أفادت مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن الدولي، أمس الخميس، أن أعضاء المجلس يعربون عن القلق من إجراءات الجيش السوداني الأخيرة، وقالت المصادر ذاتها إن بريطانيا توزع مسودة ثالثة لمشروع بيانها في المجلس بشأن السودان. كما يدعو مشروع البيان السلطات العسكرية في السودان إلى إعادة إرساء الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين على أساس الوثيقة الدستورية. وتأتي الخطوة البريطانية بعد أن أثارت روسيا اعتراضات على تضمين بيان المجلس أي إدانة لإجراءات الجيش السوداني. وتشير المصادر إلى وجود فرصة معقولة لصدور البيان بصياغته الأخيرة المطروحة حاليا، حيث خلا النص من أي إشارة إلى وقوع انقلاب عسكري بالسودان، ولم يتضمن إدانة لإجراءات الجيش. وقال ممثل السودان في الأممالمتحدة محمد محمود محمد إنه من المهم أن يواصل مجلس الأمن الدولي دعم الشعب السوداني في هذه المرحلة التي وصفها بالمهمة والمفصلية. ودعا محمد محمد مجلس الأمن للعب دور بناء في تقريب المواقف بين المدنيين والعسكريين في بلاده، مؤكدا وجوب الحفاظ على مكاسب العامين الماضيين في البلاد بما يتسق مع مبادئ الوثيقة الدستورية. وقال بيان للخارجية الأمريكية إن الوزير أنتوني بلينكن بحث في اتصال مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي الوضع في السودان، وإن بلينكن رحب بقرار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي بتعليق عضوية السودان. وأضاف البيان أن بلينكن وفكي اتفقا على ضرورة عودة السودان إلى القيادة المدنية، وأنهما أكدا حق السودانيين في التعبير عن مطالبتهم بالحكم المدني من دون استخدام القوة ضدهم. وقال بيان آخر للخارجية الأمريكية إن بلينكن جدد خلال اتصال مع وزيرة الخارجية السودانية (المعزولة) مريم الصادق المهدي إدانة واشنطن لاستيلاء الجيش على السلطة في السودان، وفق تعبير البيان. وأضاف البيان نفسه أن بلينكن بحث مع مريم الصادق المهدي الخطوات التي يمكن أن تتخذها واشنطن لدعم السودانيين. وأعلنت الخارجية الروسية أن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، ناقش في اتصال هاتفي الوضع في السودان مع المبعوث الأمريكي الخاص جيفري فيلتمان. وقالت الخارجية الروسية -في بيان- إن الطرفين بحثا آخر التطورات، حيث أكد الجانب الروسي عدم جواز التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لهذا البلد. وأضاف البيان ذاته أن الجانب الروسي شدد على ضرورة تحقيق استقرار الوضع وتسوية التناقضات القائمة بين الأطراف السودانية من خلال حوار شامل بمشاركة جميع القوى السياسية. وبحث القائد العام للقوات المسلحة في السودان عبد الفتاح البرهان مع السفير السعودي في الخرطوم علي حسن بن جعفر تطورات الأوضاع السياسية في البلاد. وقال المكتب الإعلامي للبرهان إن اللقاء تناول الجهود المبذولة لحل الأزمة من خلال التشاور مع كافة الأطراف ذات الصلة. وأكد السفير السعودي لدى الخرطوم حرص بلاده على تحقيق الاستقرار بالسودان ودعمها في كل ما يؤدي إلى تحقيق الوفاق بين القوي السياسية، حسب بيان مكتب قائد الجيش. وفي تطور آخر، أعفى البرهان 6 سفراء من مناصبهم، بعد رفضهم قراره حل مجلسي الوزراء والسيادة. وذكر التلفزيون الرسمي السوداني -أول أمس الأربعاء- أن القائد العام للجيش أعفى كلا من سفراء السودان لدى الولاياتالمتحدة نور الدين ساتي، ولدى الاتحاد الأوروبي عبد الرحيم خليل، ولدى قطر عبد الرحيم صديق، ولدى الصين جعفر كرار، ولدى فرنسا عمر مانيس، فضلا عن رئيس البعثة السودانية بجنيف علي الجندي. وكان مصدر دبلوماسي قال لرويترز إن سفراء السودان لدى 12 دولة -منها الولاياتالمتحدة والإمارات والصينوفرنسا- رفضوا استحواذ الجيش على السلطة في السودان الاثنين الماضي، وحل عدد من مؤسسات الحكم الانتقالي. وقالت مصادر للجزيرة إن السلطات السودانية اعتقلت إيهاب الطيب بلة القيادي في لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة. وأفادت مصادر إعلامية أن قوات من الجيش والدعم السريع تقوم بفتح الشوارع التي أغلقها المحتجون شرقي الخرطوم، وأنها فتحت جسر المنشية الرابط بين الخرطوم وشرق النيل أمام كل السيارات والمشاة من دون تفتيش. وفي الأثناء، يواصل المتظاهرون في الخرطوم احتجاجاتهم رفضا لقرارات القائد العام للجيش التي بموجبها حلّ حكومة حمدوك ومجلس السيادة، وعلق العمل بعدد من مواد الوثيقة الدستورية، وأعلن حالة الطوارئ. وقام المحتجون بقطع الطرق في عدد من أحياء الخرطوم، مطالبين بحكم مدني ورافضين الحكم العسكري في البلاد، وشوهد مئات من المتظاهرين وهم يرشقون قوات الأمن بالحجارة أثناء محاولتها إزالة العوائق التي أقامها المتظاهرون من شارع الستين؛ أحد أبرز الشوارع في شرق العاصمة. وتواصل في شوارع العاصمة السودانية، أمس الخميس الانتشار الأمني المكثف للجيش وقوات الدعم السريع، لا سيما في شارع المطار وفي شمال العاصمة، وأطلق عناصر الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على عشرات المتظاهرين.