الداكي: الحق في الولوج إلى العدالة يمارس في الجهات الجنوبية بالطريقة ذاتها التي يمارس بها في باقي جهات المملكة عبد النباوي: السلطة القضائية تؤكد اصطفافها ضمن كل مكونات المملكة وراء جلالة الملك للدفاع عن الوحدة الترابية وهبي: وزارة العدل لن تدخر من موقعها داخل الحكومة جهدا في استغلال جميع مساحات الدفاع سياسيا وقانونيا على عدالة قضيتنا الوطنية
في سياق تخليد الذكرى السادسة والأربعين لحدث المسيرة الخضراء، نظمت، أمس الثلاثاء، هيئة المحامين بأكادير – العيون، بمدينة الداخلة، النسخة الثالثة من الندوة الدبلوماسية الموازية حول موضوع "الآثار القانونية والسياسية للاعتراف الدولي بمغربية الصحراء". الندوة العلمية والفكرية التي أصبحت حدثا سنويا بارزا، عرفت حضور نخبة من مختلف المشارب القانونية والفكرية وقضاة ومحامين على رأسهم وزير العدل، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة. وفي هذا الصدد، قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن اللقاء "محطة وطنية تدعونا للاعتراف والامتنان والتأمل في عبقرية الملك الراحل الحسن الثاني، طيب الله ثراه، صانع هذا الحدث التاريخي المهم، الذي أسس لانطلاقة مختلفة واستباقية في مسيرة الدفاع عن عدالة وحدة بلادنا الوطنية والترابية". وأضاف وهبي أن عقد اللقاء العلمي "يتميز بخطاب ملكي نوعي، بل غير مسبوق، وجه عبره جلالة الملك محمد السادس رسائل وطنية داخلية دقيقة.. وخص فيه الشركاء والخصوم وباقي المنتظم الدولي، برسائل خارجية استراتيجية..". وأكد عبد اللطيف وهبي، في كلمته في افتتاح هذه الندوة، أن "وزارة العدل لن تدخر من موقعها داخل الحكومة، جهدا في استغلال جميع مساحات الدفاع سياسيا وقانونيا على عدالة قضيتنا الوطنية". وزاد قوله "داخليا عبر تعزيز الوحدة الوطنية ودعم قدرات دفاع المجتمع المدني، وخارجيا من خلال استغلال المجالات التي تفتحها علاقات التعاون الدولي أو الثنائي في مجال العدل، أو من خلال الحضور داخل مختلف المحافل الدولية". وأكد وهبي أنه "انطلاقا من الأدوار والمهام الموضوعة على عاتق العدالة عموما، فإن الرهان كبير على هذه الأخيرة لتعزيز الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء داخليا، من خلال دورها المهم في تعزيز الأمن القضائي وأسس دولة الحق والقانون، وتحصين الحماية الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز الثقة لدى المستثمرين بمختلف ربوع المملكة عموما وبمناطقنا الجنوبية خصوصا". وأبرز وزير العدل أن "الحكومة شرعت منذ سنين في تعزيز وتقوية البنية التحتية لجهاز العدالة بمختلف المدن الصحراوية، مشددا على "الأدوار المهمة، التي يلعبها المحامون داخل المجتمع، عبر مسؤوليتهم الدقيقة داخل منظومة العدالة، باعتبارهم إحدى الركائز الأساسية للعدالة، لإقرار الحقوق والحريات في القضايا المجتمعية العامة وفي القضايا المعروضة أمام القضاء". واعتبر أن "المحامين ظلوا يحملون هم الدفاع عن الحقوق والحريات، وانشغالات المحاكمة العادلة، وهذه الأهداف من عمق الديمقراطية، بل هي كنه التوجه الديمقراطي الذي اختارته بلادنا، والذي أسس فكرة الجهوية المتقدمة، كإطار عام لتنزيل مشروع الحكم الذاتي بأقاليمنا الجنوبية". وقال المتحدث إن "هذا الدور المحوري الذي يلعبه المحامي، هو الذي يجعلنا جميعا أمام مسؤولية كبرى في مواجهة قضايا المحاماة، لأن الإصلاح يرتبط بقرارات جريئة وشجاعة بعيدا عن الذاتية والمجاملات المهنية، أو غض الطرف عن بعض الانزلاقات، بل الحقيقة تقتضي إعادة النظر في عدة قضايا كي نعيد لمهنة المحاماة توهجها القانوني، بناء على اجتهادات قانونية تساعد المشرع في تقوية البناء القانوني، وتساعد السياسي في بلورة سياسة جنائية تضمن للمواطن الأمن النفسي والأمن القضائي". وجدد التأكيد على أن وزارة العدل تؤمن بضرورة إصلاح قانون مهنة المحاماة حتى تتمكن هيئة الدفاع من جميع الميكانيزمات والآليات والوسائل لتكون قوة حقيقية، وطرفا