بنك المغرب يخفض سعر فائدته الرئيسي إلى 2,5 في المائة    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    تشييع رسمي لجثمان شهيد الواجب بمسقط رأسه في أبي الجعد    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    الرباط.. انعقاد اجتماع لجنة تتبع مصيدة الأخطبوط    إحصاء 2024: الدارجة تستعمل أكثر من الريفية في الناظور    صحيفة 'لوفيغارو': المغرب يتموقع كوجهة رئيسية للسياحة العالمية    العام الثقافي 'قطر-المغرب 2024': الأميرة للا حسناء وسعادة الشيخة سارة تترأسان بالدوحة عرضا لفن التبوريدة        رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    المغرب "شريك أساسي وموثوق" للاتحاد الأوروبي (مفوضة أوروبية)    مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    كلمة الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماع اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    بنعلي: رفع القدرة التخزينية للمواد البترولية ب 1,8 مليون متر مكعب في أفق 2030    ردود فعل غاضبة من نشطاء الحركة الأمازيغية تُشكك في نتائج بنموسى حول نسبة الناطقين بالأمازيغية    84% من المغاربة يتوفرون على هاتف شخصي و70 % يستعملون الأنترنيت في الحواضر حسب الإحصاء العام    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    دفاع الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال يؤكد أن وضعه الصحي في خطر    النظام الأساسي لموظفي إدارة السجون على طاولة مجلس الحكومة    تحقيق قضائي لتحديد دوافع انتحار ضابط شرطة في الدار البيضاء    ارتفاع معدل البطالة بالمغرب إلى 21% مع تسجيل ضعف في نسبة مشاركة النساء بسوق الشغل    مراكش.. توقيع اتفاقية لإحداث مكتب للاتحاد الدولي لكرة القدم في إفريقيا بالمغرب    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"        ضابط شرطة يضع حدّاً لحياته داخل منزله بالبيضاء..والأمن يفتح تحقيقاً    ألمانيا تتجه لانتخابات مبكرة بعد سحب الثقة من شولتس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    كيوسك الثلاثاء | حملة توظيف جديدة للعاملات المغربيات بقطاع الفواكه الحمراء بإسبانيا    زلزال عنيف يضرب أرخبيل فانواتو بالمحيط الهادي    شوارع المغرب في 2024.. لا صوت يعلو الدعم لغزة    الصين تعارض زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية    ماكرون سيعلن الحداد الوطني بعد إعصار شيدو المدمر في أرخبيل مايوت    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    أفضل لاعب بإفريقيا يحزن المغاربة    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل العودة الأخيرة لعائلة عراقية قتل أفرادها برصاص الجيش الأمريكي
قصص ألف ليلة وليلة من الرعب ترويها نساء العراق
نشر في المساء يوم 04 - 09 - 2009

رائحة الموت غطت المكان، وبقايا مخ بشري تملأ مسرح الجريمة، ثلاثة أجساد بشرية اخترقها الرصاص الأمريكي، مكان الجريمة حي الزعفرانية الذي تخلى عن زعفرانه في لحظة قتل أهوج، ثلاثة أنواع من الممثلين لا غير على مسرح الجريمة، ظالم ومظلوم وشهود عيان تقاسمها جُناة وأُباة وشهود، الضحية الأولى الشهيد رفعت السامرائي رب الدار وربان سفينة الموت الذي حاول أن ينقذ طاقم عائلته المكونة من الزوجة المنكوبة وبنتين صغيرتين والطفل عبد الله الذي قدر الله له أن يبقى شاهدا هو وأمه التي ما زالت تحتفظ بثيابها المخضبة بدماء الشهداء الثلاثة، الضحية الثانية حفصة رفعت السامرائي ذات الاثنى عشر ربيعا لم يمهلها رصاص رعاة البقر لتنطق الشهادتين، فكان آخر ما تلفظت به كلمة لفظ الجلالة الله، الضحية الثالثة فاطمة رفعت السامرائي لم تكمل بعد عامها التاسع تعلقها بوالدها رافقها حتى في لحظاتها الأخيرة فكانت كلمة بابا كلمتها الأخيرة، الضحية الرابعة الطفل عبد الله الذي أنجاه الله من الموت لتروي لنا دموعه مع والدته الضحية الخامسة إخلاص عبد الغفار السامرائي والدة الشهيدتين حفصة وفاطمة وزوجة الشهيد رفعت السامرائي تفاصيل الجريمة...
