لم يكن القرار الذي اتخذه النظام الجزائري بإعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، اعتبارا من أول أمس الثلاثاء، قرارا مفاجئا. وقال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ علم السياسة في كلية الحقوق جامعة القاضي عياض بمراكش، إن "القرار الجزائري لم يكن مفاجئا، بل كان متوقعا أن يرد النظام الحاكم في الجارة الشرقية على مبادرة اليد الممدودة من المغرب بهذا التعنت ويذهب إلى أسوأ الاحتمالات". وأضاف بنطلحة، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن من يعرف مبادئ المدرسة السلوكية في العلاقات الدولية، لم يكن من الصعب عليه أن يتوقع ردود فعل نظام مثل النظام الجزائري، الذي لا يستند فيه اتخاذ القرارات إلى أي أسس سياسية أو استراتيجية. وأوضح الخبير في الشؤون السياسية أن الرد الذي صدر، أول أمس الثلاثاء، عن النظام الجزائري تجاه المغرب يعكس طبيعة التفكير ونوعية السلوك السياسي لدى هذا النظام، حيث لا توجد فيه مؤسسات سياسية ديموقراطية، ولا هيئة خبراء أو مستشارين، ولا مراكز للدراسات الاستراتيجية يمكن أن تتداول بينها المقترحات وتناقش الحلول المطروحة، وتتخذ القرارات بشكل علمي مدروس يراعي مصالح البلاد الجزائرية قبل كل شيء. مقابل ذلك، أكد محمد بنطلحة أن المناخ، الذي يجري فيه اتخاذ القرارات السياسية لدى النظام الجزائري يستند إلى النرجسية، التي تسيطر على مجموعة الفاعلين في المؤسسة الحاكمة التي يتقاسمها عسكريون وسياسيون تابعون لهم. وهذه المجموعة تنتمي إلى الطبقة الحاكمة التي تركها الاستعمار الفرنسي، وما تزال تعيش في مرحلة زمنية متجاوزة. وقال بنطلحة إن "المجموعة الحاكمة في الجزائر بعيدة كل البعد عن مفهوم الدولة، فهي تقرر مصالحها لنفسها بنفسها وتتجاهل مصالح البلاد، وتشعر بأنها ظلت في الحكم لعقود طويلة، وأهدرت ثروات طائلة، وتوجد اليوم في قلب المحاكمة، التي يجريها الشعب الجزائري لها، ولهذا فهي تتخذ قرارات عدائية ضد جارها الغربي الذي تعلق عليه فشلها الذريع، وتسعى بمثل هذه القرارات أن تهرب إلى الأمام". من جهة أخرى، قال بنطلحة، إن "الدينامية المتجددة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية والانتصارات الدبلوماسية المغربية المتوالية التي حققتها المملكة المغربية أصابت حكام الجزائر بالارتباك والصدمة النفسية وجعلتهم يلجؤون إلى قرارات انفعالية طائشة مثل ما أعلن عنه وزير خارجيتهم عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب". وأضاف بنطلحة، أن "الدبلوماسية الجزائرية التي ترتكن إلى جيو-سياسة تنهل من قاموس الحرب الباردة نجدها دائما لا تتحدث عن حلول عقلانية وواقعية انتصارا للتاريخ المشترك، وتتخذ من عداء المغرب إيديولوجية ثابتة وموجهة لكل انشغالاتها الدولية والدبلوماسية، كما أن طبيعة صناعة القرار في الجزائر تغرف من سياسة غير واقعية، بل تتبنى أفكارا تنهل من تمركز مفرط نحو الذات يجعلها تعاني هذيان الزعامة الإقليمية الوهمية". وقال بنطلحة أيضا "نجد أن حكام الجزائر باتخاذهم هذا القرار يعيشون على هول الصدمة وإحباط كبير في الوقت الذي كان يتعين عليهم أن يردوا بطريقة حكيمة في مستوى الخطاب التاريخي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 22 لعيد العرش، والذي دعا من خلاله حكام الجزائر إلى طي صفحة الماضي، والانفتاح على مستقبل مشترك للعمل سويا، ودون شروط من أجل علاقات ثنائية تخدم مصلحة الشعبين المغربي والجزائري". وخلص محمد بنطلحة الدكالي إلى القول "يتعين علينا أن نراقب بحذر سلوكيات النظام الجزائري، فهو يوجد في حالة إفلاس، ويعاني التقهقر على الصعيدين الداخلي والخارجي، وعوض أن يفكر في إيجاد الحلول المطلوبة لتوفير الحاجات الأساسية للشعب مثل الخبز والماء والدواء والاستقرار، فهو يرقص رقصة الديك المذبوح ومستعد للمقامرة بأي شيء لأجل لا شيء". 1