ما هو أفق محاربة الرشوة في ظل تعيين عبد السلام أبو درار رئيسا للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة؟ سواء تم تعيين أبو درار أو غيره، أو تم تعيين هذه الهيئة بأشخاص أو غيرهم من الأشخاص، فلا يمكن أبدا تغيير واقع الرشوة واستفحالها في المغرب؛ نظرا لأن القانون المنظم للهيئة يجعل منها هيئة لا يمكن أن تقدم أي جديد، فحسب تركيبتها، يلاحظ حضور الدولة بشكل قوي في تركيبتها التنظيمية، وبالتالي الأغلبية الساحقة للأعضاء هم موالون للإدارة، ولا يمكن أن يحركوا أي ملف من الملفات المتعلقة بالرشوة. كما أن الأعضاء من هيئات المجتمع المدني الأخرى هي موزعة بين هيئات لا علاقة لها بالرشوة، وبالتالي سيكونون بعيدين عن هذا الأمر، فضلا عن صعوبة محاربة الرشوة بقانون جامد وأهداف تتوخى الوقاية فقط، ولا تهدف المحاربة، وأظن أن هذا القانون ما زال يشجع على الرشوة؛ على اعتبار أن هناك بندا واحدا من ضمن اختصاصات الهيئة، وهو بند محتشم، يعطي الصلاحية للمجلس أنه إذا رأى أن هناك ملفا من ملفات الرشوة يحيله على القضاء، ولذلك لا يمكن أن نعول على هذه الهيئة بهذا الشكل؛ سواء من الناحية القانونية أو من الناحية التركيبة. هل يمكن إيجاد حلول عملية لظاهرة الرشوة المستشرية في العديد من القطاعات؟ لا يمكن أن تحارب الرشوة نهائيا، لقد استمعت إلى الخطاب الملكي وأعدت قراءته مكتوبا بالجرائد، ووجدت أن الخطاب الملكي يشير إلى اصطلاح يعبر عن محاربة الرشوة وليس الوقاية من الرشوة، واعتبر أن هناك إرادة ملكية لمحاربة الرشوة، فهل سيأخذ المسؤولون هذا الخطاب مأخذ الجد، والذي يتوخى محاربة الرشوة ونهب المال العام، أم أن الأمر سيظل كما هو، أي أن الملك يلقي خطابا، ويضل واقع الرشوة ونهب المال العام والمحسوبية كما هو ، ولا يتغير أي شيء وكأن الملك يخطب لأشخاص آخرين. وكيف تتصور حل هذه المشكلة ؟ أن تكون إرادة سياسية حقيقية، وإنجاز هذا الإرادة عبر قوانين صارمة، كما أن قانون الهيئة المركزية لا يعبر عن إرادة لمحاربة الرشوة، ووزارة العدل بإجراءاتها وسياستها لا تعبر عن محاربة الرشوة، لذا فإنه إذا لم تتخذ إجراءات عملية من أجل الدخول في الديمقراطية وحماية المال العام وحماية الثروة الوطنية؛ لا يمكن أن نفكر في أن الدولة انخرطت في محاربة الرشوة، لأن هذه الأخيرة سرطان يسكن في الجهاز الإداري المغربي بشكل قوي، ومحاربته لا تكون بمساطر بسيطة، ولكن بإرادة سياسة تشمل إعمال الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة نهب المال العام ، فمحاربة الرشوة تدخل في إطار مشروع مجتمعي متكامل من أجل عدم الإفلات من العقاب، ومن أجل القدرة على الوصول إلى أولائك الأشخاص الذين يعيشون بالرشوة، وأتحدث هنا عن الرشوة التي تساوي الملايير والصفقات الكبرى التي تمر بطرق غير قانونية، والتي تخرب الاقتصاد الوطني وتنشر التخلف. محاربة الرشوة تأتي في سياق دمقرطة المجتمع والإدارة ومحاربة نهب المال العام، وكل الأساليب اللاقانونية التي تشجع على الإثراء بدون قانون. لحبيب حاجي هو المنسق الوطني للهيئة المغربية للضحايا فاضحي الفساد