شهود عيان حضروا الحادث المروع
بعد التقصي عن هذه الحادثة المروعة وجدنا شهود عيان، الأم والابن وما إن التقيناهم حتى قفزت الأسئلة النمطية والتي رغم أهميتها لا توازي ولا تكافئ المصاب الجلل.
> احك لنا يا أم عبد الله ما حدث ؟
تسكت برهة لتسترسل بعد أن استغفرت الله قائلة: مازلت أتذكر الواقعة بتفاصيلها الدقيقة وكأنها حدثت اليوم رغم مرور شهر عليها، القوات المحتلة كانت تقف على بعد مائة متر على جانب الطريق من دون أن تضع أي علامة تشير إلى أن المنطقة هي نقطة تفتيش, وكنا عائدين إلى بيتنا في حي الزعفرانية بعد قضاء ساعات معدودات في زيارة بعض الأقارب في منطقة حي التربية، حيث كنا نسير بسرعة متوسطة لأن السيارة كانت قديمة اشتريناها بعد أعوام من التوفير، هاجس مخيف انتابني عندما شاهدتهم لم أكد أفيق منه حتى أمطرتنا الدورية بوابل من الرصاص الكثيف...
«لم تستطع الأم المنكوبة أن تتماسك ولم تكمل الحديث لأن الدموع كانت أقرب إليها من الكلمات، وشعورا بالذنب غزا مخيلتي لكن لابد للمأساة من رواة»
كفكفت دموعها العصية عن التوقف، لتكمل: ماذا أقول وكيف يمكن أن أخبرك عن فظاعة ما حدث، الرصاص اغتال الضحكات رصاص أحمق همجي يخترق رأس زوجي رفعت عبد الجبار السامرائي، فيبعثر منه قطعا من فروة رأسه، ومخ يرتجف على كتفي من شدة إطلاق النار الذي أصابه، يأخذها موج البكاء وتكمل باكية شاكية، أما أنا فأتذكر جيدا صرخات ابنتي حفصة (12 عاما) رحمها الله نطقت اسم الجلالة لمرة واحدة فقط نعم لمرة واحده قبل أن تفارق الحياة سريعا، أما فاطمة ( 9 أعوام ) فقد لفظت كلمة بابا لشدة ولعها بأبيها بعد أن خرجت كل أحشائها من بطنها من شدة الفتك، رحمهم الله جميعا، بقيت أنا وعبد الله الذي كان يصرخ بجنون تحت هول الصدمة وألم جراحه الغائرة قبل أن أنزل مسرعة وكنت مدركة أن المرحوم رفعت رحل إلى جوار ربه، وكنت أحاول أن أخبر المجرمين أننا مدنيون لا حول لنا ولا قوة في محاولة يائسة لإنقاذ ما تبقى لي في هذه الدنيا من عائلتي، نزلت سريعا من باب السيارة وعباءتي تحمل أجزاء مخ ولحم من رأس زوجي وأنا أصرخ لتقف النيران وعيناي ويداي تتفحص ابنتي المضرجتين بالدماء بلا حراك، رحل رفعت وحفصة وفاطمة، الصراخ والبكاء هو آخر ما تبقى لي فإذا بجنديين أمريكيين يصلان بالقرب من السيارة الأول يخبر الثاني كلمات سريعة أدركت منها كلمتين ميزتهما جيدا رغم هول ما حدث ((Kill here)) اقتلها مرددا هاتين الكلمتين لأكثر من ثلاث مرات ولكن الله أراد أن أبقى شاهدة على هذا الجرم الشنيع حيث حضرت دورية للشرطة العراقية سمعت إطلاق الرصاص فاقتربت من المكان وقبل وصولها قام مترجم عراقي يرافق الجنديين بصفعي وركلي وأمرني بالذهاب إلى مكان بعيد وتستمر أم عبد الله بسرد الواقعة بعد أن ركلني المترجم وأمرني بالركض ومغادرة المكان كنت أفكر في حينها، هل الدماء في العراق رخيصة إلى هذا الحد؟ ركضت وأنا ألتفت صوب عبد الله الذي لا زال يصرخ ركضت إلى مكان ليس ببعيد وظل قلبي يحوم حول السيارة، والروح تكاد أن تنتزع مني أركض صوب بيتنا وبيوت الأقارب والجيران القريبة وألتفت ورائي كالمجنونة لأن عبد الله ما زال يصرخ في راسي فهو الحي الوحيد الذي بقي في السيارة ما زالت أم عبد الله تروي القصة دون أن أعترضها فالاسترسال خير من السؤال وصلت إلى بيوت الأقارب وتغيرت ملامح الوجوه أمام عيني من شدة ما أنا عليه، الأهل لم يعرفوا ماذا يفعلون، البكاء تدفق من كل العيون التي ترقبني وأنا كالمجنونة أحاول أن أخبرهم بما حدث، رجعت مع أهلي ورجال حملتهم المروءة ممن يسكنون في الجوار، فوجدت القاتل يتحول مسعفا والمجرم صار مداويا!! وجدتهم كما النمل يجتمعون حول السيارة بعد أن قاموا بإزالة ملامح الجريمة وجدتهم يضعون عبد الله على حمالة طبية ويقدمون له العلاج وفور وصولنا إلى بركة الدم، إلى مكان الجريمة وجدنا الجناة في نفس المكان ووجدنا جثامين رفعت وفاطمة وحفصة وقد وضعت الواحدة جنب الأخرى بعد أن لفتهم الأيادي القذرة بأكياس النايلون، وعبد الله على الحمالة الطبية ملفوفا بضمادته
> وماذا فعلت هل تكلمت معهم ؟
لم يجرؤ أحد منا على الحديث معهم خوفا على عبد الله الذي بين أيديهم والضحايا المصفوفين على قارعة الطريق لم نجرؤ على الحديث، بقينا نلتزم جانب الصمت والبكاء فقط وهم يتصرفون مع الواقعة بدماء باردة وكأن من قتلوا ليسوا آدمييين. تسكت لتتكلم الدموع وتهرب من سرد التفاصيل بحديث الذكريات قائلة : هل تعلم ماذا كان حلم فاطمة وحفصة ؟
سؤالها المفاجئ عقد لساني حزنا وخجلا من النطق بأي إجابة أراحتني أم عبد الله منها باسترسالها
كانت الأحلام بالنسبة إليهن لا تتجاوز السرير الخشبي الصغير والدمى الرخيصة ولعب أطفال اعتيادية هكذا كانت الأحلام التي تراودهما، فضعف الحال وضيق العيش كان معلوما لديهما لم يطلبا شيئا سوى أحلام العصافير هذه.. كنت أرى فاطمة تكبر بعيني يوما بعد آخر وأحس أن فاطمة تحاول كسر أحزاني وأحزان أبيها وتصبرنا أحيانا وتقول لنا (الحمد لله وضعنا أحسن مما نراه في التلفاز) وحفصة عندما كانت تصلي ترفع يدها إلى السماء لكي تنعم بأمن بعيدا عن أصوات الانفجارات ومشاهد القتل حتى هذه الكلمات قتلت لم يبق لي إلا الله وعبد الله.
> وما هي نتائج التحقيق؟
أي تحقيق وهل دماء العراقيين لها ثمن حتى تفتح لها تحقيقات. استلمنا جثامين الشهداء وواريناها الثرى وأقمنا مجلس العزاء ولا نعرف حتى أسماء الجناة أو رقم دوريتهم ولم يتصل بنا أحد إلى حد الآن.
> ولكن قلت إن هناك شرطة عراقية يعني أكيد أنهم يعرفون رقم الدورية ؟
حاولنا الاتصال بمركز شرطة الزعفرانية لكن لا مجيب عن أسئلتنا إننا يا أخي نريد حقنا من الله وحده.
> كيف رجع عبد الله إليك؟
تبعنا سيارة الإسعاف إلى مستشفى وبعد أيام من العلاج خرجنا نواجه مصيرنا المجهول بلا معيل وحسبنا الله نعم والوكيل.
كلمات أم عبد الله ونظرات عبد الله كانت كافية لأعرف أن صاحبة الجلالة في العراق لا حول لها ولا قوة وهي نفسها في مرمى نيران الأمريكان لذا أثرت الرحيل على المكوث العقيم وعزائي خروج هذه القصة التي أدمت قلبي قبل قلمي إلى النور، الضحايا الأحياء طفل وأم بلا مسكن يأوهيهما بعد أن استحال عليهما دفع إيجار الدار، أما الضحايا الأموات فذهبوا إلى جوار ربهم، إنا لله وإنا إليه راجعون.
نادية.. قصة أخرى من قصص الصمود النسائي في العراق
نادية : هكذا اغتصبوني في أبو غريب...
فتاة من العراق حلمت وأملت وكانت أحلامها لا تتعدى أحلام أي فتاة في سنها، في غفلة من حياتها دخلت بيتا لصديقاتها كانت دورية أمريكية تضعه في سجل البيوت المؤهلة للتفتيش في أي لحظة, ولم تكن تلك اللحظة سوى لحظة وجود نادية لدى صديقتها لتكون ضحية حظها وتدخل سجن أبو غريب سيء الذكر وحكايتها في هذه السطور بعد أن التقيتها.
