الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    البطولة... أولمبيك آسفي يمطر شباك النادي المكناسي بثلاثية    قرعة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات (المغرب 2024).. لبؤات الأطلس في المجموعة الأولى إلى جانب كل من الكونغو الديمقراطية والسنغال وزامبيا    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    نشرة إنذارية: طقس حار ورياح قوية    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    السجن المحلي بالقنيطرة ينفي تدوينات يدعي أصحابها انتشار الحشرات في صفوف السجناء    وهبي يشارك في انعقاد المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    الرابور مراد يصدر أغنية جديدة إختار تصويرها في أهم شوارع العرائش    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبودرار: المغرب ملزم بإيجاد أكثر من هيئة لمحاربة الرشوة
اعتبر أن تصوير المتورطين في الرشوة هو تشهير بهم في غياب الأدلة
نشر في المساء يوم 23 - 07 - 2009

يرى رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، عبد السلام أبودرار، أن عمل الهيئة التي بدأت تشتغل منذ ستة أشهر، هو وقائي بالدرجة الأولى، لكن يمكنها إحالة الملفات, التي تتوفر على أدلة استعمال الرشوة، على القضاء وتنصيب نفسها طرفا في القضية، مشيرا إلى أن تصوير, المتورطين في الرشوة هو تشهير بهؤلاء إذا لم يستند إلى دليل، ويتناقض مع حرية الأفراد ودولة الحق والقانون، قبل أن يقول بجواز التصوير بل العمل على ضمان حماية الشهود على استعمال الرشوة ولكن في حالة وجود أدلة فقط، وداعيا في نفس السياق إلى عدم الأخذ بأساليب قديمة كطرق عمر بن الخطاب، كما قال، أو بأسلوب «زورو» من خلال التصوير خلسة لموظفين في حالة ارتشاء
- هل يمكن أن نعطي تقييما لهذه الفترة القصيرة من عمر الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة؟
< نريد التذكير أولا أن أول اجتماع للهيئة كان في شهر يناير من السنة الجارية، لذلك فإنه إذا أردنا أن نقوم بجرد فالأمر يتعلق بفترة ستة أشهر، وهو عمر هذه الهيئة في الواقع، والذي تم تكريسه للقضايا الداخلية للهيئة من أجل إيجاد الأسس القانونية والتقنية التي يمكن العمل على أساسها لمدة أربع سنوات، هي أجل الولاية الحالية للهيئة. وانكب أعضاء الهيئة على صياغة قانون داخلي وانتخاب الهيئات وإيجاد موظفين للهيئة، ثم وضع استراتيجية وخطة عمل مناسبة. ولحد الآن تم عقد ثلاثة اجتماعات، بدل اجتماعين في السنة فقط، كما ينص على ذلك القانون، دون أن نغفل إقامة دورة دراسية، مع العلم أن اللجنة المركزية كانت تجتمع شهريا، وخلال الستة أشهر التي مرت على تأسيس الهيئة، اجتمع أعضاء اللجنة المركزية ست مرات، وقد استطعنا إنشاء مجموعات عمل قطاعية حول عدد من القضايا كالصفقات العمومية ومسألة احترام القوانين والتشريع وكذا إصلاح الإدارة والإدارة الإلكترونية وتبسيط المساطر. وإجمالا يمكن القول إنه رغم هذه الفترة القصيرة فإننا نتوفر اليوم على رصيد محترم تشير إليه الوثائق المتوفرة، هذا مع التأكيد على إيماننا الراسخ بأن العمل طويل الأمد لابد له من إجراءات قصيرة الأمد ذات مردودية سريعة، ومن ذلك مثلا العمل مع وزارة الصحة من أجل إيجاد الخط الأخضر لإتاحة الفرصة للمواطنين لتقديم شكاواهم، وكذلك العمل مع وزارة النقل لتطويق مشاكل القطاع التي لا تتلخص فقط في ما يتعلق بالسير على الطرقات، بل أيضا في مسألة منح رخص السياقة. ومن بين الخطوات التي تم قطعها هناك العمل مع وزارة الداخلية في مجال الصفقات العمومية بالجماعات المحلية، وكذلك في ما يتعلق بتلقي ملفات الرشاوى من طرف المشتكين باعتبار أن المغرب كغيره من البلدان التي تعرف نسبا كبيرة في الأمية، فإن الرشوة تكون حاضرة بقوة كذلك. كما قمنا بتقييم برنامج الحكومة في ما يتعلق بمحاربة الرشوة، بالإضافة إلى عدد من الإجراءات الإدارية التي تدخل ضمن صميم التنظيم القانوني والإداري للهيئة. وللتذكير فإننا بصدد وضع مساطر إجرائية من أجل أن تأخذ الشكاوى المعروضة علينا طريقها الصحيح، سواء بإحالتها على ديوان المظالم أو بتحويلها إلى القضاء للمتابعة القضائية.
