جاء بلاغ الديوان الملكي بخصوص مأساة رحيل الطفل ريان أورام، الذي سقط في البئر، وشغل الدنيا ليعكس الاهتمام الملكي المتواصل، بالمواطن المغربي. إن ما جرى تسخيره من أجل أن يعود الصغير ريان إلى أهله وإلى العالم، وكل الذين تشابه ليلهم ونهارهم وهم ينتظرون ساعة إخراج ريان حيا يرزق، خير دليل، لكن لا راد لقضاء لله. إن الاتصال الهاتفي، الذي أجراه صاحب الجلالة مع خالد أورام، ووسيمة خرشيش، والدي الفقيد من أجل تعزيتهما وتقديم جلالته «أصدق مواساته لكافة أفراد أسرة الفقيد في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء لله فيه» في زمن قياسي له معان كثيرة، إذ يترجم الاهتمام الملكي بالمواطن المغربي في كل شبر من المملكة، وتتبع جلالته أدق تفاصيل عملية إنقاذ الفقيد ريان، وهو ما أكده بلاغ الديوان الملكي حين أوضح أن جلالته أكد خلال الاتصال الهاتفي «بأنه كان يتابع عن كثب، تطورات هذا الحادث المأساوي، حيث أصدر تعليماته السامية لكل السلطات المعنية، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة، وبذل أقصى الجهود لإنقاذ حياة الفقيد، إلا أن إرادة لله تعالى شاءت أن يلبي داعي ربه راضيا مرضيا». وبدا على مدار أيام الإنقاذ ومن خلال الجهود، التي بذلت من قبل الجميع أن الهدف الأول والأساس هو إنقاذ ريان تثمينا لحياة مواطن مغربي ما جعلها محط تقدير ملكي كما عبر جلالته، حفظه لله، عن تقديره للجهود الدؤوبة، التي بذلتها مختلف «السلطات والقوات العمومية، والفعاليات الجمعوية»، وشمل أيضا «التضامن القوي، والتعاطف الواسع، الذي حظيت به أسرة الفقيد، من مختلف الفئات والأسر المغربية، في هذا الظرف الأليم». ومثلما جاء الاتصال الهاتفي من قبل جلالة الملك بلسما من شأنه أن يخفف عن العائلة، التي كانت وهي تتطلع إلى إخراج ابنها حيا محاطة بمختلف شرائح المواطنين الذين أعطى انشغالهم بقضية سقوطه طابعا دوليا للحادث. جاء بلاغ الديوان الملكي بخصوصه لينتشل المواطنين من حيرتهم وسط الشائعات التي كانت تتناسل منذ أن شاع خبر سقوط الطفل الراحل وانطلاق عملية الإنقاذ. لقد لوحظ بعد بلاغ الديوان الملكي أن هواة السبق والباحثين عن «البوز» خفت بريقهم ولم يعد أمامهم مجال للمتاجرة بمشاعر الناس ومآسيهم بعد أن جعلوا المواطنين فريسة مطامعهم، مستغلين تلهفهم إلى معرفة الجديد عن طفل ساقه القدر إلى البئر حيث سقط. وأنقذ بلاغ الديوان الملكي، أيضا، الإعلام الوطني مما كان يلصق به من تهم، إذ كانت بعض القنوات تلتقط ما يروجه من لا صلة لهم بالإعلام وتنسبه إلى وسائل الإعلام المغربية تجسيدا لمقولة «ناقل الكفر ليس بكافر». إن مأساة سقوط ورحيل الطفل ريان لست فقط دعوة للتمييز بين الإعلام الملتزم بأخلاقيات المهنة، بل هي أيضا فرصة أمام هذا الإعلام لينقذ نفسه، بعد ضياع فرصة افتضاح مروجي الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة في بداية زمن كورونا، إذ سرعان ما جرى التراجع، فعادت ريما إلى عادتها القديمة، وأطلق الحبل على الغارب لهواة «البوز» وترك المواطن فريسة لهم. إن مأساة الطفل ريان تدعو الإعلام الوطني إلى أن يراجع نفسه ويقوي هيئاته ويعزز دورها، ليتمكن من حماية الرأي العام من الدجل الذي يختفي وراء الإعلام. مأساة أورام ومعها المواطنون المغاربة لا تستدعي وقفة تأمل، بل النهوض إلى العمل واستغلال كل الوسائل الممكنة لمسايرة العصر، فالرصانة وتحري الصدق لا يلغيان الفعالية والمبادرة وفسح المجال أمام الصحافي ليكون بالفعل ضمير الأمة، ولتكون الصحافة سلطة رابعة.