أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بمسجد محمد السادس ببوعرفة. (ح م) وأبرز الخطيب في مستهل خطبة الجمعة، أن دين الإسلام، الذي أكرم به الله تعالى الأمة المحمدية، تضمن جملة من المبادئ والأحكام، واشتمل على كريم الأخلاق وجميل الخصال، من بينها مبدأ الوفاء بالعهد. وأضاف أن الدين الإسلامي يكره أن تداس الفضائل في سوق المنفعة، وأن تنطوي دخائل الناس على هذه النيات المغشوشة، ويوجب الشرف على الفرد والجماعة، حتى تصان العقود مهما كانت الأسباب والنتائج والمغريات والشبهات، مبرزا أن شرف الأفراد والجماعات، منوط بفضيلة الوفاء، مهما كلف الوفاء صاحبه من مغارم وتضحيات، "ويبقى الخلود دائما للشرف والوفاء، وتبقى الأمجاد لأهل الصدق والعفة والمروءة". وأشار الخطيب إلى أن القرآن الكريم ذكر، لما قضى على كثير من الأمم الغابرة بالهلاك والدمار، أن من أسباب ذلك غدرها ونكوصها، موضحا أنه "يكفي تشنيعا لنقض العهد والميثاق، أنه عده خصلة من خصال النفاق". وامتدح الله عز وجل، يضيف الخطيب، عباده المؤمنين، وحكم لهم بالفوز والفلاح والنجاة يوم القيامة، لرعايتهم ووفائهم بالعهد، مبرزا أن أنبياء الله ورسله كانوا من الصادقين الموفين بعهودهم، وكان أفضلهم محمد عليه الصلاة والسلام، الذي كان كثيرا ما يستعيذ بالله من الخيانة . وقال الخطيب "فليتق الله كل مؤمن في أمانته وعهده، فسوف يسأل يوم القيامة عن كل عهد ضيعه، وكل عقد وميثاق نقضه، والعاقبة، والعياذ بالله، اللعنة وسوء الدار". واستعرض أنواع العهود، التي يلتزم بها المسلم ويكون مسؤولا عن الوفاء بها وحفظها وصيانتها أمام الله تعالى، وأولها عهد بين العبد وربه، وهو العهد الذي أخذه الله على بني آدم، وهم في أصلاب آبائهم قبل وجودهم في هذه الدنيا، وثانيها، عهد بين المسلم وأخيه الإنسان، في العقود والمعاملات، والشروط الجائزة المباحة، "لأن المسلمين عند شروطهم، يجب الوفاء بذلك كله، ويحرم نقضه سواء كان بين مسلم ومسلم، أو بين مسلم وغير مسلم". أما ثالث أنواع هذه العهود، يضيف الخطيب، فهو العهد الذي يكون في ذمة المسلم لأميره بالولاء والبيعة الشرعية، مع الإخلاص والطاعة، التي أوجبها الحق سبحانه لولي الأمر. وفي هذا الصدد، أكد الخطيب أن الوفاء للوطن وصيانة حرمته، والذود عن كيانه، والوفاء للأمة ومقوماتها وثوابتها، والتصدي بقوة للكائدين لها والمتآمرين عليها، يعد من صميم الوفاء بالعهود والمواثيق، مشددا على أنه "لا يخذل أوطانهم إلا من جبلوا على الخيانة وحبك الدسائس، والله من ورائهم محيط، يعلم سرهم ونجواهم، وما يبدون وما يكتمون". وفي الختام ابتهل الخطيب إلى العلي القدير بأن ينصر أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصرا عزيزا، يعز به الإسلام، ويحفظه بما حفظ به الذكر الحكيم، وأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد أزر جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى الله عز وجل بأن يتغمد بواسع مغفرته ورحمته، فقيدي العروبة والإسلام جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، وأن يلحقهما بالصالحين.