قال محمد بودن، المحلل السياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن المشاورات بين رئيس الحكومة المعين والأحزاب السياسية في بدايتها استطلاعية، مؤكدا أن الملامح العامة للمشاورات تتجلى في كونها إيجابية من حيث الخطاب. وأضاف بودن في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن الأحزاب التي شاركت في اليوم الأول للمشاورات بشأن تشكيل الحكومة، عبرت عن إمكانية وجودها كشريك لحزب التجمع الوطني للأحرار في الحكومة، مؤكدا أن هذا الأمر يضع مزيدا من الخيارات أمام رئيس الحكومة المعين، ويجعل إمكانية تشكيل الحكومة ممكنا. وأضاف بودن "أعتقد بأن هذه المرحلة لها أهميتها من الناحية السياسية والدستورية، وهي مختلفة في ما يتعلق بطبيعة المشاورات التي جرت ما بعد دستور 2011، حيث أن طابعها المؤسس واضح وأيضا تواصل الأحزاب كان لافتا، وأبدى خلالها كل حزب اهتمامه بالدعوة التي قدمها رئيس الحكومة المعين، وأبدت رغبتها في المشاركة"، كاشفا أن هذه المشاورات تطرح الكثير من القراءات، بحيث أنه على المستوى السياسي هناك تقارب بين حزب التجمع الوطني للأحرار وبعض الأحزاب التي تقاسمت معه المواقف في المرحلة السابقة مثل الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، وعلى مستوى البرامج أعتقد أن هناك تقاربا على مستوى الاهتمامات كالتعليم والصحة والتشغيل وتقوية القدرة الشرائية للمواطن مع بعض الأحزاب كحزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، ولو أن ترتيب الأولويات مختلف لكن هناك تقارب. وعلى مستوى العدد، أوضح المتحدث، أن هناك أكثر من سبعة سيناريوهات ممكنة لتشكيل الأغلبية الحكومية، مؤكدا أن هناك احتمالا بأن تتشكل الأغلبية الحكومية قبل المواعيد الدستورية خاصة افتتاح الدورة التشريعية الحادية عشرة التي ستجعل المواعيد السياسية مكثفة في المستقبل، مضيفا "يظهر لي أن مختلف الأحزاب حضرت المشاورات بشخصية ثانية باستثناء حزب الاستقلال والاتحاد الدستوري، مما يعني أن هناك توازنات داخل تلك الأحزاب ولها وزنها". وقال بودن "من المؤكد أن هذه فرصة كبير لرئيس الحكومة المعين ليشكل حكومة قوية ببرنامج منسجم، وأتصور أن المهم هو أن تستمر هذه الحكومة، ليست فقط في تشكيلها ولكن ضمان في أسباب استمرارها إلى غاية الخمس سنوات المقبلة"، موضحا أن رهانات المواطنين على هذه الحكومة تتجلى في تقديم أجوبة عن مختلف التطلعات في القضايا الاجتماعية والاقتصادية ومعالجة تداعيات الجائحة الصحية والنموذج التنموي الجديد، فضلا عن تجديد النخب الوزارية بضخ نخب جديدة وكفاءات جديدة حتى تكون الحكومة متناسبة مع متطلبات المرحلة. وفي رده على من سيمثل المعارضة، خلال الخمس سنوات المقبلة في حال شاركت كل هذه الأحزاب في الحكومة، قال بودن، إن دور المعارضة مهم جدا نظرا لموقعها الدستوري والقانوني ودورها في إثراء الحياة الديمقراطية للبلد، وكذا الأفكار والمقترحات التي يمكن أن تطور العمل الحكومي وتدفعه إلى الأمام، مضيفا أن المنافسة في الحياة السياسية والتعددية، يجب كذلك أن تبقى وتستمر،"وفي تقديري له مفتاح حقيقي لأنه من الناحية المنصفة المواطن أعطى أصواته للأحزاب الثلاثة الأولى، وهذا يعني أنه يريد أن يختبرها في التدبير، لكن هناك معايير أخرى أعتقد أنه ليست فقط القوة الانتخابية، هناك معايير أخرى مرتبطة بتشابه البرامج وبالرغبة في تحقيق حكومة منسجمة". وأبرز أن فرض شروط على الأحزاب وتقبلها لتلك الشروط، عناصر ستتحكم في تشكيل الحكومة، مؤكدا أن المفتاح سيكون عبر ذهاب أحد الأحزاب الكبيرة إما الاستقلال أو الأصالة والمعاصرة إلى المعارضة مع أحزاب كالتقدم والاشتراكية وحزب العادلة والتنمية، وأيضا الأحزاب التي حصلت على مقاعد قليلة، و"يمكن لهذه المعارضة أن توفر بديلا في المستقبل، أما انتصاف الحكومة لكل الأحزاب أعتقد أن هذا سيجعل المشهد السياسي بتحالفات موسعة جدا، مما سينعكس على العقلنة المؤسسية التي ينبغي أن تحافظ على دور المعارضة، لأن المعارضة لها مهام في البرلمان ولجنة التشريع، كما يجب أن تبحث عن استثمار كل الاختصاصات التي يمنحها لها الدستور خاصة مراقبة العمل الحكومي، وأيضا تقييم السياسات العمومية والمساهمة في سن التشريعات، مؤكدا أن المعارضة لا يجب أن تبقى معارضة إيديولوجية تعتمد على الخطاب السياسي المبالغ فيه بل يجب أن تكون معارضة بناءة وعملية وتعترف بالجهود أن كانت وتنتقد نقاط الخصاص أو النقص إن كانت"، يؤكد المحلل السياسي.