ألقت وزيرة الصحة، ياسمينة بادو، بكرة قضية الإجهاض في ملعب "الدين والسياسة"، لإيجاد حل متوافق بشأنه، للتعاطي مع هذه الظاهرة، حين قالت إن "أي معالجة لعملية الإجهاض لابد أن تكون محط إجماع وطني، بمقاربة شمولية، من خلال آراء جميع الفرقاء، من حكومة، وعلماء دين، وأطباء، وسياسيين". وأقرت وزيرة الصحة، أمام مجلس النواب، يوم الأربعاء المنصرم، بالتزايد الملحوظ لظاهرة الإجهاض في المجتمع، مسجلة أن "الإجهاض أصبح واقعا نعيشه كل يوم، وهو في تزايد"، مبرزة أن "ملف الإجهاض، بتعقيداته، ليس قضية تهم وزارة الصحة وحدها، بل قضية وطنية". وعادت الوزيرة الاستقلالية وهي تجيب عن تساؤل للنائبة فتيحة العيادي، عن فريق الأصالة والمعاصرة، لتوضح أن "البحث عن إجماع وطني لمواجهة ظاهرة الإجهاض، يعكس سعي الوزارة إلى صياغة مشروع مجتمعي لا يتعارض مع مقوماتنا الإسلامية، وأحد الحقوق الأساسية للإنسان، المتمثلة في الحق في الحياة، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف، التي تستوجب الإجهاض، كضرورة للمحافظة على صحة حياة الأم". ولم تقدم وزيرة الصحة أي معطيات رقمية حول الإجهاض بالمغرب ولا عدد الأطباء المعاقبين لارتكاب جريمة الإجهاض. واكتفى مصدر حكومي مسؤول بالقول ل"المغربية"، إن "الإجهاض، كعمل إجرامي، يرتكب في السر، لا يساعد على إحصائه"، دون أن يعطي تفاصيل أخرى. وتكيف جرائم الإجهاض في القانون الجنائي المغربي كجناية، بعدما صنف المشرع صنف الفاعلين في جرائم الإجهاض بين فاعل أصلي ومحرض، وقد تصل عقوبة المجهض إلى خمس سنوات، وترفع إلى الضعف في حالة الاعتياد على الإجهاض، وقد تصل إلى 20 سنة في حالة وفاة الأم، فيما تعاقب المرأة، التي تجهض نفسها، بعقوبة تتراوح بين 6 أشهر وسنتين، دون إغفال عقوبة المحرض. وتعذر على "المغربية" أخذ وجهة نظر الدكتور شفيق الشرايبي، الاختصاصي في أمراض وجراحة النساء وعلاج العقم، ورئيس مصلحة الولادة بمستشفى الليمون، بالرباط، حول الموضوع. وكان الشرايبي محط انتقادات رسمية ومهنية، إثر كشفه، قبل نحو عام، أن "حوالي ألف حالة حمل يومية تطرح مشكلا اجتماعيا بالمغرب، منها 600 حالة تتعرض لإجهاض طبي، و250 لإجهاض غير طبي، بوسائل تقليدية، و10 حالات تتابع الحمل، مع التخلي عن الرضيع أو اللجوء إلى الانتحار". وأوضح أن تلك الأرقام غير منبثقة عن دراسة علمية، وإنما هي تقديرات مرتبطة بعدد أطباء النساء والتوليد بمختلف مناطق المغرب. وتنشط جرائم الإجهاض، وفق خبراء في الميدان، بالمدن الكبرى، التي تعرف رواجا في سوق الدعارة، الراقية منها والرخيصة، وكذا وسط المتزوجات الراغبات في تحديد النسل، بمعزل عن رغبة أزواجهن. وأكد خبراء أن عمليات الإجهاض تقبل عليها المتعلمات والأميات، وأن المجهضات التقليديات ينافسن أطباء أمراض التوليد وجراحة النساء وعلاج العقم، غير المخلصين لقسم المهنة.