خلال 4 أشهر.. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك بإقليم تطوان    هزيمة جديدة للمغرب التطواني أمام اتحاد تواركة    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    قرار محكمة العدل الأوروبية.. فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    إسبانيا تتمسك بسيادة المغرب على الصحراء    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    وزارة الخارجية: المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبودرار: المغرب ملزم بإيجاد أكثر من هيئة لمحاربة الرشوة
اعتبر أن تصوير المتورطين في الرشوة هو تشهير بهم في غياب الأدلة
نشر في المساء يوم 23 - 07 - 2009

يرى رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، عبد السلام أبودرار، أن عمل الهيئة التي بدأت تشتغل منذ ستة أشهر، هو وقائي بالدرجة الأولى، لكن يمكنها إحالة الملفات, التي تتوفر على أدلة استعمال الرشوة، على القضاء وتنصيب نفسها طرفا في القضية، مشيرا إلى أن تصوير, المتورطين في الرشوة هو تشهير بهؤلاء إذا لم يستند إلى دليل، ويتناقض مع حرية الأفراد ودولة الحق والقانون، قبل أن يقول بجواز التصوير بل العمل على ضمان حماية الشهود على استعمال الرشوة ولكن في حالة وجود أدلة فقط، وداعيا في نفس السياق إلى عدم الأخذ بأساليب قديمة كطرق عمر بن الخطاب، كما قال، أو بأسلوب «زورو» من خلال التصوير خلسة لموظفين في حالة ارتشاء
- هل يمكن أن نعطي تقييما لهذه الفترة القصيرة من عمر الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة؟
< نريد التذكير أولا أن أول اجتماع للهيئة كان في شهر يناير من السنة الجارية، لذلك فإنه إذا أردنا أن نقوم بجرد فالأمر يتعلق بفترة ستة أشهر، وهو عمر هذه الهيئة في الواقع، والذي تم تكريسه للقضايا الداخلية للهيئة من أجل إيجاد الأسس القانونية والتقنية التي يمكن العمل على أساسها لمدة أربع سنوات، هي أجل الولاية الحالية للهيئة. وانكب أعضاء الهيئة على صياغة قانون داخلي وانتخاب الهيئات وإيجاد موظفين للهيئة، ثم وضع استراتيجية وخطة عمل مناسبة. ولحد الآن تم عقد ثلاثة اجتماعات، بدل اجتماعين في السنة فقط، كما ينص على ذلك القانون، دون أن نغفل إقامة دورة دراسية، مع العلم أن اللجنة المركزية كانت تجتمع شهريا، وخلال الستة أشهر التي مرت على تأسيس الهيئة، اجتمع أعضاء اللجنة المركزية ست مرات، وقد استطعنا إنشاء مجموعات عمل قطاعية حول عدد من القضايا كالصفقات العمومية ومسألة احترام القوانين والتشريع وكذا إصلاح الإدارة والإدارة الإلكترونية وتبسيط المساطر. وإجمالا يمكن القول إنه رغم هذه الفترة القصيرة فإننا نتوفر اليوم على رصيد محترم تشير إليه الوثائق المتوفرة، هذا مع التأكيد على إيماننا الراسخ بأن العمل طويل الأمد لابد له من إجراءات قصيرة الأمد ذات مردودية سريعة، ومن ذلك مثلا العمل مع وزارة الصحة من أجل إيجاد الخط الأخضر لإتاحة الفرصة للمواطنين لتقديم شكاواهم، وكذلك العمل مع وزارة النقل لتطويق مشاكل القطاع التي لا تتلخص فقط في ما يتعلق بالسير على الطرقات، بل أيضا في مسألة منح رخص السياقة. ومن بين الخطوات التي تم قطعها هناك العمل مع وزارة الداخلية في مجال الصفقات العمومية بالجماعات المحلية، وكذلك في ما يتعلق بتلقي ملفات الرشاوى من طرف المشتكين باعتبار أن المغرب كغيره من البلدان التي تعرف نسبا كبيرة في الأمية، فإن الرشوة تكون حاضرة بقوة كذلك. كما قمنا بتقييم برنامج الحكومة في ما يتعلق بمحاربة الرشوة، بالإضافة إلى عدد من الإجراءات الإدارية التي تدخل ضمن صميم التنظيم القانوني والإداري للهيئة. وللتذكير فإننا بصدد وضع مساطر إجرائية من أجل أن تأخذ الشكاوى المعروضة علينا طريقها الصحيح، سواء بإحالتها على ديوان المظالم أو بتحويلها إلى القضاء للمتابعة القضائية.