- هناك من يرى بأن وجود هذه المؤسسة غير ذي جدوى ما دامت هناك قطاعات حكومية مختلفة تحرس على تطبيق القانون والوقاية من الرشوة، كل قطاع من موقعه، فما هي مبررات وجود هذه الهيئة الجديدة؟
< يمكن القول إن المغرب ملزم بإيجاد مثل هذه الهيئة، هذا إذا لم نقل إن بلادنا ملزمة بإيجاد هيئات أخرى، خاصة بعد مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الرشوة، مما فرض عليه إحداث هيئات مستقلة للوقاية من الرشوة ومحاربتها. وعلى مستوى البرامج القطاعية فإننا نلاحظ، على غرار باقي دول العالم، أننا لا نعمل من أجل خطة بعيدة الأمل، وهو ما يقتضي إيجاد آليات أخرى من أجل خلق استراتيجية متكاملة، وكذا هيئة أو هيئات للتنسيق في العمل من أجل محاربة الرشوة. ويعتبر عمل هذه الهيئة وقائيا بالأساس، لذلك يجب رفع اللبس لأن هناك خلطا كبيرا لدى البعض، فالهيئة لا تقوم بالتحري أو المتابعة والعقاب، بل إن دورها وقائي، كخطوة أولى اتخذها المغرب من أجل محاربة الرشوة عبر السلطة القضائية طبعا، والتي هي وحدها الجهة التي تقوم بالزجر. وسنقوم بتقييم أداء وعمل محكمة العدل الخاصة التي كان موكولا إليها دراسة الملفات المتعلقة بالرشوة، وذلك من أجل تطوير هذه التجربة، وإيجاد محاكم متخصصة مثلا في الردع ضد الرشوة وإصلاح الترسانة القانونية وغيرها، وهذا ما نقوم به الآن، حيث يمكن تطوير آليات اشتغال هذه الهيئة أو إحداث هيئات أخرى موازية لها ومكلفة بمجال محاربة الرشوة.
- في سياق عمل الهيئة اليومي ألم يقع اصطدام، إن صح القول، بين هذه الهيئة وبعض القطاعات الحكومية على اعتبار أن بعض جهات الإدارة تقوم هي الأخرى بالوقاية من الرشوة؟
< لم يحدث بتاتا أن حدث هناك اصطدام، ولا أرى أن هناك إمكانية لحدوث ذلك مع أي كان من أطراف الحكومة، وجميع القطاعات، بدءا من رأس الهرم، الذي أعلن عن إرادة سياسية قوية، وكذلك على مستوى الحكومة نفسها، فكل الجهات التي اتصلنا بها رصدت إمكانيات ووسائل وخبرات من أجل التعاون مع الهيئة ودعم إمكانياتها، والدليل على ذلك هو أن مكونات الهيئة والذين أتوا من قطاعات حكومية مختلفة هم ذوو مستوى عال، ويعملون بتنسيق كبير، لكن عمل الهيئة هو عمل طويل الأمد, لذلك لا يمكن بين عشية وضحاها أن تصلح كل شيء وتبسط المساطر في الإدارة أو بنود الصفقات العمومية أو تصدر قانون ولوج المعلومة، وكذلك ليس بسرعة يمكن خلق آلية لحماية ضحايا الرشوة والمخبرين عنها والشهود، إنها وسائل وأدوات اشتغال ينبغي التهييء لها بشكل جيد، لتفادي أي اصطدام مع أي كان.
