يعدّ قطاعا السفر والسياحة من أكثر من القطاعات تأثرا بالجائحة منذ 2020، ويتوقع المهنيون أن تستمر التأثيرات حتى 2024. وفيما لا تمتلك منظمة السياحة العالمية تقديرات لكيفية أداء القطاع في العام المقبل، فإن توقعاتها على المدى المتوسط ليست مشجعة. وهو الاتجاه الذي ذهب إليه الفاعلون المحليون إذ أكد هؤلاء أن القطاع يتأزم يوما عن يوم، ويفتقد لوضوح الرؤية وأيضا سيعاني من فقدان الثقة. وصف لحسن زلماط، رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعة الفندقية، خسائر القطاع السياحي خلال هذا الشهر وحتى غاية مارس من السنة المقبلة بالفادحة، وزاد موضحا أنها "تصل إلى 90 في المائة، بما أن هذه الفترة لا تشهد انتعاشا للسياحة الداخلية". واعتبر زلماط الوضع السياحي كارثيا، مضيفا في تصريح ل "الصحراء المغربية" أنه مع كل قرار يتم اتخاذه تزداد الوضعية تأزما، في إشارة منه إلى بلاغ الحكومة الأخير القاضي بمنع جميع المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية. وأورد قائلا "أمام فقدان القطاع لرؤية واضحة، لم يتبق أمامنا سوى إغلاق جميع الفنادق"، مبرزا أن حجم الخسائر يتباين بحسب تصنيف الفندق وعدد العاملين به، والمصاريف والتحملات من ضرائب وكهرباء إلى غير ذلك". وشدد مهني آخر من القطاع على أن مثل هذه القرارات تزيد من فقدان الثقة، التي لا يمكن استعادتها في ظل هذه الظروف، ما يعمق أزمة هذا القطاع للعام الثاني، وأضاف أن "ما زاد الطين بلة هو إغلاق الحدود الذي أسفر عن إلغاء الحجوزات وتحويل وجهات السفر نحو بلدان منافسة، ما سيؤدي إلى إغلاق جل الفنادق علما أن الثلثين منها بقيت مغلقة أصلا منذ بدء الجائحة". وأبرز الفاعل السياحي أن حتى السياح الذين أجلوا حجوزاتهم إلى فبراير أو مارس سيقومون بإلغائها، بناء على عدم وضوح رؤية القائمين على القطاع، وأيضا بسبب فقدان السياح للثقة، لأنه سيتخوفون من أن يعيشوا تجربة إغلاق الحدود وما يصاحبها من ارتباك وازدحام". وكان أثار إعلان السلطات المغربية تعليق الرحلات الجوية المنتظمة للمسافرين من وإلى فرنسا، وأيضا "إغلاق المجال الجوي" استياء المهنيين من القطاع السياحي. وقال مصدر مهني إنه في الوقت الذي يتحمس فيه مهنيو القطاع من أجل انطلاق القطاع وإعادة انتعاشه، يتفاجأون مرة أخرى بمثل هذا القرار، الذي سينعكس سلبيا على السياحة. وزاد موضحا أن فصل الشتاء الذي كان المهنيون يراهنون عليه لتعويض الخسائر التي تكبدوها السنة المنصرمة، تلاشت كل بوادر الأمل من أجل استئناف حقيقي للنشاط، خاصة خلال فترة احتفالات رأس السنة، التي تعتبر في ظل الظروف العادية فترة ذروة. ويعدّ قطاعا السفر والسياحة من أكثر من القطاعات تأثرا بجائحة كورونا خلال 2020، ومن المتوقع أن تستمر تأثيراته على هذه القطاعات حتى 2024. وفيما لا تمتلك منظمة السياحة العالمية تقديرات لكيفية أداء القطاع في العام المقبل، فإن توقعاتها على المدى المتوسط ليست مشجعة. وكانت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة قدرت خسائر السياحة خلال العام الجاري من جائحة فيروس كورونا بنحو تريليوني دولار، وهو ما يعادل الخسائر المسجلة في 2020، واصفة تعافي القطاع بأنه "بطيء" و"هش". وكان قطاع السياحة العالمي قد خسر بالفعل تريليوني دولار (1.78 تريليون يورو) العام الماضي بسبب الجائحة وفقًا لمنظمة السياحة العالمية، ما يجعله أحد أكثر القطاعات تضرراً من الأزمة الصحية. في المقابل، أكدت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، خلال افتتاح الدورة ال24 للجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية بمدريد، أن الوباء المترتب عن فيروس "كورونا" يشكل فرصة فريدة لتحويل القطاع السياحي والتكيف مع مستجدات السوق. وقالت عمور إن "كوفيد-19 أضحى في السياق الراهن جزءا من المعادلة ويمنحنا فرصة فريدة لتحويل القطاع السياحي، من خلال التكيف مع مستجدات السوق، واستشراف تغيرات استهلاك المسافرين والاستفادة من الفرص القائمة". يشار إلى أن فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، كانت عقدت اجتماعا مع تمثيلية القطاع السياحي، حيث تم التطرق إلى جميع التحديات الهيكلية للقطاع بما في ذلك، آخر المستجدات الوطنية والدولية المؤثرة على نشاط القطاع، والصعوبات التي يواجهها المهنيون والتي تشهدها منظومة القطاع السياحي، وآفاق استراتيجية تعافي القطاع للسنوات المقبلة. وإدراكًا منها لأهمية السياق، عبرت عمور عن التزامها بالإسراع بتنفيذ تدابير استعجالية في أقرب وقت ممكن. كما التزمت بوضع خارطة طريق تأخذ في الاعتبار توقعات المشغلين لإعادة إطلاق القطاع. ويشكل القطاع السياحي إحدى الرافعات الرئيسية للتنمية الشاملة في البلاد، وذلك بالنظر إلى مساهمته في استقرار التوازنات الخارجية وخلق فرص الشغل وتعزيز النمو الاقتصادي. فالقطاع السياحي يشغل ما يقارب 5 في المائة من السكان النشيطين بصفة مباشرة، ويساهم بحوالي 7 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي الوطني وبما يناهز 80 مليار درهم سنويا في مداخيل الأسفار بالعملة الصعبة. وجاء في المذكرة التقديمية لمشروع قانون مالية 2022 أن الأزمة الاقتصادية المترتبة عن جائحة كوفيد19 كان لها تأثير كبير على القطاع السياحي الذي سجل تدهورا مهولا في نشاطه.