يغلب على حديثه طابع التحليل أكثر من النقد، ويكرر، بين الفينة والأخرى، قوله "من السهل أن ننتقد، لكن من الصعب أن نبني"، معترفا، في الآن نفسه، أن النقد واجب، شريطة أن يكون نقدا بناء، وليس نقدا هداما.يرى المخرج المغربي، كمال كمال، أن السينما المغربية لم تناقش قضايا المرأة بعمق، ولديه نظرة فلسفية تجنح إلى التحرر من كل القيود، معتبرا الحرية أساس ومصدر كل إبداع وتطور، ساعيا، في كل عمل جديد يقدمه، إلى إبراز خاصية الحرية، وانعكاسها على سعادة الإنسان وكرامته، وحقه في الحياة. في فيلمه "طيف نزار"، يضع كمال رجلا وامرأة في مختبر لفحص قيمة الذات، جاعلا من المرأة (الزوجة) مصدر الإحساس بالحب، والتمتع بالحياة، في مواجهة رجل (زوج) يعمل قاضيا، ولا يعرف سوى تطبيق القوانين، يسيطر عليه جمود المحاكم وبرودة رفوف الأرشيف، يتصرف كرجل آلي، مبرمج بقواعد وضعها الآخر، فيما هو لا يعرف سوى التطبيق والانضباط، ما جعل حياته الخاصة، وحياة من يعيش معه، مثل لوحة جامدة، خالية من أي جمال. بلمسة ناعمة، ترسم المرأة (الزوجة) طريق المتعة والنعمة، وعلى هاجس "طيف نزار"، في إشارة إلى نزار قباني، الذي يعتبره المخرج "المحرر التاريخي لذوات النساء العربيات"، استطاعت الزوجة أن تغير مسار الزوج القاضي، وتحوله من حديد صلب إلى سائل لامع، ثم إلى هواء يملأ البيت دفئا وعطرا، ويصبح "القاضي المبجل"، بين عشية وضحاها، رجلا محبا للحياة، مكتشفا جمالها. وبذلك، فإن الذي يصدر الأحكام لتصحيح مسار حياة الآخرين، عليه، أولا، أن يكون مدركا للحياة، وهو ما اهتدى إليه بطل الفيلم، وهو يرتشف فنجان قهوة لم يتذوق طعمها من قبل. يقول كمال كمال ل"مساواة" إن "نزار قباني، بشعره، أعطى المرأة العربية فرصة للإحساس بذاتها، محدثا تلك الثورة، التي أخرجتها إلى الوجود، بعدما كانت ملفوفة في طقوس مظلمة وعادات ظالمة"، مضيفا أن المرأة، التي يحرمها البعض من الحرية، تعتبر، في الوقت ذاته، مصدرا للحرية، مشيرا أن "المرأة العربية، عموما، عرفت تطورا مهما، غير أن هذا التطور لم يحظ، بعد، بالمكانة اللازمة في المجتمع العربي، لأن عقلية الرجل العربي تقاوم التغيير". وفي مسألة النهوض بوضع المرأة، يرى كمال كمال أن التقدم يجب أن ينبني على أسس صحيحة، وفي مقدمتها التعليم، والتوعية، وحرية التفكير، مضيفا أن "الحرية هي نقطة وسط بين رذيلة الاستعباد ورذيلة الوقاحة". وقال، أيضا، إن مسألة المساواة يجب أن تخرج من دائرة الصراع بين المرأة والرجل، وتوضع على طاولة وعي كل منهما بعقلية الآخر. وبشأن موقع المرأة في السينما المغربية، يرى كمال أن الموضوع يطرق، في الغالب، بطريقة سطحية، باستثناء بعض الأفلام مثل "نساء ونساء"، و"محاكمة امرأة"، و"عيون جافة"، و"الراكد"، معللا ذلك بكون السينما المغربية لم تناقش قضايا المرأة بعمق، وقال، إنها "لم تقدم بعد الكثير للمرأة المغربية". وبخصوص ما يمكن أن تقدمه السينما في موضوع المرأة، أكد المخرج أن "الأمر يتعلق بالفن السابع، وهو مجموعة من الفنون، وما يفترض في الفن، هو التعبير، بكل حرية، عن الواقع، والرقي بوضع المجتمع"، موضحا أن "على المخرجين في المغرب أن يستفيدوا من جو الحرية السائد في البلاد، وهي حرية منقطعة النظير في باقي البلدان العربية والإسلامية الأخرى". وختم كمال قوله بأن "المغرب أصبح ينتج، حاليا، نحو 15 فيلما في السنة، ويتطلع إلى إنتاج ما بين 20 و25 فيلما سنويا، وهو رقم لم نكن نحلم به في زمن مضى". على هذه الخلفية الفكرية، يتصرف المخرج السينمائي المغربي، كمال كمال، الذي أطلق صرخته الأولى في مدينة بركان، عام 1961، ودرس الفن السابع في المعهد الحر للسينما في باريس، بفرنسا، وتخصص في شعبة السيناريو، وهو اليوم متزوج، وأب لثلاثة أطفال، وصاحب خمسة أفلام، أضافها إلى تاريخ السينما المغربية، هي "طيف نزار" (2001)، و"سيد الغابة" (2005)، و"السانفونية المغربية" (2006)، و"الركراكية" (2008)، ثم "الصالحة"، الذي انتهى من إخراجه هذا العام، ولم يعرض بعد.