- هناك من يرى بأن وجود هذه المؤسسة غير ذي جدوى ما دامت هناك قطاعات حكومية مختلفة تحرس على تطبيق القانون والوقاية من الرشوة، كل قطاع من موقعه، فما هي مبررات وجود هذه الهيئة الجديدة؟
< يمكن القول إن المغرب ملزم بإيجاد مثل هذه الهيئة، هذا إذا لم نقل إن بلادنا ملزمة بإيجاد هيئات أخرى، خاصة بعد مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الرشوة، مما فرض عليه إحداث هيئات مستقلة للوقاية من الرشوة ومحاربتها. وعلى مستوى البرامج القطاعية فإننا نلاحظ، على غرار باقي دول العالم، أننا لا نعمل من أجل خطة بعيدة الأمل، وهو ما يقتضي إيجاد آليات أخرى من أجل خلق استراتيجية متكاملة، وكذا هيئة أو هيئات للتنسيق في العمل من أجل محاربة الرشوة. ويعتبر عمل هذه الهيئة وقائيا بالأساس، لذلك يجب رفع اللبس لأن هناك خلطا كبيرا لدى البعض، فالهيئة لا تقوم بالتحري أو المتابعة والعقاب، بل إن دورها وقائي، كخطوة أولى اتخذها المغرب من أجل محاربة الرشوة عبر السلطة القضائية طبعا، والتي هي وحدها الجهة التي تقوم بالزجر. وسنقوم بتقييم أداء وعمل محكمة العدل الخاصة التي كان موكولا إليها دراسة الملفات المتعلقة بالرشوة، وذلك من أجل تطوير هذه التجربة، وإيجاد محاكم متخصصة مثلا في الردع ضد الرشوة وإصلاح الترسانة القانونية وغيرها، وهذا ما نقوم به الآن، حيث يمكن تطوير آليات اشتغال هذه الهيئة أو إحداث هيئات أخرى موازية لها ومكلفة بمجال محاربة الرشوة.
- في سياق عمل الهيئة اليومي ألم يقع اصطدام، إن صح القول، بين هذه الهيئة وبعض القطاعات الحكومية على اعتبار أن بعض جهات الإدارة تقوم هي الأخرى بالوقاية من الرشوة؟
< لم يحدث بتاتا أن حدث هناك اصطدام، ولا أرى أن هناك إمكانية لحدوث ذلك مع أي كان من أطراف الحكومة، وجميع القطاعات، بدءا من رأس الهرم، الذي أعلن عن إرادة سياسية قوية، وكذلك على مستوى الحكومة نفسها، فكل الجهات التي اتصلنا بها رصدت إمكانيات ووسائل وخبرات من أجل التعاون مع الهيئة ودعم إمكانياتها، والدليل على ذلك هو أن مكونات الهيئة والذين أتوا من قطاعات حكومية مختلفة هم ذوو مستوى عال، ويعملون بتنسيق كبير، لكن عمل الهيئة هو عمل طويل الأمد, لذلك لا يمكن بين عشية وضحاها أن تصلح كل شيء وتبسط المساطر في الإدارة أو بنود الصفقات العمومية أو تصدر قانون ولوج المعلومة، وكذلك ليس بسرعة يمكن خلق آلية لحماية ضحايا الرشوة والمخبرين عنها والشهود، إنها وسائل وأدوات اشتغال ينبغي التهييء لها بشكل جيد، لتفادي أي اصطدام مع أي كان.
