عكس انتخاب أمينة بوعياش لقيادة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، للمرة الثانية على التوالي، قدرة هذه المرأة على الارتقاء إلى الأعلى، وفك عقدة احتكار الرجل لمراكز القيادة في الجمعيات والمنظمات المدنية القوية، التي تتطلب قدرا كبيرا من الشجاعة، والإقدام، والمثابرة، مثل المنظمة المغربية لحقوق الإنسان.كأن بوعياش أرادت أن تزكي ما سبق أن صرحت به، يوم انتخابها للمرة الأولى، رئيسة لقيادة هذا التنظيم الحقوقي، المشهود له بالنضال في مجال حقوق الإنسان، والدفاع عن حقوق المرأة، إذ قالت، عقب انتخابها في المؤتمر الرابع، سنة 2006، خلفا لعبد الله الولادي، "انتخابي جاء بناء على الكفاءة وليس على أساس الجنس"، في إشارة إلى أن مسلسل الدفاع عن حقوق المرأة، الحقوقية، والفكرية، والاجتماعية، والاقتصادية، لا يتمثل، فقط، في الدعوة إلى المساواة بين الجنسين، في مختلف المجالات، بل في تحطيم الحواجز، ومواجهة العقبات المرتبطة بالنوع. وأرادت أن تقول إن "وضع الثقة في يرمز إلى مسيرة المساواة، التي بدأها المغرب، من خلال مدونة الأسرة، وأصبحت تترسخ على مستوى جمعيات المجتمع المدني". قبل أن تصعد بوعياش، وهي من مواليد تطوان سنة 1958، إلى قيادة المنظمة، التي تأسست يوم 10 دجنبر 1988، من طرف مجموعة من المناضلين، منهم الوزير الأول الأسبق، عبد الرحمان اليوسفي، وبوعياش نفسها، وقبل أن تخلف الولادي، في المؤتمر الرابع، شغلت مناصب عدة في المنظمة وغيرها، إذ كانت أمينة المال، ورئيسة لجنة النهوض بحقوق المرأة، ومستشارة في التواصل بوزارة التشغيل، في حكومة اليوسفي، وهي عضوة مؤسسة لجمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، وعضوة مؤسسة للمنظمة المغربية لمناهضة الكراهية والعنصرية، وعضوة مجلس الأمناء للمنظمة العربية لحقوق الإنسان. وكانت عضوة التنسيقية الدولية للمجموعات من أجل الديمقراطية، وعضوة المجموعة المدنية للمطالبة بإصلاحات الأممالمتحدة. وشاركت في مؤتمرات عربية ودولية في مجالات حقوق الإنسان. سئلت يوما عن سر ولوجها مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، رغم صعوبته، فقالت "انخرطت في المجال الحقوقي، في البداية، لأسباب عائلية وشخصية، منها اعتقال زوجي (زوجها السابق يونس مجاهد، رئيس النقابة الوطنية للصحافة)، سنة 1976، لأسباب سياسية، وانخراطي في حركة عائلات المعتقلين السياسيين. واكبت مراحل صعبة ودقيقة، جعلتني قريبة من مدى الانتهاكات، التي يمكن أن يتعرض لها المواطن المغربي، في حال تعبيره عن رأي سياسي مخالف، دون أن يستعمل آلية أو وسيلة عنيفة". وأضافت "قبل أن أنخرط في المنظمة، ضمن مجموعة من المواطنين المغاربة، لتأسيس هذه الهيأة، كنت عضوة بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان (ترأسها الآن زميلتها في المعركة، خديجة رياضي)، إلا أن طابعها السياسي المحض، جعلني، مع هذه المجموعة، نفكر في مقاربة جديدة للنضال، من أجل احترام حقوق الإنسان، والنهوض بها، وكانت بداية مسار جديد في المنظمة، أدى إلى انتخابي، بالإجماع، في المؤتمر الرابع".