ندد السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، محمد لوليشكي، مساء يوم الاثنين المنصرم، أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة، بتوظيف قضية حقوق الإنسان لأغراض سياسية، مبرزا الطابع الكوني لهذه القضية وضرورة إقامة "حوار عبر إقليمي" خال من أي تشنج. ت:ماب وأكد لوليشكي أن الدفاع عن حقوق الإنسان ينبغي أن ينبثق من إرادة جدية وموضوعية، تبتغي العمل على تحقيق تقدم لهذه القضية، ويقتضي، في الوقت نفسه، الإشارة بإيجابية إلى التقدم المحقق، وأيضا إلى الصعوبات الموجودة. واستطرد السفير أنه عندما يتراجع التقييم الموضوعي لفائدة الحسابات السياسوية، فإن الأمر لا يعدو يتعلق إطلاقا بالدفاع عن حقوق الإنسان، ولكن بمناورات رخيصة وبائسة، موظفة توظيفا سياسيا ليس إلا. وأشار إلى أن "هذا التوظيف، الذي يتمادى البعض في ممارسته للأسف، لن يعمل على تقدم حقوق الإنسان، بل على العكس من ذلك، يسيء إلى هذه الحقوق". وعلى صعيد آخر، لاحظ أن الواقفين وراء ممارسات من هذا النوع لا يهتمون في الحقيقة باحترام كرامة الإنسان، بل يسعون عبثا إلى تحويل انتباه المجتمع الدولي عن نقائصهم وعللهم، والإنكار المؤسساتي لحقوق الإنسان لفائدة مواطنيهم. وأضاف ممثل المغرب أنه "ليس هناك من شيء أكثر ضررا على هدفنا المشترك للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، من الحسابات السياسوية الرخيصة، للذين يعتقدون أن توظيف هذه القضايا سيمكنهم من إخفاء إخفاقاتهم عن نظر العالم". وشدد على أن قضية حقوق الإنسان "كونية وليست حكرا على أي دولة أو مجموعة دول"، مذكرا بأنها تراث مشترك، تساهم فيه كل حضارة وثقافة بحساسيتها وخصوصيتها. وقال لوليشكي إن "ما نحتاج إليه، هو مضاعفة مناسبات الحوار عبر الإقليمي واستبعاد المواقف المتشنجة باستحضار آليات للتفكير والتفاعل الجماعي". وأوضح أن "الأمر يتعلق بالتحلي بالحكمة والتواضع للاعتراف بأنه لا ضير في الإقرار بالوقائع الثقافية والدينية والحضارية، مؤكدا أن وجود وقائع كهاته لا يمكنه أن يشكل ذرائع للتقاعس أو مبررات للتضليل. وبعد أن أبرز أن الوقائع الثقافية لا ينبغي أن تؤدي إلى تقسيم المجتمعات، أكد لوليشكي أنه في جميع الأحوال لا يجب أن تقود هذه الوقائع نحو الإساءة إلى كونية حقوق الإنسان. وأكد أن "هاتين المعركتين، المتمثلتين في الدفاع عن الثقافات من جهة، وكونية حقوق الإنسان من جهة أخرى، غير متعارضتين، وإنما متوزيتان ومتكاملتان، وتتعززان بشكل متبادل". وفي هذا الإطار، ذكر بأن المغرب، الذي يشكل نقطة التقاء جغرافية وحضارية، يريد أن يكون في مستوى هذه المعركة المزدوجة المتمثلة في الحوار بين الثقافات واحترام الكرامة الإنسانية. وبخصوص الإنجازات التي حققها المغرب في مجال حقوق الإنسان، أكد السفير أن "المملكة تواصل، منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، مسلسل الإصلاحات في مجال النهوض بحقوق الإنسان وتعزيز دولة الحق والقانون، في إطار شراكة بين السلطات الحكومية وممثلي المجتمع المدني". وأبرز، في هذا الصدد، "التقدم المسجل، خصوصا على مستوى تحسين وضعية المرأة، وأشغال هيئة الإنصاف والمصالحة، وإصلاح القضاء، والتربية على حقوق الإنسان، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو العدالة الانتقالية والتعويض الجماعي"، مؤكدا أن "جميع هذه المبادرات تشهد على عزم المغرب على جعل حماية حقوق الإنسان خيارا لا رجعة فيه وورشا دائما". وأضاف أن "الاعتراف الدولي بجسامة وعمق هذه الإصلاحات، الذي أبرزه التقرير الدوري الشامل للمغرب في أبريل 2007، في إطار مجلس حقوق الإنسان، يشكل بالنسبة إلينا حافزا للاستمرار على هذا النهج بشكل تطوعي ومسؤول". وأكد لوليشكي عزم المغرب على الانخراط في أي مبادرة دولية تروم تعزيز حقوق الإنسان في جميع أبعادها، وترسيخ مبادئ كونيتها وشموليتها واستقلاليتها.