استطاعت زهور الحر، القاضية، والحقوقية، والاجتماعية، أن تطبع المجال القضائي بطابع نسائي خاص، إذ يرجع إليها الفضل في كسر بعض مظاهر احتكار المناصب العليا من طرف الرجال، كما أن مساهمتها في بلورة التوجهات العامة لمدونة الأسرة تعد ثمينة. وتتجلى كفاءة هذه المرأة البيضاوية في مسارها المهني الطويل والعريض، فهي قاضية بالمجلس الأعلى، (رئيسة غرفة)، وأستاذة بالمعهد العالي للقضاء، بالرباط، وشغلت منصب رئيسة محكمة الأسرة بعمالة درب السلطان الفداء، لسنوات عدة، بعدما كانت رئيسة للمحكمة الابتدائية لسيدي عثمان، بالمدينة ذاتها، سنة 2001. تقول الحر، معلقة على السلبيات، التي ظهرت، بعد مرور خمس سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، إن "من أهم الصعوبات، التي تواجه تطبيق مدونة الأسرة، عدم الفهم الدقيق والوعي الشامل لدى بعض القضاة، لروح المدونة ومساطرها الجديدة. وعدم الفهم هذا قد يكون سببا في ضياع الحقوق، ووقوع الضرر". وتضيف "وجدنا، عند التطبيق العملي للمدونة، أن من الصعب على القاضي، في الطلاق، أن يوازي بين تطبيق القانون، وفي الوقت نفسه، ممارسة عملية الصلح، التي تحتاج إلى تقنيات عالية، وخبرة واسعة، ونفس طويل، لذلك، كنت أفضل أن تكون هناك هيئة، أو مؤسسة أخرى، تؤدي مهمة الوساطة والصلح بين الزوجين". وترجع الحر الانتشار المتزايد لطلاق الشقاق في المغرب، من جانب النساء، إلى العلاقة بعدد من ملفات الطلاق المتراكمة، قبل 50 سنة، تعسف فيها الأزواج على زوجاتهم، وكانت العلاقة الزوجية مختلة، في غياب مسطرة تطليق في متناول المرأة، وبالتالي، استخدمته النساء في تصفية حسابات قديمة مع الأزواج، خاصة أنه يتيح للمرأة حق الطلاق لأسباب تافهة جدا، لأن الضرر المعنوي، الذي يعتمد عليه طلاق الشقاق، تقديري". ولم ينحصر اهتمام الحر بالعدل، أو بالمجال الحقوقي، بل شمل، أيضا، الانشغال بحقوق المرأة والطفل، أي بالأسرة، التي تقول إن المدونة جاءت لتحافظ على شملها، لا لتكون وسيلة للتعسف. وترى الحر، في هذا السياق، أن على كل الفعاليات، المدنية، والقضائية، والاجتماعية، والفكرية، والإعلامية، أن تعمل، جميعها، للحفاظ على تماسك الأسرة، كما أن على المرأة، بدورها، ألا تجعل نفسها ندا للرجل، أو تعتبر أن من حقها أن تفعل ما يفعله. ولا تخفي امرأة القانون مبادراتها من أجل تحسين مستوى عيش المغربيات وأطفالهن، فهي رئيسة "الجمعية المغربية لمساعدة الأسرة"، وكانت مديرة لمركز "الكرامة"، وعضوة في منظمات نسائية وإنسانية، انخرطت في أنشطتها، منذ 30 سنة. وتشهد المسيرة العملية للحر، وسيرتها العالية، وأخلاقها الراقية، على أن الوسامين الرفيعين، اللذين منحا لها، وسام العرش من درجة فارس، سنة 2000، ووسام الاستحقاق الوطني من درجة ضابط، سنة 2003، هما، بالفعل، تكريم كبير لهذه المرأة المناضلة على ثلاث جبهات متكاملة.