- ألا ترى أن الشعور بإمكانية الوقوع في مثل هذه الاصطدامات سيجعلكم تنأون بالهيئة بعيدا عن مقاربة مجالات حساسة كالدرك مثلا والأمن والقضاء؟
< يمكن القول إن أول من طلب منا على الأقل إلقاء محاضرات في مدارسهم ومراكزهم العليا، هم الدرك والأمن ومدرسة تكوين رجال السلطة، ولم يطلبوا من ممثل الهيئة فقط أن يقدم دروسا بالمراكز التابعة لهذه الأجهزة، بل طُلب ذلك من ترانسبارنسي المغرب أيضا، حيث قدمنا محاضرات حول الرشوة وكذلك حول مجالاتها، خاصة في السير على الطرقات والذي قد يؤثر على سمعة البلاد, كما قد يؤثر على المواطنين أيضا، وهنا يمكن الإشارة إلى أنني شخصيا لم أقل إني لا أهتم بمن يسمى «قناص تارجيست» أوغيره، ولكني أقول إنه ليس من صلاحياتي ذلك، ودوري يبدأ قبل حدوث مثل هذه التصرفات، من خلال العمل على أن لا تروج الأموال على الطرقات، ومن ذلك أيضا أن لا يتم أداء الذعائر بالطرقات حتى لا تتم مفاوضات بين الشرطي أو الدركي ومستعملي الطريق، ويجب أن تكون وسائل إثبات قوية لتبرير مخالفة مستعمل الطريق كوجود صورة مثلا بالنسبة لمرتكب المخالفة وأن يتم تشديد المراقبة وعدم الاكتفاء فقط بالدوريات، بل أن تكون كذلك مراقبة متخفية من أجل القبض على المتلبسين، لأن المشكل يكمن في صعوبة إثبات حالة الرشوة، كما ندعوإلى تغيير المداومة على الطرقات وتغيير العناصر. إننا سنعمل من أجل الوصول إلى ضمانات لحماية الشهود والمبلغين والضحايا والخبراء، بعد أن يكون هؤلاء أدلوا بما يثبت تعرضهم للرشوة، ولذلك فإننا نعمل حاليا على إيجاد مشروع قانون لحماية هؤلاء جميعا.
- خلال المحاكمة التي يتابع فيها عضو هيئة المحامين بالرباط، سعيد يابو، أُثيرت مسألة ارتشاء القضاء، فهل بإمكانكم التعاون مع هيئة المحامين من أجل إثبات هذا النوع من الارتشاء؟
< الإمكانيات متوفرة لدينا من خلال تواجد عدد من الهيئات وممثلي المجتمع المدني بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، بما فيها هيئة المحامين، لذلك ينبغي رفع اللبس لدى البعض من كون هيئة الوقاية من الرشوة هي جهاز إداري، فالنقيب عبد الرحيم الجامعي موجود بالهيئة كما أن ممثلي جمعية ترانسبارنسي موجودون بالهيئة وكذا ممثلي هيئة حماية المال العام، نحن لسنا فقط على استعداد للتعاون مع كل هذه الأطراف، ولكننا نعمل على التنسيق في ما بيننا بشكل مستمر ودائم، غير أننا ملزمون بالعمل في إطار القانون، ولا يمكننا العمل بطرق قديمة كطرق عمر بن الخطاب أو بأساليب «زورو» من خلال تكليف أناس بالتصوير خفية لموظفين في حالة ارتشاء مثلا، وعلينا العمل في إطار القانون لأن مثل هذه القضايا تهم الحريات العامة وتهم سمعة وكرامة الناس، من هنا فإن القانون يضمن حدودا وضوابط يجب العمل بها، وإذا ثبت مثلا أن جهاز القضاء، وهو الجهاز المفروض فيه الاستقلالية والنزاهة، توجد به آفة الرشوة، فلا يمكن نسيان أن هذا الجهاز هو أيضا يتخبط في مشاكل مختلفة، لذلك فإن مثل هذه القضايا يجب أن تكون لنا حافزا للعمل على إصلاح القضاء وليس من أجل تجاوزه والعمل خارج نطاق القوانين، ومثل هذه الطرق لا نجدها إلا في الأنظمة الديكتاتورية والتي لا تؤدي في الغالب، وعوض إصلاح المجتمع، إلا إلى التصادم وتصفية الحسابات، وليس النزيه هو من يصرخ دوما وكثيرا، ففي الغالب فإن غير النزهاء هم من يقومون بخلق المكائد، وعندنا مثلا في هذا السياق نموذج مسؤول قضائي، حيث أثيرت في الشمال قضية نائب وكيل الملك، الذي نصبت له مكيدة وتم تسجيله, بينما الأمور كانت عادية ولا تستحق ال
إثارة.
