أفاد الدكتور عبد الحفيظ ولعلو، اختصاصي في العلوم البيولوجية والوبائية، أن الوضعية الوبائية ببلادنا مستقرة ومتحكم فيها، ويظهر ذلك من خلال المؤشرات المتعلقة سواء بنسبة الفتك أو عدد حالات الإصابة الجديدة المؤكدة وانخفاض لافت لعدد الوفيات، إلى جانب عدد الحالات الحرجة غير المقلق، وأيضا تلك التي ترقد بمصالح الإنعاش. مؤكدا أن المشكل يكمن في ضعف وتيرة التلقيح خاصة بالنسبة للجرعة الثالثة، حيث تبين الأرقام أنه تم بلوغ 35 في المائة فيما 65 في المائة لازالوا مترددين أو متخوفين أو هم ضحية للإشاعة بخصوص التلقيح، خاصة في صفوف المسنين والأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة وأكد الدكتور ولعلو، في تصريح ل"الصحراء المغربية" أنه من الضروري الانخراط بشكل مكثف في الحملة الوطنية للتلقيح لأخذ الجرعة الثالثة المعززة التي ستساعد الجسم على إنتاج مضادات للجسم لضمان المناعة الكافية ضد الفيروس، حيث أثبتت كل الدراسات التي تجرى على الصعيد الدولي أن الحماية تنخفض عند الشخص الملقح بعد مدة من تلقي الجرعة الثانية تصل إلى 30 في المائة. وأضاف المتحدث ذاته أن الجرعة الثالثة تهدف إلى تفادي الاستشفاء والحالات الحرجة والخطيرة والوصول إلى الإنعاش والضغط على المنظومة الصحية، مشيرا إلى أن الجرعة الثالثة تزيد من فعالية اللقاح ضد فيروس كوفيد 19 بنسبة تفوق 75 في المائة بالنسبة لجميع اللقاحات، "وبالتالي كلما كان هناك تقدم في المناعة الجماعية وانخراط جماعي للتلقيح سواء بالنسبة للجرعة الأولى أو الثانية أو الثالثة، سنكون في منأى عن موجة ثالثة، لا قدر الله، خلال الأسابيع المقبلة مع ظهور التحور "أوميكرون" الذي أصبح حاليا المهيمن في عدد من الدول الأوروبية محل المتحور السابق "دلتا" الذي كان مهيمنا بنسبة 90 في المائة في هذه الدول. وأوضح الدكتور ولعلو أن المتحور "أوميكرون" يتسم بسرعة الانتشار ويتعرض له حتى الأشخاص الملقحين، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين يتوفون أو يصلون إلى الحالات الحرجة والخطيرة هم من غير الملقحين أو الذين لم يتلقوا الجرعة الثالثة، حيث إن أكثر من 85 في المائة من هؤلاء يؤدون الثمن بأرواحهم، رغم النداءات المتواصلة من المختصين والسلطات الصحية حول أهمية التلقيح، "وهذا ما يجعلنا نتخوف من احتمال وقوع موجة ثالثة تكون أخطر وأقوى من الموجة الثانية التي شهدها المغرب في غشت الماضي من السنة الجارية". وأضاف الاختصاصي في العلوم البيولوجية والوبائية، أن انتشار المتحور الجديد أسرع بمعدل أربعة أضعاف من المتحور "دلتا"، إذ يصل إلى عشرات الآلاف كما هو الحال في بريطانيا مثلا التي أصبح يسجل فيها أكثر من 90 ألف حالة كل يوم، علما أن الدول الأوروبية التي تشهد انتشار هذا المتحور الجديد توجد في وضعية وبائية صعبة مما جعلها تتخذ إجراءات صارمة خلال هذه الأيام وعيشة الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة، من بينها منع الاحتفالات في العديد من الدول وإغلاق المدارس إلى غاية الأسابيع المقبلة من شهر يناير وفرض الجواز الصحي في الفضاءات العمومية تفاديا لانتشار العدوى، والمغرب ليس استثناء وليس بمعزل عن البلدان المجاورة في شمال البحر الأبيض المتوسط. وأضاف المتحدث ذاته أن الحكومة المغربية بدورها اتخذت مجموعة من الإجراءات في ظل هذه الظرفية من أجل التصدي لانتشار هذا المتحور الشرس، الذي أصبح يهيمن على أكثر من 85 دولة في العالم، معتبرا أن هذه الإجراءات قد تضر بالسياحة الداخلية والخارجية وبالاقتصاد الوطني، لكنها ضرورية للحفاظ على صحة المواطنين، وأن هذه الإجراءات نتيجة وضعية وبائية تنذر بأن هناك خطرا ما سنعرفه خلال الأسابيع المقبلة. وذكر الدكتور ولعلو أنه كان ينادي بالتعجيل باتخاذ إجراءات صارمة قبل حلول احتفالات نهاية السنة من أجل تحصين المجتمع من تفشي هذا الوباء، مشيرا إلى أن هناك تراخيا شاملا تجاه الإجراءات الاحترازية والوقائية في المدن والقرى في الوقت الذي يجب التقيد بها والتسريع بعملية التلقيح من أجل الحفاظ على المكتسبات التي تحققت حتى الآن ببلادنا. وحول حالة "أوميكرون" التي سجلت بالدارالبيضاء، أوضح المتحدث ذاته، أن المعطيات المتوفرة من خلال المختبرات الوطنية التي تتابع الوضعية الوبائية ومراقبة جينوم هذا الفيروس الذي يتغير بسرعة، تفيد أن هذه الحالة الوحيدة المسجلة حتى الآن، هي موضوع مراقبة طبية صارمة لتفادي انتشار هذا المتحور الجديد في المغرب، كما أن هناك متابعة لما يقرب من 20 من الخالطين المباشرين، في انتظار النتائج الرسمية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية حول عدد المخالطين الذين أصيبوا ب"أوميكرون"، وهي مسألة وقت، لأن المراقبة الجينومية تتطلب الوقت للتأكد من هذا المتحور الجديد، وحين تصل هذه المختبرات إلى نتائج مؤكدة، فإن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية هي الجهة المخول لها أن تعلن عن تلك النتائج. وأضاف الدكتور ولعلو أن إشكالية المخالطين مطروحة على كل المتدخلين من أجل ضبطهم سواء مخالطين مباشرين أو غير مباشرين، وبالتالي سيتم توسيع مراقبة المخالطين غير المباشرين للتأكد من أن هذا المتحور متحكم فيه لحد الآن، لأنه يمكن بتكثيف تحاليل "بي سي آر" للحالات الإيجابية العثور على هذا المتحور بمدن أخرى، لكن لحد الآن لم تسجل أية حالة جديدة.