أثر ظهور المتحور الجديد لفيروس كورونا "أوميكرون" بعدد من الدول، بشكل واضح على المؤسسات السياحية والفندقية والرواج التجاري بمدينة مراكش إحدى الوجهات السياحية الهامة بالمغرب، بعد إغلاق الحدود في وجه السياح الأجانب، مما كان له وقع سلبي مباشر على القطاعات المرتبطة بالسياحة خصوصا الصناعة التقليدية ومحلات البازارات بالمدينة العتيقة. وأكد مجموعة من خبراء ومهنيي القطاع السياحي، في تصريحات متفرقة ل "الصحراء المغربية" أن عمليات الإغلاق الاقتصادي في بداية الجائحة وعملية تدبير الوضعية الوبائية من خلال إغلاق الحدود، أثرت بشكل كبير على مردودية القطاع السياحي، الذي يعتبر من القطاعات الإستراتيجية لكونه يساهم ب8 مليار دولار في الناتج الداخلي الخام ويشغل حوالي نصف مليون مواطن ومواطنة بشكل يضمن منظومة تقوي المقاولة السياحية. وشددوا على ضرورة إعادة النظر في المخططات والبرامج من أجل تطوير السياحة الداخلية لتشارك في تجاوز الأزمات والمساهمة في نسبة مهمة لمنتوج القطاع السياحي. وفي هذا الإطار، قال رشيد أوباسو مكلف بالتسويق بمؤسسة فندقية بمراكش، في تصريح ل"الصحراء المغربية" إن إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية، يعني توقف 70 في المائة من النشاط السياحي، والمتعلق ليس فقط بالسياح القادمين إلى المغرب من أجل المتعة والترويح عن النفس، بل أيضا المشاركين في التظاهرات والمؤتمرات التي تساهم بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد المحلي وخلق حركية كبيرة داخل القطاع السياحي. من جانبه، أوضح أمين الزغاوي مسؤول بمؤسسة فندقية بمراكش، أن القطاع السياحي تضرر كثيرا بسبب تعليق الرحلات الجوية، مشيرا إلى أن السياحة الداخلية لايمكنها أن تحل محل السياحة الدولية لمجموعة من الاعتبارات، لأن المغرب يعتمد على 70 في المائة من ليالي المبيت على السياحة الدولية، باعتبار أن الدخل الفردي للأسواق التقليدية مرتفع مع معدل الدخل الفردي للمواطن المغربي. بدوره، أكد الزوبير بوحوت الخبير والمتخصص في القطاع السياحي، أن هذا القطاع يضم عشرات الآلاف من المؤسسات منها الفنادق، ودور الضيافة، والمطاعم السياحية، ووكالات الأسفار، ووكالات النقل السياحي، ووكالات تأجير السيارات، واستقطبت استثمارات كبيرة فاقت 17 مليار دولار، علما أن القطاع يشغل أكثر من 500 ألف عامل بصفة مباشرة. وأشار بوحوث الى أن أرقام المندوبية السامية للتخطيط كشفت عن تجاوز الاستهلاك الداخلي ل 15 مليار دولار في 2019، وتمثل فيها حصة السياحة الدولية نسبة 70 في المئة ومن ضمنها السياحة الداخلية، من دون نسيان قطاع النقل الجوي المرتبط بالقطاع السياحي الذي سجل مداخيل بقيمة 1.8 مليار دولار في 2019. وأوضح بوحوت أن الصناعة التقليدية حققت رقم معاملات مهمة للتصدير بقيمة 89 مليون دولار في 2019، إضافة إلى مداخيل الرسوم والضرائب التي يستخلصها المكتب الوطني للمطارات من رسو الطائرات ومداخيل الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجماعية التي تستخلصها الدولة إلى جانب مجموعة من القطاعات في الخدمات كالمولات والمحلات التجارية التي تستفيد من انتعاش القطاع السياحي. وأكد بوحوث في حديثه ل"الصحراء المغربية" أن عدد الوافدين للمغرب تراجعوا منذ مارس 2020 بنسبة 80 في الامئة، حيث كان العدد يصل إلى 12 مليونا و932 ألف وافد، كما تراجع عدد الليالي السياحية بستة ملايين و900 ألف في 2020، في وقت سجل المغرب أكثر من 25 مليون ليلة سياحية في 2019، هذا بالإضافة لانخفاض كبير في قيمة مداخيل السياحة الدولية، من 8.6 مليار دولار في 2019 إلى حوالى أربعة مليارات دولار في 2020. وبخصوص نجاعة المخطط الاستعجالي لدعم القطاع السياحي، وصف الزوبير بوحوت الرقم المعلن عنه في الخطة الحكومية بالهزيل مقارنة مع حجم معاملات القطاع وحجم الخسائر، مبرزا في هذا السياق، أن هناك أكثر من 30 ألف مقاولة سياحية تعاني طيلة سنتين، والمغرب خسر 9.1 مليار دولار من السياحة الدولية و4.4 مليار دولار من السياحة الداخلية. ويرى بوحوت أن الرقم المناسب للوضع الراهن هو تخصيص ملياري دولار، أما دعم الدولة للمؤسسات في ما يخص التجديد والصيانة فلا يعتبره جديدا إذ دأبت الدولة على ذلك بشكل دوري، مشيرا الى أن الإجراء الفعلي الأقرب للواقعية هو فتح الحدود متسائلا عن الداعي لاستمرار الإغلاق وتكبيد المقاولات السياحية المزيد من الخسائر، بالنظر الى أن 95 في المئة من الإصابات هي المتحور الجديد لفيروس كورونا "أوميكرون" . وخلص إلى القول، إن عملية مرحبا التي انطلقت في 15 يونيو 2021، جعلت المغرب يستقطب عددا هائلا من السياح، مما انعكس على المداخيل وعدد السياح خلال الفصل الثالث من سنة 2021 أي يوليوز غشت شتنبر، حيث وصلت قيمة مداخيل السياحة الدولية إلى 5 مليار و389 مليون درهم في الفصل الاول من سنة 2021، وفي الفصل الثاني، أبريل ماي يونيو، تم تسجيل 3 مليار و499 مليون درهم. وخلال مرحلة فتح الحدود، خلال الفصل الثالث بلغت المداخيل 15 مليار درهم و975 مليون درهم.