أمام التصاعد المضطرد في عداد الإصابات ب (كورونا)، منتقلا في ظرف أسبوع من أزيد من 400 حالة إلى ما يفوق 700 نهاية الأسبوع، تزايدت المؤشرات على أن المملكة باتت على أبواب موجة وبائية ثالثة، والتي تسابق السلطات الصحية والعمومية الزمن للتخفيف من حدتها عبر تنزيل سلسلة من التدابير الوقائية الاستباقية، الهادفة بالأساس إلى تعطيل ما أمكن من الزمن وتيرة انتشار الفيروس، التي قد تكون أسرع في ظل ظهور متحور أوميكرون بالبلاد، لفسح المجال أمام استفادة أكبر عدد من المتقاعسين والمتأخرين عن أخذ جرعاتهم إلى الانخراط في حملة التلقيح، تحسبا لانتكاسة محتملة. وهذا ما يذهب إلى تأكيده أيضا البروفيسور سعيد المتوكل، الطبيب المتخصص في الإنعاش وعضو اللجنة العلمية لتدبير جائحة كورونا، إذ قال، في تصريح ل «الصحراء المغربية»، إن «بوادر الموجة الثالثة موجودة وهي في الطريق لأن حالات الإصابة في تصاعد، كما إن مؤشر إيجابية التحاليل ارتفع إلى ما فوق الأربعة، بعدما كان أقل من واحد»، ليضيف موضحا «نحن أمام موجة يتوقع أن يكون عدد إصاباتها كثيرا بعد أسبوع أو أسبوعين». وأكد البروفيسور سعيد المتوكل أنه في الأيام المقبلة سنعرف ما إذا كان متحور أوميكرون أضحى هو السائد أم لا، وزاد مفسرا، في هذا الصدد، «لا يعرف لحد الآن ما إذا كانت نسبة وجوده في حدود أقل أو أكثر، وهذا سيظهر لنا في الأيام المقبلة. فعندما تظهر النتائج إيجابية نقوم بالتسلسل الجيني، وهو الذي سيبين لنا كم النسبة، وهل أصبح مهمينا أم ليس بعد. لكن الغالب أنه هو الذي سيكون مهمينا. فكما حدث في المنطقة الجنوبية لإفريقيا وأوروبا، ستسجل لدينا الدينامية نفسها في الانتشار». وذكر أن كل الجهود الوقائية المبذولة حاليا تسعى إلى التقليل من حدة انتشار أوميكرون، مشيرا إلى أنه «لا يمكن تحييده مائة في المائة. ولذا فالمجهود يرتكز على تعطيل تفشيه الواسع، حتى لا تكون المنظومة الصحية متجاوزة». وأضاف «يمكن أن تكون الحالات أخف وليست بالأعراض الخطيرة، غير أنه عند تسجيل تصاعد في الإصابات سيكون هناك ضغط على وسائل التشخيص ومراكز الصحة التي تعاني الإنهاك لاشتغالها المتواصل على مكافحة الجائحة منذ عامين. كما قد يكون هناك ضغط على أقسام الإنعاش، إذ عندما ينتشر الفيروس بسرعة وبكثافة كبيرة وسط الكثير من السكان، لا بد أن يسجل وسطهم من ستظهر لديه أعراض شديدة تستدعي دخول العناية المركزة». وعن توقعاته بخصوص المشهد الصحي في ظل هذه الموجة المحتملة، يزيد شارحا «نسبيا الإصابات الخطيرة قد تكون قليلة، ولكن العدد الإجمالي سيكبر وسيكون هناك ضغط. ولا بد أن نمر من هذه المرحلة…وأعتقد أن نسبة الممرضة والإماتة ستكون ضعيفة». وأضاف «من قد يتعرضون لخطر كبير نسبيا يتوقع أن يكون عددهم قليلا مقارنة بما شهدناه في بداية 2020، وفي الموجة الكبيرة التي عشناها في نونبر من السنة ذاتها». وجدد البروفيسور المتوكل، بالمناسبة،»الدعوة إلى العودة السريعة والآنية إلى التدابير الوقائية البسيطة وغير المكلفة التي ثبتت فعاليتها، من قبيل ارتداء الكمامة بشكل سليم، والغسل المتكرر لليدين أو تطهيرهما بالمعقم، وتجنب التجمعات غير الضرورية، واحترام مسافة الأمان، لأنها تحد من سرعة الانتشار ب 90 في المائة»، مؤكدا، في ما يخص عملية التلقيح التي ما زالت تتسم بالبطء، أنه «رغم أنه هناك ما يعرف ب (الهروب المناعي)، والتي معها تنقص اللقاحات شيئا ما فعالية اللقاحات، لكن عند تلقي الحقنة المعززة الحماية ترتفع إلى 70 أو 75 في المائة، وهذا رقم مشرف». وأشار إلى أن الانخراط في هذه التدابير الوقائية والإسراع بالتشخيص والتداوي، «كلها أمور ستجعل حدة هذه الموجة لن تكون كبيرة». وتشهد السلطات الصحية حالة تعبئة لمحاصرة المتحور الجديد، وذلك بحصر المخالطين للحالات ال 28 وإخضاعهم لمتابعة صحية دقيقة، فيما تسهر السلطات العمومية على ضمان التقيد بالإجراءات الاحترازية المعتمدة، تفاديا لانتكاسة ستعيدنا إلى نقطة البداية في مواجهة الجائحة.