- ألا ترى أن الشعور بإمكانية الوقوع في مثل هذه الاصطدامات سيجعلكم تنأون بالهيئة بعيدا عن مقاربة مجالات حساسة كالدرك مثلا والأمن والقضاء؟
< يمكن القول إن أول من طلب منا على الأقل إلقاء محاضرات في مدارسهم ومراكزهم العليا، هم الدرك والأمن ومدرسة تكوين رجال السلطة، ولم يطلبوا من ممثل الهيئة فقط أن يقدم دروسا بالمراكز التابعة لهذه الأجهزة، بل طُلب ذلك من ترانسبارنسي المغرب أيضا، حيث قدمنا محاضرات حول الرشوة وكذلك حول مجالاتها، خاصة في السير على الطرقات والذي قد يؤثر على سمعة البلاد, كما قد يؤثر على المواطنين أيضا، وهنا يمكن الإشارة إلى أنني شخصيا لم أقل إني لا أهتم بمن يسمى «قناص تارجيست» أوغيره، ولكني أقول إنه ليس من صلاحياتي ذلك، ودوري يبدأ قبل حدوث مثل هذه التصرفات، من خلال العمل على أن لا تروج الأموال على الطرقات، ومن ذلك أيضا أن لا يتم أداء الذعائر بالطرقات حتى لا تتم مفاوضات بين الشرطي أو الدركي ومستعملي الطريق، ويجب أن تكون وسائل إثبات قوية لتبرير مخالفة مستعمل الطريق كوجود صورة مثلا بالنسبة لمرتكب المخالفة وأن يتم تشديد المراقبة وعدم الاكتفاء فقط بالدوريات، بل أن تكون كذلك مراقبة متخفية من أجل القبض على المتلبسين، لأن المشكل يكمن في صعوبة إثبات حالة الرشوة، كما ندعوإلى تغيير المداومة على الطرقات وتغيير العناصر. إننا سنعمل من أجل الوصول إلى ضمانات لحماية الشهود والمبلغين والضحايا والخبراء، بعد أن يكون هؤلاء أدلوا بما يثبت تعرضهم للرشوة، ولذلك فإننا نعمل حاليا على إيجاد مشروع قانون لحماية هؤلاء جميعا.
- خلال المحاكمة التي يتابع فيها عضو هيئة المحامين بالرباط، سعيد يابو، أُثيرت مسألة ارتشاء القضاء، فهل بإمكانكم التعاون مع هيئة المحامين من أجل إثبات هذا النوع من الارتشاء؟
< الإمكانيات متوفرة لدينا من خلال تواجد عدد من الهيئات وممثلي المجتمع المدني بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، بما فيها هيئة المحامين، لذلك ينبغي رفع اللبس لدى البعض من كون هيئة الوقاية من الرشوة هي جهاز إداري، فالنقيب عبد الرحيم الجامعي موجود بالهيئة كما أن ممثلي جمعية ترانسبارنسي موجودون بالهيئة وكذا ممثلي هيئة حماية المال العام، نحن لسنا فقط على استعداد للتعاون مع كل هذه الأطراف، ولكننا نعمل على التنسيق في ما بيننا بشكل مستمر ودائم، غير أننا ملزمون بالعمل في إطار القانون، ولا يمكننا العمل بطرق قديمة كطرق عمر بن الخطاب أو بأساليب «زورو» من خلال تكليف أناس بالتصوير خفية لموظفين في حالة ارتشاء مثلا، وعلينا العمل في إطار القانون لأن مثل هذه القضايا تهم الحريات العامة وتهم سمعة وكرامة الناس، من هنا فإن القانون يضمن حدودا وضوابط يجب العمل بها، وإذا ثبت مثلا أن جهاز القضاء، وهو الجهاز المفروض فيه الاستقلالية والنزاهة، توجد به آفة الرشوة، فلا يمكن نسيان أن هذا الجهاز هو أيضا يتخبط في مشاكل مختلفة، لذلك فإن مثل هذه القضايا يجب أن تكون لنا حافزا للعمل على إصلاح القضاء وليس من أجل تجاوزه والعمل خارج نطاق القوانين، ومثل هذه الطرق لا نجدها إلا في الأنظمة الديكتاتورية والتي لا تؤدي في الغالب، وعوض إصلاح المجتمع، إلا إلى التصادم وتصفية الحسابات، وليس النزيه هو من يصرخ دوما وكثيرا، ففي الغالب فإن غير النزهاء هم من يقومون بخلق المكائد، وعندنا مثلا في هذا السياق نموذج مسؤول قضائي، حيث أثيرت في الشمال قضية نائب وكيل الملك، الذي نصبت له مكيدة وتم تسجيله, بينما الأمور كانت عادية ولا تستحق ال
إثارة.
