يصنف الإدمان ضمن مشكلات الصحة العمومية في المغرب، بالنظر إلى تأثيراته المتعددة التي تطال الصحة العضوية والنفسية، ناهيك عن تبعاته الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما دفع خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى اقتراح الاعتراف بالإدمان كمرض وإدراج التكفل الطبي بالمرضى ضمن الخدمات الصحية المشمولة بالتغطية الصحية الإجبارية عن المرض. وفي هذا الصدد، عبرت البروفيسور، مريم اليازجي، رئيسة مصلحة طب الإدمان التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد في الدارالبيضاء، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، عن تفاؤلها بأمر الدعوة إلى الاعتراف بالإدمان كمرض، بالنظر إلى أنه يعد مرضا مزمنا، يتمظهر على شكل سلوكات قهرية لا يستطيع مريض الإدمان مقاومتها، ما يجعلها تندرج ضمن الأمراض النفسية، التي يحتاج معها المصابون إلى تكفل شامل، يجمع ما بين العلاج الطبي والاجتماعي والسلوكي، لمساعدتهم على تغييرات سلوكاتهم. وتندرج أهمية الاعتراف بالإدمان كمرض، في توفير شروط الولوج إلى العلاج أمام المصابين، في مقدمتها تشجيعهم على طلب العلاج لدى المتخصصين مع ضمان التغطية الصحية الشاملة والاستمرار في العلاجات المطلوبة وعدم التوقف عنها لأسباب مادية، مع الاستمرار في احترام حصص المتابعة والمواكبة، توضح اليازجي. واعتبرت اختصاصية طب الإدمان هذه المستجدات الداعية إلى التأمين الصحي عن مرض الإدمان بالخطوة المهمة في مساعدة مريض الإدمان على تغيير سلوكاته التي يعجز عن مقاومتها وعلى تجاوز شعوره بمعاناة صحية ونفسية في مقاومة حالة إدمانه، خلافا لما يعتقده عامة الناس حول سلوك الإدمان، بأنه من السلوكات الطوعية والاختيارية، بينما تنطوي حقيقة الأمر على أنه مرض يتسم بفقدان المعنيين لسيطرتهم على سلوكهم. وينضاف إلى ذلك، نظرة مريض الإدمان لنفسه، الذي يجد أنها لا تستحق العلاج، وبأن لا دور له في المجتمع ولا أمل له في الحظوة بقيمة اجتماعية وسط محيطه بسبب ما يتعرض له من استبعاد اجتماعي ووصم، تضيف اليازجي. ويقصد بمرض الإدمان، مجموعة من السلوكات السلبية، يندرج ضمنها الإدمان على استهلاك المخدرات بجميع أصنافها، والإدمان على السجائر واستعمال الأجهزة الإلكترونية. وفي هذا الصدد، أشارت البروفيسور اليازجي إلى المجهودات المبذولة من قبل المغرب من خلال فتح العديد من مراكز طب الإدمان على الصعيد الوطني، في إطار البرنامج الوطني لمحاربة سلوكات الإدمان، الذي ينفذ في إطار شراكة بين مؤسسة محمد الخامس للتضامن ووزارة الصحة. وتبعا لذلك، يستفيد الأشخاص المدمنون بعرض صحي، يرمي إلى مساعدتهم على تغيير سلوكاتهم، بناء على مقاربة تجمع ما بين الجانب الطبي والسوسيوبسيكولوجي، مع توخي تغيير النظرة إلى الإدمان بعيدا عن وصم المصابين بها، بل مساعدتهم على تجاوز حالة الشعور بالاستبعاد الاجتماعي وتعرضهم للإهانة والرفض المجتمعي بسبب وضعهم النفسي المرضي.