لم ترتم نادية, التي اعتقلت في سجن أبو غريب, لسبب تجهله حتى اليوم عند خروجها من السجن في أحضان أهلها، حالها كحال أي سجين مظلوم تكويه نار الظلم ونار الشوق إلى عائلته ببساطة، هربت نادية فور خروجها من المعتقل ليس بسبب العار الذي سيلاحقها جراء اقترافها جريمة ما ودخولها السجن، لكن بسبب ما تعرضت له السجينات العراقيات من اعتداء واغتصاب في سجن أبو غريب حيث تحكي جدرانه قصصاً حزينة إلا أن ما سترويه نادية هو «الحقيقة» وليس «القصة»!
بدأت «نادية» روايتها بالقول: «كنت أزور إحدى قريباتي ففوجئنا بالقوات الأمريكية تداهم المنزل وتفتشه لتجد كمية من الأسلحة الخفيفة وتقوم على إثر ذلك باعتقال كل من في المنزل بمن فيهم أنا، وعبثاً حاولت إفهام المترجم الذي كان يرافق الدورية الأمريكية بأنني ضيفة ولست من أهل الدار، بكيت وتوسلت وأغمي علي من شدة الخوف أثناء الطريق إلى سجن أبو غريب».
وتكمل نادية: «وضعوني وحيدة في زنزانة قذرة ومظلمة وكنت يثبت أن تكون فترة اعتقالي قصيرة بعدما أثبت التحقيق أنني لم أرتكب جرماً»،وتضيف والدموع تنسكب على وجنتيها كدليل على صدقها وهول ما عانته: «اليوم الأول كان ثقيلا ولم أكن معتادة على رائحة الزنزانة الكريهة إذ كانت رطبة ومظلمة وتزيد من الخوف الذي أخذ يتنامى في داخلي بسرعة، كانت ضحكات الجنود خارج الزنزانة تجعلني أشعر بالخوف أكثر وكنت مرتعبة من الذي ينتظرني، وللمرة الأولى شعرت بأنني في مأزق صعب للغاية وأنني دخلت عالماً مجهول المعالم لن أخرج منه كما دخلته، ووسط هذه الدوامة من المشاعر المختلفة طرق مسامعي صوت نسائي يتكلم بلكنة عربية لمجندة في الجيش الأمريكي بادرتني بالسؤال: «لم أكن أظن أن تجار السلاح في العراق من النساء»،فما أن تكلمت لأفسر لها ظروف الحادث حتى ضربتني بقسوة فبكيت وصرخت والله مظلومة... والله مظلومة، ثم قامت المجندة بإمطاري بسيل من الشتائم التي لم أتوقع يوما أن تطلق علي تحت أي ظروف وبعدها أخذت تهزأ بي وتروي أنها كانت تراقبني عبر الأقمار الاصطناعية طيلة اليوم، وأن باستطاعة التكنولوجيا الأمريكية أن تتعقب أعداءها حتى داخل غرف نومهم، وحين ضحكت قالت: كنت أتابعك حتى وأنت تمارسين الجنس مع زوجك، فقلت لها بصوت مرتبك أنا لست متزوجة، فضربتني لأكثر من ساعة وأجبرتني على شرب قدح ماء عرفت فيما بعد أن مخدرا وضع فيه ولم أفق إلا بعد يومين أو أكثر لأجد نفسي وقد جردوني من ملابسي، فعرفت على الفور أنني فقدت شيئاً لن تستطيع كل قوانين الأرض إعادته إلي، لقد اغتصبت، فانتابتني نوبة من الهستيريا وقمت بضرب رأسي بشدة بالجدران إلى أن دخل علي أكثر من خمسة جنود تتقدمهم المجندة وانهالوا علي ضربا وتعاقبوا على اغتصابي وهم يضحكون وسط موسيقى صاخبة، ومع مرور الأيام تكرر سيناريو اغتصابي بشكل يومي تقريباً وكانوا يخترعون في كل مرة طرقاً جديدة أكثر وحشية من التي سبقتها.
