أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن الحكومة تعمل جاهدة على وضع سياسات ناجعة للتشغيل واستباق حاجيات القطاعات والاستثمارات في ما يخص الموارد والكفاءات وإعدادها لمواكبة سائر التحولات التي تعرفها المنظومة الإنتاجية. وأضاف السكوري في كلمته الافتتاحية للندوة المنظمة اليوم الأربعاء بالدارالبيضاء، من قبل الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تحت شعار "الشراكة بين القطاع العام والخاص: في خدمة التشغيل من أجل رفع التحديات ومواكبة تطلعات النموذج التنموي الجديد"، أن وزارته قامت في غضون الشهرين الأخيرين بزيارة لتسع جهات، وهو ما اعتبره فرصة للاطلاع وتكوين فكرة ميدانيا على حاجيات التكوين والتوظيف، كما تطرق إلى برنامج "إدماج" و"تحفيز"، وحول هذا البرنامج الأخير أفاد الوزير أن أهميته تقتضي تمديده عقب اقتراب مدة نهايته التي تتزامن مع نهاية السنة الجارية، كما أوضح أن برنامج "إدماج" يجب أن يبلغ 100 ألف شخص السنة المقبلة. وأوضح الوزير أن العديد من الباحثين عن الشغل أضحوا يفضلون خوض غمار ريادة الأعمال، وأضاف قائلا "هناك من لا يريد أن يكون أجيرا"، وحول هذا الجانب أبرز السكوري أن التغطية الاجتماعية التي ستشمل المقاولين الذاتيين ستعزز هذا المنحى كما ستدعم إمكانية تطور هذه الشريحة إلى مقاولات صغرى. وأعلن من جهة أخرى أن هناك برامج أخرى سيتم الإعلان عنها قريبا تدعم مسارات "أنابيك" ومجهوداتها. وقبل ذلك، تطرق السكوري إلى مهام وزارته التي اعتبرها وزارة جديدة تجمع بين مهام كانت تضطلع بها ثلاث وزارات، مركزا على توجهاتها التي تستهدف دعم المقاولات الصغرى التي لها متطلبات وحاجيات غير تلك المتعلقة بالمقاولات الكبرى والمتوسطة، إلى جانب التشغيل، ومحور الكفاءات. أما محمد عشيق، المدير العام للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات فتحدث في مداخلته عن أهمية موضوع هذه الندوة، وأكد أن جهود الدولة وحدها ليست كافية للنهوض بالتشغيل، معتبرا أن تدخل القطاع الخاص أمر لا محيد عنه في هذه المعادلة الداعمة للتكاملية في مجال التشغيل. وأوضح أن تحقيق هذا الرهان يكمن من خلال الانسجام بين السياسات التي تبلورها الدولة ومبادرات القطاع الخاص عبر خلق فرص الشغل والثروة والقيمة المضافة. وتحدث أيضا عن ثلاثية الإدماج والكفاءات المهنية واستباق الطلب في ميدان التشغيل. وشهد هذا اللقاء عقد ثلاث موائد مستديرة جمعت فاعلين من مختلف مكونات القطاع الخاص الذين عبروا عن توجهاتهم في مجال التشغيل والتكوين، كما استعرضوا خارطة الطريق للمجموعات والقطاعات الاقتصادية التي يمثلونها، وكيف ينظرون إلى الشراكة قطاع عام قطاع خاص بشأن هذا الموضوع. وعرفت المائدة المستديرة الأولى إبراز يوسف الشرايبي، رئيس الفدرالية المغربية لترحيل الخدمات لأهمية الكفاءات في سوق الشغل، حيث اعتبر أن قطاع الأوتسورسينغ الذي يبلغ رقم معاملاته 14 مليار درهم أي ما يعادل رقم معاملات قطاع الطيران، يوظف حوالي 125 شخصا وأن التطور السريع الذي يعيش على إيقاعه يفرض توفير الكفاءات التي تحافظ على ريادته ومكانة المغرب في هذا المجال. وأضاف أن مقاولات القطاع الموجودة في المغرب وبدول إفريقيا جنوب الصحراء، أضحت حاضرة أيضا بأوروبا في إطار التموقع بالقرب من مانحي الأوامر، مشيرا إلى أن هذا الانتشار يعادل استثمارات كبيرة من طرف مقاولات هذا القطاع. واعتبر الشرايبي أن استمرارية تألق مقاولات القطاع ووفق التحولات التي تحدث، أضحت تفرض توفير المزيد من الكفاءات القادرة على رفع التحدي، وقال إن 5 في المائة فقط من أصل الذين يترشحون للالتحاق بهذا المجال يتم قبولهم، وعزا هذا الأمر إلى ضعف التمكن من اللغات وامتلاك معرفة في الرقمنة بشكل عام. وتابع الشرايبي "في خضم الأزمة الصحية خلق القطاع 10 آلاف منصب شغل وهو مستعد الآن لمضاعفة هذا