أعلن نزار بركة، وزير التجهيز والماء، مساء الخميس بالرباط، أن الحكومة ستوقع نهاية الشهر الجاري على برنامج عقدة خاص باستغلال الفرشة المائية بكل منطقة، وفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين والمنتخبين. وكشف بركة في اللقاء الذي نظمه نادي الصحافة بالمغرب بشراكة مع المعهد العالي للإعلام والاتصال تحت عنوان "الماء كرهان مغربي"، أن برنامج العقدة، الذي سيتم إطلاق العمل به نهاية الشهر الجاري، سيعمل على تحديد قدرات الفرشة المائية ونوعية الزراعات، التي يمكن زراعتها في كل منطقة، كما يحدد فضلا عن ذلك وسائل الاقتصاد في الماء. وفي تقديمه للإجراءات، التي ستقوم الحكومة بها من أجل مواجهة ندرة المياه، قال بركة إن الحكومة ستعمل على تفعيل لجان تتبع استعمال الماء، في إطار العمل المشترك ما بين الوزارات، مفيدا أن وزارة التجهيز والماء تشتغل مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في إطار لجنة مشتركة، على تطورات الوضعية المائية في المستقبل، مع الأخذ بعين الاعتبار إشكالية ندرة المياه وطرق تدبيرها. وأضاف الوزير أن عمل هذه اللجنة ليس "توقيف الإنتاج ببعض المناطق، ولكنها تهدف إلى أن تتم الزراعات بها بشكل معقلن، حسب القدرات والإمكانيات المتاحة، مع ضرورة القيام بمجهود خاص في مجال الاقتصاد الحقيقي للماء". وأضاف بركة أن المجهودات التي تقوم بها وزارته، من أجل الاستعمال المعقلن للماء، تهم الاشتغال ضمن لجنة مشتركة مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، من أجل أن تشمل مخططات إعداد التراب الجهوي طرق المحافظة على الماء والبيئة وعلى الفرشاة المائية، معلنا أن وزارته تعمل أيضا في إطار لجنة مشتركة مع وزارة الصناعة والتجارة من أجل إصدار مشروع قانون جديد خاص بالمحطات الصناعية الجديدة ينص على استعمال تحلية المياه وضرورة النجاعة المائية في الصناعة. ومن أجل ترشيد وعقلنة استعمال الماء، أعلن الوزير أن الحكومة ستعمل على تفعيل شرطة المياه، مؤكدا أن وزارته تعمل في إطار دورية مشتركة مع وزارة الداخلية على مسح حقيقي للأبار والأثقاب المائية والعمل على ردم كل الآبار المهجورة خلال السنة الجارية. ودعا الوزير جمعيات المجتمع المدني إلى الانخراط، في إطار برنامج "أوراش" في إحصاء هذه الثقوب والآبار المهجورة. وفي السياق نفسه، قال بركة إنه تم اتخاذ قرار بعدم زراعة "الدلاح" بمنطقة طاطا في العام الحالي، بسبب ندرة المياه، وبسبب تضرر الفرشاة المائية بهذه المنطقة، مشددا على أن الهدف من التدابير التي ستتخذ لا يراد منها وقف الإنتاج، بل تنظيمه بطريقة معقلنة. وأبرز الوزير أن زراعة البطيخ الأحمر "الدلاح"، كانت غير واردة بالمخطط الأخضر الذي تم وضعه سنة 2009، والذي تم وضعه بالموازاة مع استراتيجية الماء، موضحا أن المخطط الأخضر كان ينص على التقائية مع استراتيجية الماء، "أي أنه انطلاقا من المخزون المائي يتم وضع سلاسل الإنتاج الفلاحي، مع ضرورة التقليل من استعمال الماء". وأضاف الوزير أنه مع انطلاق المخطط الأخضر، تشكلت لجنة بين وزارية للقيادة والتتبع، إلا أنه تم التخلي عنها في ما بعد للعديد من الاعتبارات، منها