- بالنظر إلى أن عملكم هو عمل وقائي بالأساس، أين ينتهي دوركم ليبدأ العمل الزجري من طرف الجهات المكلفة بذلك؟
< تنبغي الإشارة إلى أن العمل الوقائي يسهل بشكل فعال العمل الزجري، وإذا تم إصلاح الترسانة القانونية وأزلنا الثغرات التي تسمح للمرتشين بالقيام بأعمالهم المنافية للقوانين، فإننا سنسهل بكل تأكيد عمل الجهات القضائية، وبالمقابل فإن ذلك سيحول دون وجود أناس مرتشين في كل المجالات. الأمر إذن يتعلق هنا بضرورة وجود قوانين للضرب على أيدي المرتشين وتبسيط المساطر وتشديد الوسائل الزجرية، وبالإضافة إلى العلاقة غير المباشرة مع الجهات الأخرى، هناك علاقة مباشرة بحيث إننا مخولون بتلقي الشكاوى، التي تتم دراستها من طرف أجهزة الهيئة، فنقف عند ملفات لا تهمنا لكونها لا تتعلق بالرشوة، بقدر ما تتعلق بصراعات بين أشخاص أو غير ذلك، ولا يستطيع أصحابها إثبات وجود حالة رشوة، لذلك لا يمكن تبني ملف إلا إذا كان يتوفر على وسائل إثبات فتتم إحالته على السلطات القضائية من أجل المتابعة وتبقى الهيئة طرفا في الموضوع، وتصبح الجهات القضائية ملزمة بالعودة إلينا بما آلت إليه القضية، وأما إذا كان لدينا شك فإنه يمكن الاستشارة مع وزارة العدل في هذه الحالة في ما إذا كان بالإمكان تحريك المتابعة أم لا.
- يُستشف من خلال عملكم الوقائي أنه لا يختلف كثيرا عن عمل نشطاء المجتمع المدني، هل هناك تقاطع بينكم وبين مكونات هذا النسيج الجمعوي؟
< فعلا, هناك تشابه لكن بالنسبة إلينا فإننا نعمل مباشرة مع الإدارات، بينما المجتمع المدني يرافع من أجل أفكار ويدعو إليها ولكن ليست له أي سلطة وليست له علاقة مع الإدارة، وهو عكس عملنا نحن حيث يخول لنا القانون الولوج إلى المعلومة والعمل مباشرة مع الحكومة بمن في ذلك الوزير الأول، كل ذلك يمكننا من ولوج المعلومة والعمل مع أطر مختلف الإدارات لكي نصل إلى حلول، عبر إيجاد خطط عمل والتنسيق معها، كما أن القانون يخول لنا أيضا الإشراف على تنفيذ التوصيات ومتابعتها وليس فقط إصدارها وكذلك تقييم تنفيذها، كما سنقوم كل سنة بإنجاز تقرير يرفع إلى جلالة الملك والوزير الأول وينشر للاطلاع عليه كذلك من طرف العموم. والعمل مع مكونات المجتمع المدني موجود بداخل الهيئة، حيث هناك 13 عنصرا من ضمن 45 عضوا، هم من الفاعلين الجمعويين، بالإضافة إلى 14 عنصرا كممثلين عن القطاع الخاص والهيئات المهنية والنقابات، و16 من الإدارات العمومية، دون أن نغفل التنسيق القائم بيننا وبين باقي مكونات النسيج الجمعوي في إطار من
التعاون.
