صادق مجلس النواب أول أمس السبت، على مشروع قانون المالية لسنة 2022برمته، بالأغلبية حيث صوت لصالحة 206 نواب مقابل معارضة 67 نائبا، في حين لم يسجل امتناع أي نائب. وحظي الجزء الأول من مشروع المالية، خلال الجلسة العمومية، التي خصصها مجلس النواب للمصادقة على مشروع قانون المالية والرد على تدخلات الفرق والمجموعة النيابية، بموافقة 206 نواب مقابل معارضة 67، فيما لم يسجل امتناع أي نائب عن التصويت على المشروع، كما حصل الجزء الثاني من المشروع على موافقة العدد نفسه ومعارضة 67 نائبا، وعدم امتناع أي نائب. وكانت نادية فتاح علوي وزيرة الاقتصاد والمالية، قالت في معرض ردها على تدخلات الفرق والمجموعة النيابية، خلال المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2022، إن هذا الأخير عرف تقديم 129 تعديلا على الجزء الأول من المشروع، معلنة أنه تم سحب 20 تعديلا وتم قبول 31 تعديلا آخر.
وأوضحت فتاح علوي أن الحكومة لم تلجأ للفصل 77 من الدستور في ما يخص التعديلات المقدمة على مشروع قانون المالية، معتبرة أن ذلك "يعكس الأجواء الإيجابية التي طبعت أشغال لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب". وأضافت الوزيرة أن الحكومة حرصت على مد النواب بالمعطيات المفصلة تجاوبا مع تساؤلاتهم وملاحظاتهم، قائلة "حرصنا في الوقت نفسه على التجاوب مع تعديلاتهم بما ينبغي من الجدية والشفافية والالتزام بالدراسة الموضوعية لمختلف المقترحات".
وشددت على أنه لابد من استغلال بداية هذه الولاية التشريعية من أجل تأسيس علاقة مبينة على الصدق والوضوح، وخلق فضاءات للنقاش والتشاور المستمر حول كل الإصلاحات التي تعتزم الحكومة تنزيلها. وفي ردها على تساؤلات النواب حول اللجوء إلى الدين، قالت فتاح علوي، إن "اللجوء إلى الدين ليس مشكلا في حد ذاته لأنه موجه بالأساس إلى تمويل الاستثمار المنتج للثروة وفرص الشغل". وأبرزت الوزيرة أن أول ما قامت به الحكومة في هذا المشروع بعد ارتفاع حجم المديونية نتيجة الأزمة، التي بلغت 76 في المائة من الناتج الداخلي الخام، هو العودة إلى تطبيق أحكام القانون التنظيمي للمالية في ما يتعلق بتوجيه الدين حصريا لتغطية نفقات الاستثمار وسداد أصول الدين، مفيدة "لقد كنا أمام معادلة صعبة حيث كان من اللازم البحث عن موارد إضافية للتمكن من تغطية النفقات العادية غير القابلة للتقليص، وهي نفقات الموظفين والتسيير والمقاصة وفوائد الدين، وبالتالي تحقيق رصيد إيجابي عادي لأول مرة منذ سنتين، وبرمجة التزامات البرنامج الحكومي بإضافة حوالي 9 ملايير درهم على مستوى نفقات الاستثمار".
كما شددت المسؤولة الحكومية على أن الحكومة عمدت إلى تقليص عجز الميزانية من 6.7 في المائة إلى 5.9 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مؤكدة أن الحكومة استطاعت في ظرف وجيز وبفضل تضافر الجهود أن تقوم بحل هذه المعادلة الصعبة، وأن تقدم مشروع قانون مالي يحترم المبادئ الأساسية للقانون التنظيمي لقانون المالية، ويفي بجزء مهم من التزامات الحكومة تجاه المواطنين، ويضمن استدامة المالية العمومية، ويؤسس لتقليص حجم المديونية الذي بلغ مستويات مقلقة. وأضافت فتاح علوي، "لقد رفعنا من الموارد الجبائية ليس من خلال رفع الضغط الضريبي بل من خلال تقوية المراقبة وتحسين مستوى التحصيل وإقرار المساهمة التضامنية دون المساس بمداخيل الطبقة المتوسطة"، مبرزة أن الحكومة رفعت من نفقات الاستثمار ب 10 ملايير درهم، وليس من نفقات التسيير حرصا منها أن يوجه هذا المجهود لإنعاش الاقتصاد الوطني.
وشددت على أن الحكومة تسعى إلى التحكم في مستوى المديونية والحفاظ على استدامتها وذلك للتحكم في الموارد المالية المخصصة لخدمة الدين، والحفاظ على موارد البلاد من العملة الصعبة، وتفادي مزاحمة القطاع الخاص في السوق الداخلي، إلى جانب الحفاظ على السيادة الاقتصادية والمالية لبلادنا. وأكدت أن "الحكومة لن تخل بالتزاماتها تجاه المواطنين والتدابير التي أقرتها دليل على ذلك، فمشروع قانون المالية واقعي يؤسس للثقة لأنه يتوجه لكل الفاعلين بالتزام الفعالية والدعم والمواكبة، وهو مشروع الأمل لأنه يعبد طريق مغرب الغد" وكشفت الوزيرة أن الحكومة قبلت العديد من التعديلات، أهمها توسيع نطاق المساهمة الاجتماعية للتضامن لتشمل الدخول المهنية أو الفلاحية المحققة من قبل الأشخاص الذاتيين والمحددة وفق نظام النتيجة الصافية الحقيقية، وتخفيض سعر جدول الضريبة على الشركات بالنسبة للشركات الصناعية من 28 في المائة إلى 26 في المائة عوض 27 في المائة، وتخفيض سعر الحد الأدنى للضريبة من 0.45 في المائة إلى 0.4 في المائة، وتخفيض معامل هامش الربح المطبق على مهن الحلاقة والتجميل من 30 في المائة إلى 20 في المائة وعلى بائعي التبغ من 4 في المائة إلى 3 في المائة، فضلا عن تمديد الإعفاء من الضريبة على الدخل بالنسبة للأجر المدفوع إلى الأجير بمناسبة أول تشغيل، وذلك إلى غاية 31 دجنبر 2022، وتطبيق رسم الاستيراد على الأنابيب والمصابيح المتوهجة بنسبة 17 في المائة عوض 40 في المائة، وتمكين الجمعيات العاملة في مجال مكافحة آثار الكوارث الطبيعية من الاستفادة من الإعانات الممنوحة من الحساب المخصص لمكافحة آثار الكوارث الطبيعية.
وخلصت الوزيرة إلى أن "الأمل هو الخروج من هذه الأزمة أكثر قوة وصلابة وكسب رهانات الغد". تدخلات الفرق والمجموعة النيابية تباينت مواقف فرق الأغلبية وفرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، حول مشروع قانون المالية لسنة 2022، إذ في الوقت الذي شددت فرق الأغلبية على مدى الأهمية التي يكتسيها بالنظر إلى طابعه الاستراتيجي وانفراده بميزة غنى وتعدد مرجعياته، ونضج الحكومة في التعاطي مع أولويات المواطن، عبرت مجموعة المعارضة عن غياب الحس السياسي لدى الحكومة وارتباكها في مسطرة إعداده وتقديمه وابتعاده عن المرجعيات المعلنة في تأطيره. كما تباينت قراءة الفرق النيابية حول الفرضيات التي بني عليها مشروع قانون المالية لسنة 2022، حيث اعتبر فريق الأغلبية أنها واقعية ومقبولة، مقابل اعتبار فرق المعارضة والمجموعة النيابية، أنها هشة وتفتقد الجرأة.