تعد الفنانة المغربية سميرة القادري، من القلائل، اللواتي تولين الاعتبار للموسيقى والتراث العربي الأصيل، أندلسية حتى النخاع، تبحث بجد وتنقب في التراث العربي بالأندلس، لا تتوانى عن ركوب المغامرة وغناء ما يستحيل على الكثيرين أداءه.هي خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط عام 1991، التحقت بالمعهد الوطني للموسيقى والرقص بتطوان عام 1995، درست العزف على البيانو ومواد الصولفيج، والهارمونيا على يد المؤلف الموسيقي مصطفى عائشة الرحماني، أما الغناء الكلاسيكي أو الأوبرالي الليريك chant lyrique ، كانت بداية تكوينها فيه على يد المؤلفة صفية التيجاني في كورال الكنيسة الكاثوليكية بالرباط، التحقت عام 2000 بالمعهد الوطني الموسيقي بسبتة المحتلة. تابعت تكوينها على يد إلهام الوليدي، التي ما زالت تشرف على تأطيرها، وهي أستاذة بالمعهد العالي للموسيقى والغناء بمدينة ران بفرنسا. استفادت من تدريبات مكثفة في الصوت على يد اختصاصيين إسبان وفرنسيين، ما مكنها من لقب سوبرانو المغرب بامتياز. أسست سميرة القادري، مديرة دار الثقافة بتطوان، مع المبدع نبيل أقبيب مجموعة "أرابيسك"، وشاركت في العديد من التظاهرات الفنية بالمغرب والخارج، أصدرت لحد الآن ثلاثة ألبومات: "أندلسيات من ضفة إلى أخرى"، و"أندلسيات البحر الأبيض المتوسط"، و"فسيفساء"، توجت بالعديد من الجوائز منها جائزة "اللوبي الأوروبي للنساء المبدعات" بإسبانيا، التي منحت لها ضمن 12 امرأة مبدعة من مختلف الجنسيات، وجائزة الفارابي للموسيقى العريقة، التي توجت بها، أخيرا، من طرف المجلس الوطني للموسيقى بالرباط. في هذه الدردشة، تتحدث الفنانة عن علاقتها برمضان وعن صيامها الأول. متى تستيقظين في أيام رمضان؟ اعتدت على الاستيقاظ مبكرا، سواء كان الشهر شهر رمضان أم لا، فأنا أنهض من فراشي على السادسة والنصف صباحا، لأنه لدي التزامات عائلية وعمل يجب أن أستعد له. هل يطرأ تغيير على برنامجك خلال هذا الشهر؟ طبعا، يتغير برنامجي اليومي، لأن هناك مستجدات وطقوسا يفرضها شهر رمضان. فأنا أفكر في ما سأهيئه لمائدة الإفطار، وأترك لمساعدتي بالبيت المهام التي يجب أن تقوم بها. برنامجي اليومي في شهر رمضان تستثنى منه الرياضة، لأنني لا أستطيع ممارستها وأنا صائمة، فبنيتي لا تسمح لي بذلك، وما يمكن أن أقوم به في النهار أؤجله غالبا إلى الليل، حتى أستعيد قدرتي. هل تتكلفين بمستلزمات الإفطار والتسوق أم لا؟ أنا لا أذهب إلى السوق، فكل ما أريده أطلبه من زوجي، الذي يتكلف بمهمة التسوق. أنا أحب الطبخ، ولكن انشغالاتي المهنية والفنية لا تسعفني في سائر الأيام، لهذا أحاول أن أمارس هوايتي في شهر رمضان، وأطبخ لأسرتي ولأصدقائي ما لد وطاب من المأكولات، حتى أثبت لهم أنني أجيد الطبخ. فرمضان يعيدني إلى المطبخ وإلى علاقتي القديمة به، ولهذا فأنا أحرص على تهييء كل المأكولات بنفسي ولا أجلب الجاهز منها إلا نادرا. ماذا يميز مائدة إفطارك؟ رمضان شهر المحبة والغفران، وليس شهر الأكل. أحرص على أن تكون مائدتي متنوعة، ولا أفكر في الكم أبدا. لا أسرف في مائدتي، أقدم لأسرتي كل ما هو صحي، وأكثر من السوائل، بما فيها المشروبات والعصائر. هل تتابعين البرامج التلفزيونية خلال رمضان؟ وما هي؟ أنا أتابع الإنتاج التلفزيوني المغربي، وأهتم به كثيرا، حتى أتمكن من معرفة المستوى الذي وصل إليه، كما أهتم بالبرامج الثقافية وبالمسلسلات التاريخية، التي أجد فيها متعة كبيرة. بكل صراحة، الإنتاج التلفزيوني المغربي غير مرضي بالمرة، مع العلم أن لدينا طاقات وإمكانيات يمكن استثمارها في ما هو أحسن. يغلب على إنتاجنا التلفزيوني الارتجال، وتكرار الوجوه نفسها، وطغيان المحسوبية والزبونية. ما هو برنامجك بعد الإفطار؟ بعد الإفطار، وبعد صلاة العشاء تحديدا، تعتبر هذه الفترة الوقت المفضل لدي في هذا الشهر الفضيل، لأنني أخلو إلى نفسي فيه، وأقرأ بعض الكتب، وأحيانا أذهب إلى دار الثقافة لأتدرب على بعض أعمالي الفنية. رمضان هو الشهر المفضل لدي في الإبداع، أفضل ألا أقدم فيه العروض الفنية، بل أشتغل على ما هو جديد، وأراجع أعمالي السابقة. في شهر رمضان يكون ذهني صافيا، وأكون في أوج عطائي. هل لديك طقوس معينة خلال هذا الشهر الكريم؟ ليست لدي طقوس معينة، وأحاول أن أتعامل مع رمضان بشكل عاد. هل تستقبلين الضيوف خلال هذا الشهر؟ رمضان هو الشهر الذي أستقبل فيه الضيوف يوميا تقريبا، والفرصة التي ألتقي فيها بعائلتي وأصدقائي، لأنني طيلة السنة أكون مشغولة بعملي وبعروضي الموسيقية والفنية. أحرص على استقبال الضيوف، وأفضل ألا أذهب، خلال هذا الشهر عند الناس، لأن لدي أجوائي الخاصة، التي تعجبني، والتي أفضلها حتى على بيت أهلي. وما هي أحب الأوقات إليك في هذا الشهر؟ أحب الأوقات إلي هي قبل آذان المغرب، وما يكون فيها من سعي حثيث لتحضير المائدة، ولإسعاد الصائمين، وأحب أيضا وقت ما بعد العشاء، لأنني ساعتها أرتاح من كل المسؤوليات وأمارس هواياتي بشكل كبير. ما هي المواقف السارة أو السيئة التي تحتفظ بها ذاكرتك خلال هذا الشهر؟ أتذكر امتحان الباكلوريا سنة 1986، الذي كان صعبا جدا بالنسبة لي، والذي جاءت فترة التهيؤ له والامتحان فيه في عز رمضان. تلك السنة رسبت، رغم أنني كنت تلميذة نجيبة في تخصص الاقتصاد. لم أنجح إلا في السنة الموالية، ومع ذلك أحب رمضان، وأستقبله كل سنة بصدر رحب، وبكل حب، فجميع إنتاجاتي الفنية تولدت أفكارها في شهر رمضان، فمجموعة "أرابيسك" اشتغلت عليها مع المجموعة في شهر رمضان. ما يعجبني في هذا الشهر المبارك هو ليلة القدر، التي تذكرني بطفولتي وبالزاوية الشرقاوية في مدينة أبي جعد، التي كنت أستمتع فيها بالأمداح النبوية المؤداة من طرف النساء، وأتذكر أننا كنا نقضي ليلة القدر في الزاوية رفقة خالاتي، وما زلت إلى الآن أحفظ بعض المقاطع من تلك الأمداح. وهل تتذكرين أول يوم صمت فيه؟ أول يوم صمت فيه كان عمري خمس سنوات ونصف السنة، عزفت فيه عن الأكل والشرب وعن استعمال المرحاض، لأن من سألته ماذا يعني الصوم يقول لي أنه لا يجب أن آكل أو أشرب أو أدخل إلى المرحاض، فكان أن ظللت اليوم بطوله سجينة وحريصة على عدم دخول الحمام، لاعتقادي أن ذلك من مبطلات الصيام.