بعد شهر تقريبا دخل علي جندي زنجي ورمى لي قطعتين من الملابس العسكرية الأمريكية وأشار علي بلهجة عربية ركيكة أن أرتديها واقتادني بعدما وضع كيساً في رأسي إلى مرافق صحية فيها أنابيب من الماء البارد والحار وطلب مني أن استحم واقفل الباب وانصرف. وعلى رغم كل ما كنت أشعر به من تعب وألم وعلى رغم العدد الهائل من الكدمات المنتشرة في أنحاء متفرقة من جسدي إلا أنني قمت بسكب بعض الماء على جسدي،وقبل أن انهي استحمامي جاء الزنجي فشعرت بالخوف وضربته على وجهه بالإناء فكان رده قاسيا ثم اغتصبني بوحشية وبصق في وجهي وخرج ليعود ومعه جنديين آخرين قاموا بإرجاعي إلى الزنزانة، واستمرت معاملتهم لي بهذه الطريقة إلى حد اغتصابي عشر مرات في بعض الأيام، الأمر الذي أثر على صحتي.
وتكمل نادية: بعد أكثر من أربعة شهور جاءتني المجندة التي عرفت من خلال حديثها مع باقي الجنود أن اسمها ماري، وقالت لي إنك الآن أمام فرصة ذهبية فسيزورنا اليوم ضباط برتب عالية فإذا تعاملت معهم بإيجابية فربما يطلقون سراحك،خصوصا أننا متأكدون من براءتك، فقلت لها إذا كنت بريئة لماذا لا تطلقون سراحي؟ فصرخت بعصبية: الطريقة الوحيدة التي تكفل لك الخروج هو أن تكوني إيجابية معهم! وأخذتني إلى المرافق الصحية وأشرفت على استحمامي وبيدها عصا غليظة تضربني بها كلما رفضت الانصياع لأوامرها ومن ثم أعطتني علبة مستحضرات تجميل وحذرتني من البكاء حتى لا أفسد زينتي، ثم اقتادتني إلى غرفة صغيرة خالية إلا من فراش وضع أرضا وبعد ساعة عادت ومعها أربعة جنود يحملون كاميرات وقامت بخلع ملابسها وأخذت تعتدي علي وكأنها رجل وسط ضحكات الجنود ونغمات الموسيقى الصاخبة والجنود الأربعة يلتقطون الصور بكافة الأوضاع ويركزون على وجهي وهي تطلب مني الابتسامة وإلا قتلتني، فأخذت مسدسا من أحد رفاقها وأطلقت أربع طلقات بالقرب من رأسي، وأقسمت بأن تستقر الرصاصة الخامسة في رأسي بعدها تعاقب الجنود الأربعة على اغتصابي الأمر الذي أفقدني الوعي واستيقظت لأجد نفسي في الزنزانة وآثار أظافرهم وأسنانهم ولسعات السيجار في كل مكان من جسدي».
وتتوقف نادية عن مواصلة سرد روايتها المفجعة لتمسح دموعها ثم تكمل: «بعد يوم جاءت ماري لتخبرني بأنني كنت متعاونة وأنني سأخرج من السجن ولكن بعدما أشاهد الفيلم الذي صورته، وشاهدت الفيلم بألم وهي تردد «لقد خلقتم كي نتمتع بكم» هنا انتابتني حالة من الغضب وهجمت عليها على رغم خشيتي من رد فعلها،ولولا تدخل الجنود لقتلتها، وما أن تركني الجنود حتى انهالت علي ضربا ثم خرجوا جميعهم ولم يقترب مني أحد لأكثر من شهر قضيتها في الصلاة والدعاء إلى الباري القدير أن يخلصني مما أنا فيه، ثم جاءتني ماري مع عدد من الجنود وأعطوني الملابس التي كنت أرتديها عندما اعتقلت وأقلوني في سيارة أمريكية وألقوا بي على الخط السريع لمدينة أبو غريب ومعي عشرة آلاف دينار عراقي، بعدها اتجهت إلى بيت غير بيت أهلي كان قريبا من المكان الذي تركوني فيه، ولأنني أعرف رد فعل أهلي آثرت أن أقوم بزيارة لإحدى قريباتي لأعرف ما آلت إليه الأوضاع أثناء غيابي فعلمت أن أخي أقام مجلس عزاء لي قبل أكثر من أربعة شهور واعتبرني ميتة، ففهمت أن سكين غسل العار بانتظاري، فتوجهت إلى بغداد وقامت عائلة من أهل الخير بإيوائي وعملت لديهم خادمة ومربية لأطفالهم، فمن سيشفي غليلي؟ ومن سيعيد عذريتي؟ وما ذنبي في كل ما حصل؟ وما ذنب أهلي وعشيرتي؟ وفي أحشائي طفل لا أدري ابن من هو؟».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.