نظمت رئاسة النيابة العامة، اليوم الأربعاء، دورة تكوينية لفائدة القضاة حول موضوع "دور القضاء الوطني في تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني". وتأتي الدورة التكوينية المنظمة بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية واللجنة المغربية للقانون الدولي الإنساني، في إطار تفعيل أحد الالتزامات الدولية التي تقع على عاتق الدول التي انضمت للمعاهدات الأساسية المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني "اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لسنة 1977، والمتمثل في نشر أحكام القانون الدولي الإنساني خاصة بين المكلفين بتنفيذ القانون كما نصت على ذلك المادة الأولى المشتركة".
وقال مولاي الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، إن تنظيم هذه الندوة "يأتي في إطار العناية الخاصة التي توليها كل من رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية لمسألة التكوين والتكوين المستمر بشكل عام، ولتعزيز قدرات القضاة في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بشكل خاص، استحضارا للالتزامات الدولية للمملكة المغربية في هذين المجالين، ووعيا منا بالدور المهم الذي يقوم به القضاء في إعمال المعايير الدولية المترتبة عن التزام بلادنا بمقتضيات الاتفاقيات الأساسية المعتمدة في المجالين". واستحضر رئيس النيابة العامة، في هذا الصدد، التفاعل المبكر للمغرب مع منظومتي القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، إما بالمساهمة في إنشاء وتطوير آلياتهما أو بالانخراط الفعلي في منظومتيهما من خلال المصادقة أو الانضمام إلى الاتفاقيات الأساسية المعتمدة في هذين المجالين. وأوضح المسؤول القضائي، في كلمته بالمناسبة، أنه "بعد مرور ثمان سنوات على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، شرعت المملكة المغربية في الانضمام الفعلي إلى منظومة حماية حقوق الإنسان في بعديها المتعلقين بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، حيث صادقت سنة 1956 على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين وعلى اتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بالقانون الدولي الإنساني والبروتوكولات الملحقة بها". واعتبر المسؤول القضائي أن جهود المغرب المتعلقة بمواصلة الانضمام إلى آليات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، أدت إلى جعله اليوم من بين الدول التي تتبوأ مكانة متميزة في هذا الشأن، من حيث كونها استكملت الانخراط في الاتفاقيات الأساسية التي تشكل ما يسمى بالنواة الصلبة للقانونين. كما تعزز هذا المسار، يضيف الداكي، بما تضمنه دستور 2011 من مقتضيات كرست ضمانات حماية حقوق الإنسان بدءا بما أكدت عليه ديباجته من تشبث المملكة بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، والتزامها بما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات وبحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما. كما أكد أن تنظيم هذه الندوة يندرج ضمن "الالتزام المتمثل في احترام وكفالة احترام ونشر أحكام القانون الدولي الإنساني خاصة بين الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون". ووفق بلاغ لرئاسة النيابة العامة، فإن تنظيم هذه الدورة التكوينية، الذي جرى اليوم بالرباط بمقر رئاسة النيابة العامة، يعكس "الاهتمام الذي توليه للقانون الدولي الإنساني، ويؤكد على ضرورة تعزيز التكوين في مختلف مجالات حقوق الإنسان"، وذلك "بالنظر للمسار المتميز لبلادنا في مجال النهوض بحقوق الإنسان، والمتوج بما نص عليه دستور المملكة المغربية في ديباجته من الالتزام بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والفصل 23 منه في فقرته الأخيرة". وأضاف البلاغ أن رئاسة النيابة العامة أطلقت السنة الماضية برنامجا للتكوين لفائدة القضاة لتعزيز قدراتهم في هذا المجال، وهو برنامج ما يزال مستمرا، مشيرا إلى أنه تضمن محاور ذات صلة بالقانون الدولي الإنساني.