يعيش مهنيو قطاع النسيج حالة من الترقب والخوف، حول مستقبل قطاعهم، الذي سيعرف حذف الرسوم الجمركية في أفق 2010، وحول قدرة قطاعهم على الصمود أمام المنافسة الحادة، وغير المتكافئة من الشركات العالمية المعروفة، التي سيخلقها هذا الحذف.قطاع النسيج يشهد واحدة من الأزمات الشديدة بسبب تداعيات الأزمة (خاص) ويتساءل العديد من مهنيي هذا القطاع، الذي عاش عدة أزمات كانت أولاها سنة 2005، تلتها أخرى تسببت فيها الأزمة المالية العالمية، حول ما إذا كان قطاعهم قادرا على مواجهة المنافسة الحادة، التي ستترتب عن إزالة الرسوم الجمركية، وفي ما إذا كانت التدابير التي اتخذتها الحكومة كفيلة بحماية القطاع، ما قد يتعرض له من تدهور، وما سيترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية على مستوى التشغيل. وكانت أولى انتكاسة عرفها قطاع النسيج، الذي يعد أول مشغل بالمغرب، سنة 2005، إذ جرى التفكيك النهائي للحصص، والذي مكن الصين من تصدير الملابس والأقمشة دون نظام حصص، الشيء الذي أدى إلى تغيير مناهج التزود لدى الشركات الأوروبية والأميركية. وبسبب هذا الإجراء، تراجعت الصادرات المغربية من النسيج سنة 2005، مقارنة مع سنة 2004، اضطرت معه الحكومة، آنذاك، إلى وضع مخطط النهوض بقطاع النسيج والألبسة، في اكتوبر2005، لخلق ديناميكية جديدة لقطاع النسيج والألبسة، انسجاما مع التطورات التي شهدتها الأسواق الدولية. واعتمد هذا المخطط على أربع ركائز استراتيجية، همت التكامل المستهدف، عبر التركيز على فروع القطاع الواعدة، وتشجيع الاستثمار، والاستجابة، والخدمة، عبر التسهيلات الجمركية، الحصول على المدخلات وتحسين ظروف الشحن والنقل، والقدرة على المنافسة، والتكيف مع العرض، عبر التمويل والمساعدة التقنية والتدريب، وتخفيض تكاليف الطاقة، إضافة إلى تنويع الأسواق، والترويج المستهدف، عبر تفعيل صندوق الترويج للقطاع. وشهدت الصادرات المغربية لقطاع النسيج والألبسة انتعاشا ملحوظا سنة 2006، بعد تفعيل هذا الإجراءات، إذ ارتفعت مداخيلها إلى ثلاثين مليار درهم، وهو رقم قياسي بالنسبة إلى القطاع، ليعيش انتكاسة أخرى، بسبب الأزمة المالية العالمية، التي أثرت على صادرات المغرب بشكل سلبي، ما أدى القطاع إلى تسريح عدد كبير من المشغلين، قدرها كريم التازي، مسير شركة كبرى تعمل في قطاع الألبسة، بحوالي 15 ألف منصب شغل. وحسب رضا الشامي، وزير التجارة والصناعة والتكنولجيات الحديثة، اتخذت الحكومة عدة إجراءات، لتمكين قطاع النسيج المغربي من التموقع على المستوى الجهوى والعالمي، إذ وقعت برنامجا تعاقديا 2009- 2015، بهدف تطوير التصدير والسوق الداخلية، كما سترافق الدولة بصفة إرادية الفاعلين المحليين في تطوير المنتجات التنافسية. كما يرى الشامي أن الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي سيمكن من ضمان مستقبل أكثر وضوحا للقطاع. ولخص الشامي التدابير، التي اتخذتها الحكومة في تطوير الأسواق الخارجية، عبر استقطاب مجمعين عالميين، الذين من شأنهم الرفع من عطاء شركات المناولة المصدرة بشكل غير مباشر، وتحفيز إنشاء "بنيات تزود" لتوفير المدخلات (أثواب و اكسسورات)، فضلا عن تحفيز إنشاء مقاولات للصباغة والطباعة، وتتميم المنتوج، ومراجعة التعريفة الجمركية على بعض المدخلات الاستراتيجية، وكذا المنتوج النهائي، وتطوير السوق الداخلية، عبر تطوير التوزيع العصري، وإحداث شارات وطنية لاستقطاب الطلب الوطني، وتحسين تنافسية قطاع النسيج، من خلال برنامج "مساندة" لتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبرنامج "امتياز"، وهو دعم مالي للدولة، باعتباره قسطا من الاستثمار، يمكن الشركات من تحقيق مشاريعها التنموية. وأعلن الشامي، خلال رده على سؤال شفهي الأسبوع الماضي، بمجلس النواب، لطمأنة مهنيي القطاع، عن إحداث مناطق لوجيستيكية متخصصة، وإصلاح التعريفة الجمركية، لتمكين مقاولات النسيج أن تكون أكثر فاعلية للاستجابة لطلب السوق المحلي والأوروبي، مضيفا أن الحكومة ستستمر، بتعاون مع القطاع الخاص، في تفعيل إجراءات الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي، لضمان استمرارية عطاء القطاع.