- بالنظر إلى أن عملكم هو عمل وقائي بالأساس، أين ينتهي دوركم ليبدأ العمل الزجري من طرف الجهات المكلفة بذلك؟
< تنبغي الإشارة إلى أن العمل الوقائي يسهل بشكل فعال العمل الزجري، وإذا تم إصلاح الترسانة القانونية وأزلنا الثغرات التي تسمح للمرتشين بالقيام بأعمالهم المنافية للقوانين، فإننا سنسهل بكل تأكيد عمل الجهات القضائية، وبالمقابل فإن ذلك سيحول دون وجود أناس مرتشين في كل المجالات. الأمر إذن يتعلق هنا بضرورة وجود قوانين للضرب على أيدي المرتشين وتبسيط المساطر وتشديد الوسائل الزجرية، وبالإضافة إلى العلاقة غير المباشرة مع الجهات الأخرى، هناك علاقة مباشرة بحيث إننا مخولون بتلقي الشكاوى، التي تتم دراستها من طرف أجهزة الهيئة، فنقف عند ملفات لا تهمنا لكونها لا تتعلق بالرشوة، بقدر ما تتعلق بصراعات بين أشخاص أو غير ذلك، ولا يستطيع أصحابها إثبات وجود حالة رشوة، لذلك لا يمكن تبني ملف إلا إذا كان يتوفر على وسائل إثبات فتتم إحالته على السلطات القضائية من أجل المتابعة وتبقى الهيئة طرفا في الموضوع، وتصبح الجهات القضائية ملزمة بالعودة إلينا بما آلت إليه القضية، وأما إذا كان لدينا شك فإنه يمكن الاستشارة مع وزارة العدل في هذه الحالة في ما إذا كان بالإمكان تحريك المتابعة أم لا.
- يُستشف من خلال عملكم الوقائي أنه لا يختلف كثيرا عن عمل نشطاء المجتمع المدني، هل هناك تقاطع بينكم وبين مكونات هذا النسيج الجمعوي؟
< فعلا, هناك تشابه لكن بالنسبة إلينا فإننا نعمل مباشرة مع الإدارات، بينما المجتمع المدني يرافع من أجل أفكار ويدعو إليها ولكن ليست له أي سلطة وليست له علاقة مع الإدارة، وهو عكس عملنا نحن حيث يخول لنا القانون الولوج إلى المعلومة والعمل مباشرة مع الحكومة بمن في ذلك الوزير الأول، كل ذلك يمكننا من ولوج المعلومة والعمل مع أطر مختلف الإدارات لكي نصل إلى حلول، عبر إيجاد خطط عمل والتنسيق معها، كما أن القانون يخول لنا أيضا الإشراف على تنفيذ التوصيات ومتابعتها وليس فقط إصدارها وكذلك تقييم تنفيذها، كما سنقوم كل سنة بإنجاز تقرير يرفع إلى جلالة الملك والوزير الأول وينشر للاطلاع عليه كذلك من طرف العموم. والعمل مع مكونات المجتمع المدني موجود بداخل الهيئة، حيث هناك 13 عنصرا من ضمن 45 عضوا، هم من الفاعلين الجمعويين، بالإضافة إلى 14 عنصرا كممثلين عن القطاع الخاص والهيئات المهنية والنقابات، و16 من الإدارات العمومية، دون أن نغفل التنسيق القائم بيننا وبين باقي مكونات النسيج الجمعوي في إطار من
التعاون.
