سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الله البشير يلقي بين يدي جلالة الملك درسا جديدا من الدروس الحسنية أمير المؤمنين يترأس بمسجد للا خديجة بوجدة حفلا دينيا كبيرا إحياء لليلة القدر المباركة
ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، عشية أمس الأربعاء، بمسجد للا خديجة بوجدة، درسا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية. (ح م) وألقى هذا الدرس، بين يدي أمير المؤمنين، عبد الله البشير، من علماء السودان، تناول فيه بالتحليل موضوع "عمل المغاربة ببلاد السودان لنشر المذهب المالكي وطرق العرفان"، انطلاقا من الحديث النبوي الشريف "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير". وأكد البشير أن المغرب أغنى الساحة الإفريقية بجهود رجاله "الذين بدت آثارهم واضحة، وثمارهم ظاهرة في أقاصي القارة"، فنشروا المذهب المالكي والتصوف، مع غلبة اتجاه على آخر، في مختلف الربوع، وثبت تاريخيا اتصال المغرب بالسودان في العهود الأولى (غربا وشرقا "الحبشة" ووسطا)، وانتشار الإسلام بالسودان على أيدي التجار العرب والمغاربة. وبخصوص تحديد المفهوم الجغرافي للمغرب والسودان، أوضح أن المغرب كان يشمل شمال إفريقيا والأندلس، فيما لم تكن تسمية السودان، بالمفهوم الواسع كما حدده الشيخ حسن الفاتحي، مستخدمة قبل توسع القبائل العربية في إفريقيا. وتحدث عن المغرب وعشق الهجرة العلمية، التي كانت تعني إحراز قصب السبق لدى طلبة العلم والفقهاء والعلماء، مما أثمر رحلات وجهودا عظيمة في حفظ الإسلام ونشره. وكان من بين هذه الهجرات هجرة المغاربة إلى السودان الشرقي، الأمر الذي أدى إلى تلاقح فكري وتواصل اجتماعي باعتبار السودان المعبر الأقرب والأكثر أمنا والآهل بالسكان، مما أعطى أهله فرصة التواصل، خاصة مع حملة العلم من المغاربة. وأثمرت هذه الجهود الدعوية للمغاربة في السودان بروز الطريقة الشاذلية، وجهود المجاذيب والطريقة التيجانية، ومن أوائل من قدم بها الشريف عبد المنعم بن الشريف عبد العزيز، وكذا الطريقة الأحمدية. كما أن المغرب عرف هجرة معاكسة من بلاد السودان، مما أثمر إفادة متبادلة باستقرار عدد من السودانيين بالمغرب، خاصة بمدينة فاس، ونهلهم من حياض العلم وتتلمذهم وإجازتهم على أيدي فقهائها وعلمائها. وتمثلت الجهود المغربية في نشر العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي ببلاد السودان في اعتماد هذه البلاد "للمدونة الكبرى"، أصل المذهب وعمدة الفقهاء والقضاء في الإفتاء والقضاء، التي تعتبر صناعة مغربية نصوصا وشروحا واختصارا، وإن كانت ثلاثية التأليف (أجوبة بن مالك، وابن قاسم، وسحنون). واعتبر الأستاذ عبد الله البشير اعتناق المذهب المالكي "إنقاذا من هلاك محقق"، بعد إقامة عبد الله بن ياسين (ق 5 الهجري) لرباطه لتلقين صحيح الدين، وأمه المئات من طلبة العلم والدين، ومنه أخذت قبائل شنقيط علمها وعقائدها. وتحدث عن المشكلات العلمية والتوثيقية والمكتبية، التي جعلت الحاجة ماسة إلى التبادل مع المغرب، ومن ضمنها المشكلات الفقهية في السودان الشرقي، إذ لم تشتهر مدرسة علم أو قرآن، فانصرف العلماء إلى التدريس اعتمادا على رسالة أبي زيد القيرواني بالخصوص، ومشكلات التوثيق العلمي إذ كانت الساحة تعاني فراغا في مجال التوثيق التاريخي. وبخصوص