انطلقت، أول أمس الثلاثاء، اللقاءات الجهوية، التي تنظمها وزارة الداخلية على مدى شهر، مع رؤساء الجماعات في كل من الرباط، ومراكش، وفاس، وطنجة، وأكادير. ونظم أول لقاء بالرباط، على مدى يومين، مع المنتخبين الجدد من رؤساء الجماعات حول موضوع "التدبير الجماعي"، خصص لرؤساء الجماعات بجهة الرباطسلا زمور زعير، وجهة الدارالبيضاء الكبرى، والشاوية ورديغة، ودكالة عبدة، نوقشت خلاله القضايا المتعلقة بتسيير المؤسسة الجماعية في ضوء تعديلات الميثاق الجماعي، والمقتضيات الجديدة المنصوص عليها في قانون مالية الجماعات المحلية. كما عرف اللقاء مناقشة القضايا المتعلقة بمسؤولية رؤساء الجماعات المحلية، مثل التخطيط، والميزانية، وتدبير الموارد، سواء منها المالية أو المتعلقة بالممتلكات، وتفعيل عمل الشرطة الإدارية، خاصة في مجال التعمير. وأبرز المتدخلون التحديات، التي يتعين رفعها، وتقديم مخطط العمل الاستراتيجي لتعزيز اللامركزية تحت عنوان "الجماعة في أفق 2015". وأعلن شكيب بنموسى، وزير الداخلية أن هذه اللقاءات تأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية، في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، الهادفة إلى "تسريع الإصلاحات الجارية، لضمان حكامة جيدة، وإنجاز أوراش التنمية المهيكلة على أحسن وجه"، مبرزا أن "الفترة الانتدابية الجديدة للمجالس المحلية المنتخبة تمثل محطة مهمة وواعدة في تحقيق الأهداف المنشودة، اعتبارا للإصلاحات الجوهرية، التي عرفها الإطار العام المنظم لتدبير الشأن المحلي، والرامية إلى خلق المناخ الملائم لتفعيل دور الجماعات المحلية". وأوضح بنموسى أنه، بتشكيل مكاتب المجالس المحلية، يكون المسلسل الانتخابي استكمل جميع مراحله، ما يستوجب التطلع إلى المحطات المقبلة للانكباب على إيجاد الحلول للانشغالات الحقيقية للمواطن، من خلال برامج واقعية. وأبرز أنه، على مستوى رئاسة المجالس، سجلت النتائج تجديد رؤساء المجالس، الذين تتراوح أعمارهم في غالبيتها بين 35 و 55 سنة، بنسبة 56 في المائة، ما يجعل المجالس الحالية في وضعية تمزج بين كفاءات تتوفر على رصيد مهم من التجربة، وطاقات جديدة، تتولى تدبير الشأن المحلي لأول مرة، مضيفا أن مشاركة العنصر النسوي كان لها أثر إيجابي، إذ أصبح حضور المرأة بارزا على جميع مستويات الأجهزة المسيرة للجماعات، وبلغ مجموع النساء المنتخبات في هذه الأجهزة 829 امرأة. وتتلخص الإصلاحات الرئيسية، التي عرفها الإطار العام المنظم لتدبير الشأن المحلي، حسب بنموسى، في خمسة محاور، تتمثل في تطوير الحكامة المحلية، والرفع من فعالية الإدارة الجماعية، ودعم آليات التعاون بين الجماعات، والشراكة مع القطاع العام والخاص، وتحسين النظام المالي، في اتجاه تدبير ناجع ومسؤول، ثم تحسين مردودية الجبايات المحلية، من خلال اعتماد آليات التدبير الحديثة، ودعم صلاحيات المجالس الجماعية في هذا المجال، مؤكدا أن بوادر هذه الإصلاحات بدأت تظهر، خلال السنة الثانية من اعتمادها. وقال الوزير "إذا كانت سنة 2008 عرفت انخفاض بعض الجبايات، باعتبارها سنة انتقالية تتطلب تحيين آليات التنفيذ، فإن المعطيات الحالية تبين التأثير الإيجابي للمنظومة الجديدة على مستوى مردودية الجبايات المحلية، بما فيها الجبايات التي يجري تدبيرها مباشرة من قبل الجماعات المحلية"، مضيفا أن "هذا التطور الإيجابي سيقع تحصينه من خلال التدابير المصاحبة، التي شرعت الوزارة في إنجازها، لمواكبة الجماعات في هذا المجال، خاصة على مستوى الهيكلة والتكوين وآليات التدبير". وحول تدابير العملية على المديين القريب والمتوسط، أشار بنموسى إلى مجموعة من التدابير، تهم تكملة المنظومة القانونية والإجراءاتية، ومواكبة رؤساء الجماعات لإعداد المخططات الجماعية للتنمية، قبل نهاية يونيو 2010، ومواكبة تأهيل جل أحياء المدن والمراكز، مع الانتقال تدريجيا، ابتداء من 2010، إلى جيل جديد من البرامج، تنفيذا لاستراتيجية التنمية الحضرية. وعلى المستوى البيئي، دعا وزير الداخلية رؤساء الجماعات إلى مضاعفة الجهود لتدبير ناجع ومستديم لقطاعات النظافة والتطهير السائل والصلب، لبلوغ هدف تخفيض نسبة التلوث إلى 60 في المائة في أفق 2020. وخصص مبلغ 20 مليار درهم، و37 مليار درهم للنفايات المنزلية في جل المدن، فضلا عن الإنارة العمومية، والنقل الحضري، عبر اعتماد احترافية للتدبير، وإدخال أنماط جديدة للنقل، لما تشكل هذه القطاعات من فرص حقيقية لترشيد استعمال الموارد والحفاظ على المتطلبات البيئية. وأكد على الإجراءات المتخدة في إطار الحوار الاجتماعي، التي تهم تحسين نظام التعويضات، وتسوية الوضعية الإدارية للموظفين، والجانب الاجتماعي، مضيفا أن نهاية هذه السنة ستعرف تصفية كل الملفات المتعلقة بتسوية الوضعية الإدارية، المتعلقة بالترقية في الدرجة والرتبة، أو المرتبطة بتنظيم امتحانات الكفاءة المهنية. كما ستتواصل تسوية وضعية حاملي الشهادات العليا، وفق الجدول المحدد في إطار الحوار الاجتماعي، وبتخصيص غلاف مالي بمبلغ مليار و800 مليون درهم. وقال بنموسى إن "هذه الأوراش، التي فتحت لمواكبة الجماعات بالموازاة مع تعديل التقسيم الجماعي، تندرج في إطار برنامج شمولي لتدعيم اللامركزية، يتبنى مقاربة مندمجة، ترمي إلى وضع مجموعة من المناهج وآليات التدبير النموذجية رهن إشارة الجماعات، للرفع من قدراتها في كل الميادين والقطاعات، التي تشرف على تدبيرها".