العدد، وما يلزمنا هو توفر الكفاءات لإدماجها". ويرى الشرايبي أن ترحيل الخدمات يعتمد اليوم كذلك على توفير حلول تكنولوجية للزبناء واعتماد الرد الأوتوماتيكي و"شات بوت" و"RPA"، وكلها مهارات تستلزم مهندسين، وأبرز أن هذا القطاع أصبح كذلك يشتغل مع منظومة المقاولات الناشئة الفاعل في الميدان التكنولوجي من أجل الاستفادة من خبرتها والاستفادة من الفرص التي تتيحها هذه السوق. أما عبد المنعم العلج، رئيس الفدرالية الوطنية للصناعات الغذائية، فأبرز خلال هذه المائدة المستديرة أن هذه الفدرالية تساهم في رسم الاستراتيجيات الكفيلة بدعم نمو هذا القطاع بشراكة مع الوزارات الوصية، وأفاد أن هذه الهيئة تتوفر على ست لجان دائمة لدراسة توجهات قطاع الصناعة الغذائية، كما أفاد أن انتظارات هذا الأخير لن تكون قابلة للتحقق سوى من خلال توفر الكفاءات والتشغيل والتكوين واستباق حاجيات الأسواق، ولكنه أقر بأن التنافسية في إطار البيئة الجديدة للأعمال تحتم اللجوء إلى الصناعة 4.0 مثلا، وهذا يدفع إلى تقليص اليد العاملة والتركيز على توظيف المهندسين مثلا، إلا أنه قال إن على القطاع تدبير هذه المعادلة وبالتالي خلق المزيد من فرص الشغل. واستعرض المتدخلون خلال المائدة المستديرة الثانية التي جمعت 5 مجموعات اقتصادية كبرى هي مجموعة مناجم التي توظف 15 ألف شخص، وسيموتو اليابانية التي توظف 28 ألف شخص، وستيلانتيس التي توظف 4 آلاف شخص في إطار شراكتها مع أنابيك، وجوميا المتخصصة في التجارة الإلكترونية، وليديك التي توظف 3200 مستخدم، تصوراتهم كل حسب قطاعه لمستقبل التشغيل في إطار الشراكات قطاع عام قطاع خاص وآفاقه، كما تحدثوا عن تطوير الكفاءات، وكيفية تجاوز التفاوتات المجالية في إطار التشغيل والإدماج. وأبرز ممثل ستيلانتيس مثلا أن 50 في المائة من مستخدمي هذه المقاولة التي تعتبر اندماجا ل "بي إس أ وفياط كرايزلر"، تم انتقاؤهم من جهة الرباطسلا، في حين 50 في المائة المتبقية من باقي جهات المملكة. أما ممثل مجموعة مناجم فأشار إلى أن 150 من مستخدمي هذه المقاولة يوجدون في الدارالبيضاء من أصل 6000 موظف، معتبرا أن المجموعة لها انشغالات بخصوص التفاوتات المجالية والتوظيف. ومن ناحية أخرى أعلن أن المجموعة افتتحت خلال الأشهر الأخيرة منجما بغينيا مرتبط رقميا بالكامل، حيث يتم الحفر في باطن الأرض بواسطة آلات مرتبطة رقميا بفضاءات التحكم عن بعد، مبديا حاجة المجموعة إلى كفاءات جديدة تساير التوجهات الجديدة. وأوضح ممثل "سوميتومو" اليابانية المتخصصة في صناعة قطاع غيار السيارات، بأن المجموعة تمتلك 12 مصنعا موزعا على عدد من جهات المملكة، وأن الشركة الأم باليابان وضعت ثقتها في الكفاءات المغربية التي ستوكل إليها مهمة إنتاج احتياجات السيارات الكهربائية والذاتية القيادة، معتبرا أن هذه الأوراش تعد بخلق المزيد من فرص الشغل بالمغرب. وتطرق المدير العام ل ليديك خلال أشغال هذه المائدة المستديرة إلى عدة نقط مهمة، ومن بينها تركيزه على نسبة الموظفين الذين سيحالون على التقاعد بهذه المجموعة، وهو أمر يتطلب تعويضهم بكفاءات مماثلة. أما البلغيثي العلوي، المدير العام ل جوميا فاعتبر أن توسع مجموعته سيقتضي خلق فرص شغل عديد بالمدن التي تراهن عليها هذه المقاولة. هذا، وانكبت المائدة المستديرة الثالثة على تقديم تصورات ومبادرات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية ومساهمتها في دعم مسارات التشغيل. وتوج هذا الحدث بتوقيع عدة اتفاقيات شراكة تشمل العديد من مجالات التعاون بين الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات والفيدرالية المغربية لترحيل الخدمات والفيدرالية الوطنية للصناعات الغذائية و PEUGEOT CITROEN AUTOMOBILES MAROC (PCAM) وشركة SUMITOMO ELECTRIC Group ومجموعة مناجم ومجموعة AKWA وشركة ليديك ومؤسسة التعليم من أجل التشغيل-المغرب.