حركة المصنفات العلمية وتداولها، ذكر الأستاذ عبد الله البشير بالخصوص، تداول "المدونة"، وشرحها لابن عمران، وأعطى كنماذج مغربية في السودان الشرقي العلامة أحمد بن محمد بن ناصر بن محمد السلاوي الفاسي، الذي استقر بمصر عامين، وعين مفتيا مالكيا بالفيوم، بعد أدائه مناسك الحج، ثم مفتيا عاما ورئيسا للقضاء إلى حين وفاته. وأشار إلى مساهمات العلامة السلاوي الفاسي في تحديث النظام القضائي بالسودان، وجهوده الإدارية الضخمة، التي اعتبرت حجر الأساس في تشييد وزارة الأوقاف، وتشجيع عدد من طلبته من علماء السودان على الكتابة والتأليف. كما تحدث عن الشريف الوزاني الفاسي، الذي ولج السودان الغربي وزار السودان الشرقي، وله تصانيف في العلوم الشرعية والنحو بالخصوص، والفقيه محمد بحري الفاسي، الذي كانت له نيابة القضاء، وحلقة علمية بالسودان، والشريف عبد الله الشريف الفاسي، الذي هاجر إلى السودان الشرقي واستقر ب "الحلفاية"، واشتهر بالورع والتقى والتزام السنة وإرشاد الناس لطريقة الله و"كان بحرا في علم الباطن". وذكر الشيخ أحمد بن إدريس اليملحي المشيشي، مؤسس الطريقة الأحمدية الإدريسية الداعية المجاهد، الذي ازداد ببلدة ميسور، ولقب بأبي عباس العرائشي، كما لقب ب"الشفاء" عند السنوسية، ومن تلاميذه الشيخ إسماعيل الولي مؤسس الطريقة الإسماعيلية بالسودان. وفي هذا الصدد، أتى على ذكر كل من الحاج موسى ولد حسوبة، ويحيى الشاوي، وعلي اللبدي، وسعد ولد شوشاي، ومحمد سماحة، والأمين ولد بلة، وبن مقبل، وسيدي بنور، وغيرهم كثير. وفي أعقاب هذا الدرس تقدم للسلام على أمير المؤمنين الأستاذ عبد الله البشير، وهو كبير الباحثين، والمنسق العام لاتفاقيات التعاون الدولي بالإمارات العربية المتحدة، والأستاذ أحمد علي الصيفي، مدير مركز الدعوة الإسلامية بأميركا اللاتينية (البرازيل)، والأستاذ عبد الواحد وجيه، أستاذ بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، والأستاذ مالك عبد الرحمان رويث، رئيس الجماعة الإسلامية بإسبانيا، والأستاذ محمد المختار ولد امباله، مستشار رئيسي برئاسة الجمهورية مكلف بالشؤون الإسلامية (موريتانيا). كما تقدم للسلام على صاحب الجلالة الأستاذ فانسو محمد جامي، رئيس مؤسسة الملك محمد السادس للسلام في غامبيا، والأستاذة مريم مياس، مديرة دار القرآن الكريم بدكار، والأستاذ أحمد عمر جافاكيا، نائب رئيس جامعة جالا الإسلامية (تايلاند)، والأستاذ باتريك خاديس، الكاتب العام لجمعية مسلمي منغوليا، والأستاذ محمد الموساوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (من الجالية المغربية بفرنسا). إثر ذلك، تقدم للسلام على أمير المؤمنين أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، الذي قدم لجلالته الدفعة الثالثة من المنشورات التي أصدرتها الوزارة هذا العام وتضم كتاب "الترياق المداوي في أخبار الشيخ سيدي الحاج السوسي علي السوسي الدرقاوي"، من تأليف محمد المختار السوسي في جزأين، وكتاب "تنبيه الأنام على ما في كتاب الله من المواعظ والأحكام"، تأليف أبي العباس أحمد الرهوني، تحقيق ودراسة الدكتور الحسن البوقسيمي، وكتاب "الدليل الأوفق إلى رواية الإمام ورش عن نافع من طريق الأزرق"، تأليف الأساتذة مصطفى البويحياوي، وعبد الهادي حميتو، وعبد العزيز العمراوي.