بدأت الحركة الطبيعية داخل ساحة جامع الفناء تعود بشكل تدريجي إلى مختلف المناحي الاقتصادية والسياحية والثقافية بها وتنعش الروح في فضاءها، وعادت المحلات والدكاكين التي تجاور الساحة العالمية إلى صخبها وتشهد إيقاعا مرتفعا في الأخذ والعطاء، بل عادت إلى سابق عهدها بعد قرار الحكومة القاضي بإعادة فتح الحدود الجوية التي ظلت مغلقة منذ نهاية نونبر الماضي بسبب الأزمة الصحية الناجمة عن ظهور المتحور الجديد لفيروس كورونا "أوميكرون". وشكلت ساحة جامع الفنا التاريخية على الدوام الوجهة الأكثر جاذبية للسياح الأجانب والمغاربة القادمين للمدينة الحمراء، حيث تمثل أحد الفضاءات ذات الطابع الثقافي والسياحي التي يقف من خلالها الزوار على العديد من التقاليد الشعبية التي تزخر بها الثقافة المغربية (الحكواتيين والمجموعات الموسيقية والألعاب البهلوانية وغيرها من الفرق الشعبية المنتشرة داخل هذه الساحة) . ولا يمكن ذكر مدينة مراكش بدون ساحتها التاريخية، التي تستأثر باهتمام أي زائر للمدينة سواء المغاربة أو الأجانب، فزائرو المدينة الحمراء لا تكتمل رحلتهم دون التملي في وجوه الحلايقية والإنصات إلى آلاتهم الموسيقية التي جمعت بين الرباب والقراقب والدفوف والآلات العصرية الأخرى من القيتارة والناي، وكل ما يندرج في عالم الصوتيات. ويتوقع العاملون في القطاع السياحي أن يخفف قرار إعادة فتح الاجواء الجوية أمام الرحلات الدولية، بشكل كبير من حدة الركود، الذي يعاني منه مجموعة من المهنيين على المستوى الوطني بشكل عام، ومدينة مراكش على وجه الخصوص، كما أنه يرتقب أن يسترجع القطاع جزءا من حيويته ونشاطه اللذين فقدهما منذ مدة ليست بالقصيرة. وعاينت "الصحراء المغربية" خلال جولة قامت بها بين أرجاء وأزقة ودروب الساحة العالمية التي أعلنتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" تراثا شفيها لاماديا للإنسانية ، حركة دؤوبة ونشاطا لا ينتهي ليلا ونهارا، أصحاب المطاعم المتحركة. التي اصطفت وفق طريقة هندسية رائعة تشهد إقبالا على كل ما لذ وطاب، انطلاقا من النقانق والمشاوي، والرؤوس المبخرة، انتهاء بأطباق من السمك وفواكه البحر، ولن تتم الزيارة إلا بطبق من سيدة المطبخ المراكشي الطنجية. هي ذي ساحة جامع الفناء الساحة العالمية الشهيرة التي تسيل لعاب السياح، وتخلق ذاك الوهج الجميل والجذاب بحركيتها، تشكل إرثا سياحيا واقتصاديا لعموم المغاربة، وكل من زار هذه الساحة العالمية إلا ويشيد بوفادتها ولطف معاشرة أهلها. وحسب الزوبير بوحوت الخبير في مجال السياحة، فإن فتح الأجواء سينعش القطاع السياحي بمدينة مراكش والمغرب بصفة عامة، على اعتبار أن المملكة تعتمد بشكل كبير على السياحة الدولية، بحيث تشير الأرقام إلى أن سبعين في المائة من ليالي المبيت في الفنادق ومؤسسات الإيواء مصدرها السياحة الدولية. وأكد الزوبير بوحوث في تصريح ل"الصحراء المغربية" أن السياحة الدولية تنعش خزينة المملكة بما يناهز ثمانين مليار درهم سنويا وهو ما يعادل 8.5 مليارات دولار، مذكرا بالأزمة التي أنهكت القطاع السياحي وجعلته يفقد حوالي 80 في المائة من عائداته خلال سنة 2020، وما يقترب من 72 في المائة في سنة 2021. وأوضح بوحوت أن مهنيي السياحة ينتظرون تخفيفا للإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات من أجل دخول التراب الوطني، لكي لا يكون لها تأثير سلبي على إقبال السياح الأجانب على الوجهة المغربية، مؤكدا أن وجهات منافسة للمغرب خففت شروط الدخول إليها. وأضاف أن المغاربة يريدون أن يحافظ المغرب على ريادته الإفريقية في المجال السياحي، لأنه هو الرائد الأول إفريقيا في استقبال السياح الأجانب. وأشار الخبير في مجال السياحة، الى أن المغرب بفضل موقعه الجغرافي يتمتع بجاذبية كبيرة لا سيما بالنسبة للدول الأوروبية، مبرزا أن الانتعاش الحقيقي لقطاع السياحة لن يكون قبل شهر أبريل المقبل لا سيما بعد شهر رمضان، لأن حجم الرحلات المبرمجة إلى حدود الآن ما يزال ضعيفا. وخلص إلى القول، إن ما يجب التركيز عليه حاليا هو تكثيف الزيارات الميدانية للمكتب الوطني للسياحة والفاعلين السياحيين من أجل استرجاع الثقة وتوقيع الاتفاقيات مع الوكالات السياحية الكبرى بالأساس، لكي تلتزم هذه الأخيرة بتسويق حجم كبير من الليالي السياحية لصالح المغرب، خلال الصيف المقبل وكذا مع شركات الطيران العالمية.