من مواليد 18 ماي 1928 بفاس، لم يتجاوز سن العاشرة حتى أصبح يتيم الأب ليصبح محمد فويتح التدلاوي المعيل الوحيد للأسرة، حيث انطلق منذ بداية شبابه في البحث عن لقمة عيش شريفة، بحيث عمل في بداية حياته مساعد إسكافي، ثم بعد ذلك مارس مهنة السوايني.إلا أن ولعه بالموسيقى والفن منذ نعومة أظافره جعله يحفظ أغاني العديد من الفنانين المشارقة مثل فريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، بحيث تمكن من تعلم آلة العود، بالسهر الليالي الطوال رفقة أصدقاء الدرب، لترديد مقاطع الأغاني الخالدة لهؤلاء الفنانين، وعندما تمكن من الطرب الشرقي، أخذ يعمل على حفظ الموروث الغنائي الشعبي خصوصا، أغاني الحسين السلاوي داخل إذاعة فاس. بعد ذلك سافر إلى باريس، حيث كانت له مكانة متميزة، وكان يعمل بأحد المطاعم سنة 1951، وكان في تلك اللحظة والتاريخ منتجا للقصيدة العربية. وكان يؤم هذا المطعم فنانون عرب كيوسف وهبي، ومحمد عبد الوهاب، الذي أتيحت للفنان محمد فوتيح فرصة التعرف عليه، كما أدى أمامه بعض القصائد للمرحوم أحمد البيضاوي، وغنى من إنتاجه قصيدة "مبعث السحر" و"ياحبيبتي ظمئت روحي"، في الوقت نفسه غنى المرحوم من ألحانه قصيدة "جبل التوباد"، كما كان يتذكر المرحوم بأن محمد عبد الوهاب، نصحه بأن يغني باللهجة المغربية الدراجة، مؤكدا على أنه من العيب ألا يهتم الفنان بتراثه وفنه. هذه النصيحة كانت بمثابة الدفعة القوية بالنسبة للفنان محمد فويتح للعمل داخل المغرب والبحث عن الزجل، فكان مبدعا وملحنا وفنانا. كما درس محمد فويتح "السولفيج"، بفرنسا وتعرف على أصول الموسيقى الكلاسيكية، كما له الفضل في تقديم المطربة وردة الجزائرية التي كانت مقيمة أنداك بباريس مع والدها في باريس آنذاك، إلى الموسيقار محمد عبد الوهاب، وتشجيعها لدخول عالم الفن. سنة 1953، كانت الانطلاقة الحقيقية لفويتح، حيث وضع كلمات الأغنية الشهيرة "أو مالو لو"، التي مازالت إلى يومنا هذا مرجعية للأغنية المغربية، ثم تمكن من نظم أغنية أخرى جديدة بعنوان "مللي بكيت أنا"، التي هزت مشاعر المغاربة، وكانت بمناسبة عودة الملك محمد الخامس من المنفى سنة 1955، ليصبح من المطربين الكبار ومن الرواد الأوائل للأغنية الشعبية، ومن أقطاب الموسيقيين الذين أرسوا دعائم الأغنية المغربية، فاقترح لرئاسة الجوق الجهوي لإذاعة فاس الجهوية، ليفرض ويقترح أحمد الشجعي، لما له من علم وثقافة، كما أنه رفض تحمل المسؤولية الإدارية بالإذاعة الجهوية، حيث كان يكره ذلك حتى مازحا. عاش حياته في تواضع تام تجاه أصدقائه وزملائه ومعارفه عاشقي فنه الرصين، لا يتكلم إلا مجاملا، ولا ينطلق إلا حسنا، مثالية عالية في السلوك، يعرف حدوده وقدره، يعمل في صمت، كريم طبعه، متسامح في عادته. كان حلمه أن يؤدي الفنان عبد الهادي بلخياط، أغنية من ألحانه، كما لحن لكل من المعطي بنقاسم شقيق الدرب في أغنية "الله الحباب"، وعبد الحي الصقلي في أغنية "لسمر"، كما لحن قطعة جميلة للفنانة بهيجة إدريس "خايف قلبي ليبوح بالسر للناس"، وأغنية وطنية لحنها لعبدو الشريف. في آخر حوار أجري معه في إحدى الجرائد الوطنية، كان جوابه على مستوى الأغنية المغربية ووضعها الراهن فأجاب: "سأكون صريحا معكم ولن أخفي أسفي على ما آلت إليه وضعية الأغنية المغربية، لقد اختلط الحابل بالنابل، ولم نعد نميز بين الغث والسمين. وبصراحة أكثر لقد دب الركود إلى مجال الإبداع وأصبح من النادر أن تجد الفنان الممتاز، الذي يتذوق إلهام الأوتار، ورحم الله أيام زمان التي جاءت بفنانين كانت الموسيقى بالنسبة إليهم أهم شيء في الوجود". في 18 شتنبر 1996 يرحل محمد فويتح، إلى دار البقاء تاركا وراءه قيمة فنية جعلته دائم البقاء يذكر اسمه في كل منتدى ثقافي وفني. كما ترك الرحل العديد من الأعمال التي أثرت الخزانة المغربية وأضافت الشيء الكثير للأغنية المغربية، ونذكر من أعماله، "إلا تيق بيا"، و"علاش أنت بالذات"، و"ملي مشيتي"، و"فين لعشران"، و"أهلي وحبابي"، و"إعتذار"، و"أحببتها"، و"نحبو بلا ما نخبرو"، و"توبة يا قلبي توبة"، و"لشقر"، و"قلبي بغاها هيا"، و"كواني بنارو"، و"عانداك تنساني"، و"حتى حد من غيرك"، و"حب الناس"، و"هاني يا لي ناداني، و"كاس البلار"، و"عذرك غير مقبول"، و"لحبيب"، و"علاش يا عيوني"، و"أو ما لولو"، و"أيلي حياني"....والقائمة طويلة.