أكدت أمينة بنخضرة، وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، أول أمس الاثنين بورزازات، أن المشروع المغربي للطاقة الشمسية "ورش ضخم" يراهن على التوفيق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على البيئة، ومواجهة التحولات المناخية. وأوضحت بنخضرة، خلال عرض قدمته بين يدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي كان مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، بمناسبة تقديم المشروع، أن هذا الأخير سيمكن المغرب من طاقة نظيفة، تمكنه من تقليص استيراد حاجياته من الطاقة، بتوفير مليون طن من المحروقات الأحفورية سنويا، ما سيؤدي إلى تجنب انبعاث ما يناهز ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكاربون. وأضافت الوزيرة أن " المشروع المغربي للطاقة الشمسية"، الذي يتطلب إنجازه تعبئة استثمارات مالية بقيمة تسعة ملايير دولار، يسعى إلى إنشاء قدرة إنتاجية للكهرباء، انطلاقا من الطاقة الشمسية قدرتها 2000 ميغاوات في أفق 2020، أي ما يعادل ثمانية وثلاثين في المائة من القدرة الكهربائية المنشأة إلى حدود سنة 2008، وأربعة عشرة بالمائة في أفق 2020. وأشارت في السياق ذاته إلى أن المشروع سيمكن من الرفع من حجم إنتاج الطاقة الكهربائية من أصل شمسي، لتصل إلى عشرة في المائة من الطلب الوطني على الكهرباء في أفق سنة 2020. وقالت إنه سيكون بالإمكان بلوغ هذه الأهداف الطموحة بفضل المقومات، التي يتوفر عليها المغرب في هذا الميدان، والتي تشمل " مؤهلاتنا الضخمة من الطاقة الشمسية من خلال إشعاعها، الذي يفوق خمسة كيلووات/ ساعة في المتر المربع يوميا، على مدى 3000 ساعة سنويا". كما تتمثل هذه المقومات في توفر المملكة على موقع جغرافي استراتيجي في صلب ملتقى طرق طاقية عالمية، تؤهلها لأن تكون مركزا رئيسيا في المبادلات الكهربائية المتنامية بين بلدان البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن انخراطها في مشاريع ذات بعد إقليمي، من قبيل المخطط المتوسطي الشمسي، ومشروع (ديزيرتيك)، والتي تشجع على تقوية التفاعل بين مشاريع إنتاج الطاقة الشمسية في الفضاء الأورو المتوسطي. وفي أفق إنجاز المشروع، أشارت وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة إلى أنه سيجري اللجوء على المستوى التقني إلى التكنولوجيات الأكثر تقدما والمتوفرة حاليا، مع تتبع متواصل لتطوراتها. أما تمويل المشروع فسيجري عن طريق سندات عمومية وخاصة، وطنية وأجنبية، وكذلك باللجوء إلى كل آليات التمويل المتوفرة في إطار التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف. وأضافت أنه سيجري اللجوء على الصعيد المؤسساتي، إلى إحداث الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، التي ستتولى الإشراف على تنفيذ المشروع. وتعد هذه الوكالة ثمرة شراكة بين الدولة والمكتب الوطني للكهرباء، ومؤسسة الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وعلى صعيد التنفيذ العملي للمشروع، أوضحت بنخضرة أنه سيجري على أساس شراكات بين القطاع الخاص والعام، ومساهمة فاعلين ذوي خبرة عالمية، مضيفة أنه سيجري إبرام عقود بين الوكالة والدولة والإدارات العمومية والجهوية لتسهيل إنجاز المشروع . وأكد علي الفاسي الفهري، المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء، أن " المشروع المغربي للطاقة الشمسية"، سيمكن من رفع حصة الطاقات المتجددة ضمن مجال إنتاج الطاقة بالمغرب إلى 42 بالمائة بحلول سنة 2020، مقابل 26 في المائة حاليا. وأبرز الفاسي الفهري خلال العرض نفسه، أن حجم إنتاج الطاقات المتجددة سنة 2020 سيتوزع بالتساوي بين الطاقة الشمسية (14 في المائة)، والطاقة الريحية (14 في المائة)، والطاقة الكهرومائية (14 في المائة). وشدد المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء، في هذا السياق، على أن المشروع المغربي للطاقة الشمسية يجسد "رهانا على مستقبل الطاقات المتجددة". وأضاف أن الأمر يتعلق بمشروع مندمج يتفاعل مع قطاعات متعددة، ويسعى إلى تحقيق تنمية جهوية من خلال الانعكاسات الإيجابية على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي على الجهات، التي توجد بها المواقع الخمسة للمشروع (ورزازات، وعين بني مطهر، وفم الواد، وبوجدور، وسبخت الطاح). وأشار إلى أن المشروع سيضمن تكوينا متخصصا عن طريق إنشاء تخصصات في الطاقة الشمسية، بالمعاهد العليا للهندسة والجامعات، وتكوين تقنيين متخصصين في مجال الطاقة الشمسية داخل مؤسسات التكوين المهني ، كما سيساهم في تطوير البحث التنموي في ميدان التكنولوجيا عالية الدقة من خلال إنشاء مركز للبحث في الطاقة والبيئة والمواد المعدنية، فضلا عن انعكاساته الإيجابية في ما يتعلق بالتنمية الصناعية، سواء عبر جلب الخبرة والتكنولوجيا، وكذا تنمية نسيج صناعي متخصص. ويندرج هذا المشروع الوطني الواقعي والطموح، وهو مشروع مندمج للإنتاج الكهربائي باستعمال الطاقة الشمسية، في إطار الاستراتيجية الطاقية الجديدة، التي جرى وضعها بتوجيهات ملكية سامية، والتي تولي أولوية بالغة لتنمية الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة. كما أن هذا المشروع يتضمن مكونات تتعلق بالتكوين والبحث والتطوير وإنشاء مركز متخصص في الأبحاث الطاقية، فضلا عن اندماجه في النسيج الصناعي الوطني لضمان استمراريته، وتوزيع فوائده على مستوى الاقتصاد الوطني وتنمية استعمال الطاقة الشمسية خاصة.