في هيئة تحرير «دفاتر وجهة نظر» نتحاشى ما أمكن أن نسمي السلسلة التي تصدر عن مؤسسة «وجهة نظر» بكتاب الجيب، ونسميها بالمقابل السلسلة المناضلة. ذلك أنها تعمل على نشر أطروحات، البعض منها لنيل شهادة الدكتوراه، والبعض الآخر يتمتع بقيمة علمية لا يمكن نكرانها، وذلك يعتبر بالنسبة إلينا عملا نضاليا. ففي الغالب، تظل أعمال أكاديمية وبحوث علمية سجينة رفوف خزائن الجامعات المغربية رغم توصيات اللجان الأكاديمية بنشرها. نحن نعمل باتصال مع هؤلاء الباحثين على إخراجها من العدم إلى الوجود، بل أكثر من ذلك فإننا نجتهد في أن تكون تسعيرتها جد زهيدة، فأسعارنا تتراوح بين 10 دراهم و20 درهما. ورقم السحب يصل إلى 12000 نسخة بالنسبة إلى الكتاب الواحد. وفي هذا الصدد ومن هذا المنبر طبعنا كتابا ما كان أن يوفر للسوق المغربية أطروحة لنيل الدكتوراه بتسعيرة 20 درهما لكتاب يضم بين دفتيه 304 صفحة، وهو ما أنجزناه بالفعل مع العدد 13 الخاص بالحركات الإسلامية في الوطن العربي «تونس نموذجا»، وأنجزناه نسبيا مع كتابات أخرى كالعدد 6 الخاص بمحنة المجتمع المدني في المغرب، ومع العدد 7 المتعلق بالدستور ورهان موازين القوى، والعدد 10 المتخصص في صراع الحداثة والتقليد في المغرب. لقد وصلنا إلى حد الآن إلى 13 كتابا، فضلا عن وجود ثلاثة كتب أخرى رهينة المطبعة. إن سوق النشر في المغرب مفتوحة، غير أنها تعاني من إكراهات، إكراهات ناجمة بالأساس عن ضعف ملكة الخلق والإبداع عند البعض والذين يتوجهون إلى المطابع مصحوبين بنسخ من «دفاتر وجهة نظر» طالبين استخراج كتبهم على نمطها في الاخراج وفي الطباعة، متناسين أن سر نجاح السلسلة التي نصدر إنما يكمن في احترامنا للقارئ المغربي، وعزوفنا عن استغلاله ببيعه مقالة في صورة كتاب كما يفعل بعض المثقفين الجهابذة. مضايقات أخرى نتضايق منها ناجمة عن اللجوء المكثف إلى اعتماد الحجم الذي نصدر فيه، فقد أصبح المؤلفون المجهولون للأبراج ولسلسلات تعلم اللغات الأجنبية والناشرون للنصوص القانونية المطبوعة من طرف الجريدة الرسمية يعزفون على نفس المنتوج الذي يستخرجون منه حوالي 20 ألف نسخة في الطبعة الواحدة. الأمر الذي يطول معه انتظارنا في المطبعة.. إننا نتحرى ما أمكن التحري في المادة التي نقدمها إلى القارئ، ولا نتجاوز الخط الذي رسمناه لأنفسنا والمتمثل في تخصص انتاجاتنا في مجال علم السياسة، إن الهدف يبقى في الأول والأخير بالنسبة إلينا هو إشاعة هذا العلم الذي ظل المغاربة محرومين من الاقتراب إليه طيلة ما عرف بسنوات الرصاص. وإن الحافز الأول والأخير أيضا يتمثل في مصداقية ما ننشره، وهي المصداقية التي تتأكد من خلال حجم مبيعات إنتاجاتنا والتي تصل إلى مائة، في المائة كما حصل بالنسبة إلى كتاب الأنثروبولوجي المغربي عبد الله الحمودي والباحثة الواعدة هند عروب، والأستاذ عبد الرحيم العطري في مؤلفه عن «صناعة النخبة في المغرب» والبقية تأتي. لا أخفيكم أننا نفكر في الوقت الحالي في إصدار سلسلة جديدة من الحجم العادي تتعلق ببحوث ودراسات أكاديمية، والتي تضيق عنها السلسلة المناضلة، غير أن هذا لا يعني التفريط مطلقا في سلسلة «دفاتر وجهة نظر». كما ينبغي التنبيه إلى أن سلسلتنا المناضلة لا تتلقى أي دعم من أية جهة كانت، رسمية أو تنظيما من تنظيمات ما يسمى بالمجتمع المدني الدولي.