استمرت الرحلة الفنية للمشاهب مشرقة بإبداعاتها المتجددة، وانفتاحها على الجمهور داخل المغرب وخارجهوكان سر نجاحها ذلك "التناسق الهارموني" بين الأصوات، إذ كان كل عضو من أعضائها يتميز بنبرة صوتية تختلف بين ما هو فخم وما هو حاد، لدرجة أن المجموعة كانت تراعي خصوصية المقام الصوتي، لكل واحد من أفرادها في جميع ألحانها. لم يكن أعضاء المجموعة يغنون بطريقة عشوائية، بل كان أداؤهم مدروسا، ويخضع لمعايير علمية مضبوطة، فبالإضافة إلى الموهبة، دأب كل عضو من أعضاء المجموعة على تطوير نفسه، من خلال دراسة الموسيقى وسبر أغوارها، فضلا عن البحث الدائم في التراث الموسيقي المغربي والعالمي. فالراحل مولاي الشريف لمراني عازف "الموندلين سيل" المتمكن، لم يدخل مجال الموسيقى من فراغ، بل تربى في أحضانه، فمعلمه الأول، الذي تأثر به كثيرا هو والده، الذي كان رئيس جوق مدينة وهران بالجزائر. تمرس الراحل على فن العزف، منذ صغره، وشارك في عدة مناسبات وعمره لم يتجاوز الثامنة بعد، في مسيرته الفنية التي جمعته بباقي الأفراد داخل مجموعة لمشاهب، كانت له دائما رغبة في التجديد، سواء على مستوى الغناء أو العزف أو هما معا بدءا، بالاهتمام بالصوت النسوي في البداية مع سعيدة بيروك، وتطوير آلته الموسيقية، التي كان يعتبرها بمثابة العضو السادس للمجموعة. سمحت عدة عوامل بوجود نوع من التقاطع بين أعضاء المجموعة، فصوت محمد باطما القادم من سهول الشاوية المعروفة بعيوطها المرساوية، وصوت محمد السوسدي الآتي من جبال الأطلس المعروفة بقوة وعذوبة أصواتها، ومبارك جديد الشادلي المتحدر من تخوم الصحراء المشهورة بدفء الصوت وعمق الكلمة، ومحمد وحمادي القادم من مدينة الملحون مراكش، إضافة إلى الشريف لمراني المتمرس على الطرب الغرناطي، بحكم قضائه فترة من حياته بوهران، بالموسيقى الغربية من خلال إقامته بحي بلفيدير، الذي كان حيا فرنسيا. استطاعت المجموعة أن تمزج بين ما هو شعبي مغربي من جهة، وما هو غربي من جهة ثانية. كما كان للكلمات التي كانت تغنيها المجموعة، وهي نصوص موزعة بين ثلاثة زجالين هم محمد باطما ومحمد السوسدي ومبارك جديد الشادلي، أثر خاص في نفوس الجمهور، الذي كان متعطشا لمواضيع تعبر عما يحس به. كل هذه العوامل ساهمت في تبوؤ"لمشاهب" مكانة خاصة في الساحة الفنية، متميزة بلونها الغنائي الخاص، إلى جانب مجموعتي "ناس الغيوان" و"جيل جيلالة"، رغم فترات المد والجزر، التي عرفتها في مسيرتها الفنية، بعد سنة 1980.