ظهور زراعات جديدة لم ينص عليها المخطط الأخضر، والتي لا يتم دعمها مثل "الدلاح"، الذي يستعمل كمية كبيرة من الماء والذي يزرع في مناطق تعرف نقصا كبيرا في الماء، "وهو ما يؤدي إلى استغلال الفرشاة المائية بكيفية مرتفعة لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، من أجل إنتاجه مبكرا، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع قيمة سعره، لأنه يتم تصديره للخارج، وبالتالي تكون له مردودية كبيرة بالنسبة للفلاحين الذين يقومون بزراعته". وقال المسؤول الحكومي إن الإجراءات التي تعتزم الحكومة القيام بها من أجل عقلنة استعمال الماء "تظهر دور الحكومة والدولة للتحكيم بين ما هو اقتصادي وما هو استراتيجي متعلق بالتنمية المستدامة"، مضيفا أن عملية ترشيد الماء ستتم أيضا عبر استعمال المكتب الشريف للفوسفاط بالجنوب مياه التحلية في صناعته، وكذا لجوء الزراعات بالداخلة إلى مياه التحلية، كما سيتم فرض استعمال المياه العادمة في سقي الحدائق داخل التجمعات السكنية بالرباط، من أجل الحفاظ على الفرشاة المائية بالنسبة للأجيال القادمة. وقال بركة في السياق ذاته، إن الحكومة ستعمل على نقل العديد من معاصر الزيتون من قرب الأنهار لكونها تتسبب في تلوث المياه بها، كاشفا أنه سيتم خلال 2024 تدشين سدود بمنطقة سبو، والتي ستكون "سدودا تضامنية" على مستوى المناطق المجاورة لهذه الجهة، حيث سيتم استغلال سد سبو في محطة أبي رقراق. كما أكد أن عملية عقلنة استعمال الماء "يمكن أن تصل في مرحلة مقبلة إلى فرض غرامة لكل مفرط في استغلال المياه"، معلنا أن الحكومة ستطلق قبل بلوغ هذه المرحلة حملة من أجل التحسيس بطرق استعمال الماء. وأعلن بركة أن عملية التحسيس التي ستقوم بها الحكومة، ستنطلق من الإدارات العمومية، من أجل الاقتصاد في استعمال الماء، كاشفا أن الإدارات العمومية تستهلك 5 في المائة من مجموع المياه المستهلكة بالمغرب "وهو رقم كبير". وقال الوزير إن ترشيد استعمال الماء، سيمكن من تزويد كل المدارس بالمياه، وتمكين بالتالي الطفلات من إكمال مسارهم الدراسي، والذي يتوقف في بعض المناطق بسبب انعدام دورة المياه بالمدارس. وفي تطرقه للحلول التي ستعمل الحكومة بها من أجل توفير الماء الشروب، أفاد الوزير أن الحكومة تبحث عن ثقوب جديدة تكون الفرشاة المائية بها مهمة "كما حصل في تاوريرت التي لم يعد بها مشكل ندرة الماء مطروحا، حيث أن الأثقاب بها تصل نسبة الماء فيها 60 ملترا في الثانية". وأكد بركة أن الحكومة تعمل على ألا يكون هناك انقطاع كثير للماء، كما سيتم كراء الشاحنات الصهريجية لإيصال الماء للمواطنين في الدواوير، مع إطلاق محطة تحلية الماء بالناظور لتزويد المنطقة بالماء، والعمل على الوصول ل20 محطة تحلية المياه الجوية، مع إطلاق 129 سدا تليا في الثلاث سنوات المقبلة، مضيفا أنه سيتم العمل على تسريع وتيرة إنجاز السدود، وتوسيع الربط بين الأحواض لضمان الماء للجميع، مع بذل مجهود للحفاظ على المياه الجوفية، والعمل على تحلية المياه، والتأكيد على النجاعة المائية، مع استغلال معالجة المياه العادمة، واستغلال مياه التساقطات التي تذهب في البحر.