- هناك من يرى أن طريقة التعيين في إنشاء الهيئة يجعلها غير مستقلة في عملها، بعكس لو أن أعضاءها تم انتخابهم، هل هذا صحيح؟
< أرى أن هناك تناقضا في هذا الطرح، بحيث في الوقت الذي يطالب فيه الناس بضرورة وجود صلاحيات تقريرية في مجال الزجر وهذا ليس معقولا، لأن الزجر يقتضي أن يكون هناك قضاة ومدّعون عامون، كما هو معمول به في جميع دول العالم، وهم المكلفون بالزجر ضد استعمال الرشوة ولهم الصلاحيات القانونية لذلك - يدعو فيه أصحاب هذا الطرح إلى ضرورة أن يكون أعضاء الهيئة منتخبين، تماما كما لو أننا ندعو إلى أن تكون المحاكم منتخبة، وهذا لا يمكن، لأن هناك هيئات منتخبة أخرى يشكلها البرلمان، ويمكن هنا الإشارة مثلا إلى وجود جمعية تحت مسمى «برلمانيون ضد الرشوة والفساد» تعمل في إطار هيئة دولية، ونحن على استعداد للعمل معها، فالمشكل ليس في طريقة تكوين الهيئة ولكن في طريقة عملها. ويمكن الإشارة هنا إلى تجارب دول رائدة في محاربة الرشوة مثل الهونغ كونغ مثلا التي أكد لنا المسؤولون بها أنهم قاموا بعمل جبار استغرق ما بين 10 و15 سنة، وركز عملهم هذا على العملية الزجرية والضرب على أيدي المتورطين في الرشوة، لكن بالمقابل أوضحوا لنا أن القيام بالزجر ضروري في عملية الردع ومحاربة الرشوة، ولكنه لا يمكن أن يكون عملا طويل الأمد، ويرون أن المصلحة هي في وجود هيئة للوقاية وقبلها آنذاك يمكن اللجوء إلى الزجر، انطلاقا من مقولة «بلغ السيل الزبى»، إذا يمكن تطبيق الزجر عندما لا تصبح هناك إمكانية للوقاية، وذلك لوضع حد للمتلاعبين بالقانون، دون أن نغفل بطبيعة الحال إيجاد وسائل وقائية تجعل كلفة الرشوة باهظة ومكلفة، وبالتالي تحول دون إقبال الأشخاص عليها، سواء المرتشين أو الراشين، وهذا لن يتم إذا ما لم تصبح الرشوة جريمة يعاقب عليها القانون، في عرف الناس، لأن مشكلتنا اليوم هي أن العديد من الأشخاص لا يعتبرونها جريمة رغم التنصيص قانونيا على ذلك.
اعتماد الصور كوسيلة إثبات فيه أخذ ورد!
- ما رأيكم بخصوص استعمال التصوير من طرف هواة كآلية لإثبات الرشوة؟
< هنا أعود إلى مسألة مهمة وهي التشهير بالأشخاص، سواء الراشين أو المرتشين، حيث يمكن أن تصبح وسيلة للتشهير مهمة عندما تثبت إدانة المعني بالأمر من طرف القضاء، والأمثلة التي تعطى كنماذج في إسبانيا وفرنسا مثلا، فإنها تتعلق بأشخاص ثبتت إدانتهم في جرائم اغتصاب والتهرب الضريبي، أما أن تأتي وتعطي الصلاحية لشباب ليشهروا بمن أرادوا، فإن ذلك يعتبر خروجا عن دولة الحق والقانون، وفي نظري أرى أنه أسلوب يُؤخذ به في الأنظمة الدكتاتورية، بل في الدول الفاشية التي تستعمل مثل هذه الوسائل، التي يمكن إدخالها ضمن أساليب «زورو».
- أنت إذن ضد تصوير عمليات الرشوة بالكاميرا ونشرها في المواقع الإليكترونية؟
< لا أنا لست ضد ذلك، لأني أرى التصوير هنا عملية جائزة، ولكن اعتماد هذه التقنية كوسيلة إثبات فيه أخذ ورد، ويجب الأخذ بعين الاعتبار مسألة التحري من طرف الجهات الموكول لها ذلك، وهنا يمكن الإشارة إلى أن إدارة الدرك قامت بدورها عندما تم تصوير دركيين، وهنا أحبذ بالمقابل إيجاد الوسائل الكفيلة بحماية الشهود والمبلغين حتى يصبحوا قادرين على الإدلاء بشهاداتهم بوجه مكشوف، هذا مع العلم أن هناك أنواعا من الرشوة لا يمكن ضبطها بالتصوير، وهنا نسوق كمثال على ذلك الرشوة في إطار العلاقة بين الطالب وأستاذه المشرف على أطروحته لتحضير الدكتوراه، حيث يأخذ الأستاذ مقابلا ماليا، فلا يمكن الحديث هنا عن إمكانية التصوير لصعوبة ذلك، من هنا فإنه بالإضافة إلى الوسائل القانونية والزجرية لا بد من القيام بعمليات تحسيسية وتربوية ناجعة ومتكاملة، لذلك لا يمكن الاعتماد فقط على طريقة التصوير التي يمكن أن يكون لها طابع استعراضي فقط، وإني أشك في نجاعتها على المدى البعيد، وفي ملاءمتها مع شروط دولة الحق والقانون وشروط حرية الأفراد وكرامتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.