انتهت فعاليات الدورة 33 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على إيقاع الفشل، بعدما أصيب بعدوى "أنفلونزا" المباراة، التي جمعت المنتخبين المصري والجزائري ضمن التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم لكرة القدمهذه المبارة انتهت بتأهل المنتخب الجزائري إلى جنوب إفريقيا، مع ما رافق ذلك من تصريحات وتصريحات مضادة من هذا الجانب وذاك، قد تنتهي في نهاية المطاف بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ولم ينجح المهرجان في تقديم نفسه بالصورة، التي ألفها المتتبعون والنقاد، بسبب طغيان الجانب السياسي على المهرجان، واتجاه الجانب المصري، إلى تقليص حضور السينما المغاربية بشكل لم يسبق له مثيل، بعدما جرى تهميش السينما الجزائرية، التي كانت ضيفة شرف المهرجان، وجرى تكريمها بشكل باهت لا يرقى إلى المستوى المطلوب، ما جعل أصابع الاتهام تتوجه إلى المنظمين، الذين فرضوا حصارا فنيا على كل الأعمال القادمة من المغرب العربي. نالت السينما المغربية حظها من العقاب الفني، وعانت التهميش، بعدما جرى تأجيل عرض الفيلم المغربي "فينك الأيام" / "أقدار متقاطعة" للمخرج إدريس شويكة، المشارك في المسابقة الدولية للمهرجان في موعده المحدد بسبب مشاكل تنظيمية، كما لم يحصل فيلم "موسم المشاوشة" المشارك في المسابقة العربية، لمخرجه محمد عهد بنسودة على أي جائزة، مع أنه نال إعجاب النقاد والمتتبعين نظرا إلى الحبكة السينمائية التي ميزته، وخرج المغرب، كما هو حال تونس والجزائر خالي الوفاض، بسبب تحامل المصريين على سينما المغرب العربي، في إشارة إلى أن ما أصاب كرة القدم انعكس على جميع المناحي. من جهة أخرى، فضلت لجنة التحكيم المسابقة العربية، التي ترأسها يحيى الفخراني بعد اعتذار نور الشريف، منح جائزتي الفيلم العربي لفيلم فلسطيني، ولم تكن لجنة تحكيم هذه السنة بتلك القوة التي تسمح لها بالحكم على الأفلام المعروضة، إذ ضمت غادة عادل، والمغربية سناء موزيان، اللتان لا تملكان رصيدا ولا تكوينا فنيا يؤهلانهما للحكم على الأفلام المشاركة، حسب نقاد مصريين، عكس السنة الماضية، التي شهدت مشاركة لطيف لحلو في لجنة التحكيم، ما منح للمغرب حضورا معنويا قويا، ساهم في نيل "في انتظار بازوليني" لداود أولاد السيد، جائزة الفيلم العربي، رغم أن بعض النقاد اعتبروها جائزة لجبر الخواطر، خصوصا بعد إقصاء فيلم "كل ما تريده لولا" للمخرج نبيل عيوش في مهرجان الإسكندرية، وما خلفه من ردود أفعال من الجانبين المغربي والمصري. بخروج المغرب بخفي حنين من المسابقتين الرسميتين للمهرجان هذه السنة، بسبب أزمة كرة القدم، التي نشبت بين الجارين، يمكن القول إن السينما المغربية ذهبت ضحية حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، ما جعلها أكبر الخاسرين، خصوصا أنها كانت تستحق إحدى الجوائز، حسب العديد من النقاد والمهتمين. يبدو أن مسار المهرجان الدولي بالقاهرة سيتغير بداية من هذه السنة، إذ لم تعد تحكمه الاعتبارات الفنية، بقدر ما تتحكم فيه الاعتبارات السياسية والاقتصادية، ولا يستبعد النقاد والمحللون أن يصبح مقصلة للأفلام، التي لا ترق للمنظمين الذين تخطوا كل الأعراف والمواثيق، وخلطوا بين الفن والرياضة بشكل غريب، ليتأكد قصر نظر الإخوان المصريين في التعاطي مع المشكلات والأزمات. وليست هذه هي المرة الأولى، التي ينحو فيها مهرجان القاهرة الدولي هذا المنحى، لكنها المرة الأولى التي يتعامل بفكر انتقامي، وينهج أسلوب الإقصاء المتعمد، خصوصا أن الصحافة الجزائرية سبق لها أن هاجمت الفنانين المصريين ووصفتهم بأبشع النعوت، ما انعكس سلبا على العلاقات الفنية بين البلدين، وامتد صداه إلى باقي بلدان المغرب العربي.