وازنا داخل منظومة العدالة. من جانبه، استحضر محمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية قول جلالة الملك (11/10/2013) إن "قضية الصحراء ليست فقط مسؤولية ملك البلاد، وإنما هي أيضا قضية الجميع"، مؤكدا اصطفاف السلطة القضائية ضمن كل مكونات المملكة وراء جلالة الملك للدفاع عن الوحدة الترابية. وقال عبد النباوي، في كلمته بالمناسبة، إن "السلطة القضائية تؤكد التزامها بقضايا الوطن العادلة، وبالدفاع عن حقوق وحريات المواطنين. وعلى أهمية الدبلوماسية الموازية للعدالة، في الدفاع عن مختلف القضايا الوطنية، بكل المحافل الدولية والإقليمية والقارية". واعتبر أن انعقاد الندوة العلمية حول الدبلوماسية الموازية في هذا الوقت بالذات بحاضرة جهة وادي الذهب، بعدما أصبحت مقراً لقنصليات العديد من الدول "يعد تثمينا وتقديرا لرجاحة مبادرات الدبلوماسية المغربية الرسمية التي يقودها جلالة الملك من نصر إلى نصر، بموازاة مع النهضة التنموية الشاملة، التي تعيشها المنطقة على غرار الجهات الأخرى من المملكة". وأشار الرئيس المنتدب إلى أن السلطة القضائية على اختلاف مكوناتها "كانت واعية على الدوام بأدوارها التي يفرضها واجبها في الدفاع عن القضايا الوطنية ذات الأولوية. وقد سخرت محكمة النقض بحكم مكانتها كمحكمة عليا على رأس الهرم القضائي، إمكانياتها وما أتيح لها من فرص التواصل المؤسساتي على المستوى الإقليمي والدولي في إطار الزيارات المتبادلة والملتقيات والمناظرات، للتعريف بالقضية الوطنية، والدفاع عن عدالتها، ومشروعية مواقف المملكة المغربية ووجاهة خياراتها". وشدد عبد النباوي على أن "القضاء المغربي، ومختلف مكونات العدالة بالمملكة مصممة العزم على مواصلة مهمتها في إطار الدبلوماسية الموازية، بالإضافة إلى مهامها الأصلية، مدافعة عن حقوق وواجبات الأشخاص بكافة ربوع المملكة، إسهاما منها في ترسيخ بناء دولة القانون والمؤسسات". وفي هذا الإطار، قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، إن "المتحدث عن تاريخ القضاء في المغرب ودوره في وحدة البلاد ومغربية أقاليمه الجنوبية لا يمكنه أن يتنكر للدور الذي لعبه تعيين القضاة في تكريس هذه الوحدة". وأضاف الداكي "في هذا السياق المتسم بالتحولات الكبرى التي عرفتها منظومة العدالة ببلادنا، تستمر اليوم اللحظات المشرقة في تاريخ القضاء المغربي من خلال مساهمة القضاء في مواكبة مسار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية وفي بلورة الجهوية المتقدمة سواء من حيث حماية الحقوق الأساسية وتحقيق الأمن القضائي للمواطنين أو المساهمة في تحسين مناخ الأعمال". وأكد رئيس النيابة العامة، في كلمته خلال الندوة، أن " تقرير تقييم فعلية الحقوق الإنسانية الأساسية في الأقاليم الجنوبية، الذي تم إعداده من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2013، أشار إلى أن الحق في الولوج إلى العدالة يمارس في الجهات الجنوبية بالطريقة ذاتها التي يمارس بها في باقي جهات المملكة، وأن مراقبة وتحسين احترام الوضعية القانونية للطفل وضمان الحماية القانونية للأمومة يجري ضمانها في مجموع أقاليم الجهات الجنوبية، على الشكل نفسه الذي تشهده باقي جهات المملكة". وأكد أن رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها بتاريخ 07 أكتوبر 2017 عملت على استحضار الدور الذي يمكن أن تلعبه في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى، حيث اعتمدت الدبلوماسية الموازية كآلية مواكبة للدبلوماسية الرسمية، وأخذت على عاتقها اعتماد وتفعيل استراتيجية تواصلية ومقاربة منفتحة قوامها نسج علاقات متينة مع السلطات القضائية الأجنبية وبعض المؤسسات والمنظمات الدولية، والتي تعنى بموضوع العدالة والقانون، مضيفا أن ذلك "مكنها من التعريف بالتطورات التي تشهدها بلادنا على المستوى القانوني والحقوقي وأيضا على المستوى القضائي وتحسيسها بأهمية قضايانا الوطنية ووجاهة موقف بلادنا تجاهها".