- هناك من يرى أن طريقة التعيين في إنشاء الهيئة يجعلها غير مستقلة في عملها، بعكس لو أن أعضاءها تم انتخابهم، هل هذا صحيح؟
< أرى أن هناك تناقضا في هذا الطرح، بحيث في الوقت الذي يطالب فيه الناس بضرورة وجود صلاحيات تقريرية في مجال الزجر وهذا ليس معقولا، لأن الزجر يقتضي أن يكون هناك قضاة ومدّعون عامون، كما هو معمول به في جميع دول العالم، وهم المكلفون بالزجر ضد استعمال الرشوة ولهم الصلاحيات القانونية لذلك - يدعو فيه أصحاب هذا الطرح إلى ضرورة أن يكون أعضاء الهيئة منتخبين، تماما كما لو أننا ندعو إلى أن تكون المحاكم منتخبة، وهذا لا يمكن، لأن هناك هيئات منتخبة أخرى يشكلها البرلمان، ويمكن هنا الإشارة مثلا إلى وجود جمعية تحت مسمى «برلمانيون ضد الرشوة والفساد» تعمل في إطار هيئة دولية، ونحن على استعداد للعمل معها، فالمشكل ليس في طريقة تكوين الهيئة ولكن في طريقة عملها. ويمكن الإشارة هنا إلى تجارب دول رائدة في محاربة الرشوة مثل الهونغ كونغ مثلا التي أكد لنا المسؤولون بها أنهم قاموا بعمل جبار استغرق ما بين 10 و15 سنة، وركز عملهم هذا على العملية الزجرية والضرب على أيدي المتورطين في الرشوة، لكن بالمقابل أوضحوا لنا أن القيام بالزجر ضروري في عملية الردع ومحاربة الرشوة، ولكنه لا يمكن أن يكون عملا طويل الأمد، ويرون أن المصلحة هي في وجود هيئة للوقاية وقبلها آنذاك يمكن اللجوء إلى الزجر، انطلاقا من مقولة «بلغ السيل الزبى»، إذا يمكن تطبيق الزجر عندما لا تصبح هناك إمكانية للوقاية، وذلك لوضع حد للمتلاعبين بالقانون، دون أن نغفل بطبيعة الحال إيجاد وسائل وقائية تجعل كلفة الرشوة باهظة ومكلفة، وبالتالي تحول دون إقبال الأشخاص عليها، سواء المرتشين أو الراشين، وهذا لن يتم إذا ما لم تصبح الرشوة جريمة يعاقب عليها القانون، في عرف الناس، لأن مشكلتنا اليوم هي أن العديد من الأشخاص لا يعتبرونها جريمة رغم التنصيص قانونيا على ذلك.
اعتماد الصور كوسيلة إثبات فيه أخذ ورد!
- ما رأيكم بخصوص استعمال التصوير من طرف هواة كآلية لإثبات الرشوة؟
< هنا أعود إلى مسألة مهمة وهي التشهير بالأشخاص، سواء الراشين أو المرتشين، حيث يمكن أن تصبح وسيلة للتشهير مهمة عندما تثبت إدانة المعني بالأمر من طرف القضاء، والأمثلة التي تعطى كنماذج في إسبانيا وفرنسا مثلا، فإنها تتعلق بأشخاص ثبتت إدانتهم في جرائم اغتصاب والتهرب الضريبي، أما أن تأتي وتعطي الصلاحية لشباب ليشهروا بمن أرادوا، فإن ذلك يعتبر خروجا عن دولة الحق والقانون، وفي نظري أرى أنه أسلوب يُؤخذ به في الأنظمة الدكتاتورية، بل في الدول الفاشية التي تستعمل مثل هذه الوسائل، التي يمكن إدخالها ضمن أساليب «زورو».
- أنت إذن ضد تصوير عمليات الرشوة بالكاميرا ونشرها في المواقع الإليكترونية؟
< لا أنا لست ضد ذلك، لأني أرى التصوير هنا عملية جائزة، ولكن اعتماد هذه التقنية كوسيلة إثبات فيه أخذ ورد، ويجب الأخذ بعين الاعتبار مسألة التحري من طرف الجهات الموكول لها ذلك، وهنا يمكن الإشارة إلى أن إدارة الدرك قامت بدورها عندما تم تصوير دركيين، وهنا أحبذ بالمقابل إيجاد الوسائل الكفيلة بحماية الشهود والمبلغين حتى يصبحوا قادرين على الإدلاء بشهاداتهم بوجه مكشوف، هذا مع العلم أن هناك أنواعا من الرشوة لا يمكن ضبطها بالتصوير، وهنا نسوق كمثال على ذلك الرشوة في إطار العلاقة بين الطالب وأستاذه المشرف على أطروحته لتحضير الدكتوراه، حيث يأخذ الأستاذ مقابلا ماليا، فلا يمكن الحديث هنا عن إمكانية التصوير لصعوبة ذلك، من هنا فإنه بالإضافة إلى الوسائل القانونية والزجرية لا بد من القيام بعمليات تحسيسية وتربوية ناجعة ومتكاملة، لذلك لا يمكن الاعتماد فقط على طريقة التصوير التي يمكن أن يكون لها طابع استعراضي فقط، وإني أشك في نجاعتها على المدى البعيد، وفي ملاءمتها مع شروط دولة الحق والقانون وشروط حرية الأفراد وكرامتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.