شبّه محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض في مراكش، الخطوات العدائية التي يقوم بها جنرالات الجزائر ضد المملكة المغربية بالإنسان المقامر الذي تتملكه رغبة لا شعورية في أن يخسر بدل أن يربح؛ لكن "مقامرات" النظام الجزائري أفظع، لأنها تقامر بمصير الشعب الجزائري. وقال بنطلحة الدكالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "بعض المحللين يرون في المقامر شخصا تتملكه رغبة لا شعورية في أن يخسر بدل أن يكسب، ويسيطر عليه دافع لأن يخسر ويستمر في الخسارة كنوع من العقاب ينزله بنفسه". وأضاف الباحث أن "الدكتور أكرم زيدان، ضمن كتابه سيكولوجية المقامر، يعتبر أن سلوك المقامرة مشكلة لأنه لكي تقامر تكفي مائدة واحدة؛ أما لكي تفهم لماذا يستمر المقامر فقد لا تكفي ألف مائدة". وتابع المتحدث: "المقامرون أنواع، فهناك من يقامر بماله، وهناك من يقامر بحياته، وهناك من يقامر بشعبه؛ وذلك هو حال النظام الجزائري الذي يتملكه هوس مرضي هو الدخول في عداء مستمر تجاه المملكة المغربية، حتى بات هذا العداء يشكل عقيدة للدبلوماسية الجزائرية ولجنرالات النظام الجزائري، في وقت يعاني اقتصاد الجزائر تدهورا فظيعا". وأكد الأستاذ الجامعي أن "الجزائر استقبلت مثلا العام الجديد بعجز تاريخي في موازنتها العامة فاق 22 مليار دولار وسط علامات استفهام حول السبل التي ستواجه بها الحكومة الجزائرية هذه الوضعية غير المسبوقة في ظل اقتصاد ريعي يعتمد على الجباية النفطية". واستطرد الدكالي: "هذا في ظل امتعاض شعبي واسع النطاق يجسده الحراك الاجتماعي الذي يطالب بحكم مدني وعدالة اجتماعية، وعدم إقصاء الكفاءات وتهميش النخب، مع ضعف القدرة الشرائية وندرة المواد الغذائية، وتبذير أموال الشعب الجزائري الشقيق بملايير الدولارات على قضية خاسرة لا تهمه". "لكن نظام الجزائر المقامر، وكما في رواية المقامر لدوستوفسكي، فقد صوابه فجأة، وألقت به مشاعر من شدة الحماسة لم يكن يستطيع مقاومتها..إنه لم يكن يقامر بكل المال الذي كان يملكه، بل بحياته أيضا. والنظام الجزائري المقامر نجده الآن يقامر بمستقبل شعبه وثروته من أجل قضية خاسرة"، يردف الباحث عينه. كما أورد الدكالي أن "هذا هو حال حكام الجزائر الذين يقامرون بمستقبل بلادهم من أجل محاربة طواحين هواء، بينما الآلاف من الشقاء الجزائريين يصطفون في طوابير طويلة من أجل لتر من الحليب أو الزيت أو البطاطس، بل إنهم في بعض الولايات يصطفون من أجل الماء، مع العلم أنه كان من المنطقي أن تكون الجزائر الشقيقة في مصاف دول يعطى بها المثال في النمو والتقدم". وزاد المتحدث ذاته: "قامروا وراهنوا على تأزيم العلاقة بين المغرب وإسبانيا، لكن صوت العقل والحكمة الذي يجسده الرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية أكد أن العلاقة مع المغرب أساسية لإسبانيا، ومقترح الحكم الذاتي أساس كل تسوية لنزاع الصحراء. كما أن وزير الخارجية الإسبانية الأسبق خوسيه مانويل غارسيا أكد أن الظرفية الجيو-سياسية الدولية تغيرت، وعلى حكومة بيدرو سانشيز استخلاص الدروس من هذه التغييرات". وأردف الباحث، ضمن تصريحه، بأن "جنرالات الجزائر راهنوا على موريتانيا، لكن زيارة وزير خارجيتها إلى الرباط أظهرت أن العلاقات المغربية الموريتانية تاريخية وإستراتيجية وقوية ومتينة؛ وهذا ما يبرهن عليه التطور الإيجابي الذي شهدته هذه العلاقات منذ وصول الرئيس الشيخ الغزواني إلى سدة الحكم". وتابع أستاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش بالقول: "راهنوا على استنزاف المغرب بحرب دونكيشوطية طويلة، لكن المغرب القوي بمبادئه وثوابته نجده يحتل مكانة مهمة على الصعيد الإقليمي، بل بات يعتبر المستثمر الثاني في القارة الإفريقية، وهو يشق طريقه بثبات". "راهنوا على حرب وهمية، ونشر أخبار زائفة بغرض التشويش وإثارة البلبلة والتأثير على الرأي العام، لكن تناسوا أننا نعيش في عصر عولمة المعلومة، وأن حبل الكذب قصير، وأن الجيش المغربي مستعد لأن يلقنهم دروسا سبق أن تلقنوها"، يردف الباحث ذاته، وختم بالقول: "وراهنوا على ابن بطوش الذي كان جنديا في الجيش الإسباني برتبة كابرال؛ ولعل علاقته بالجنرال سالازار غير خافية على أي حد؛ فابن بطوش الذي زور مكان ميلاده من الرحامنة إلى إسبانيا قامر به حكام الجزائر، وتوهموا أنه الفارس المغوار؛ وهذا ما يذكرنا برواية الدون كيشوت الذي ظن أنه في مهمة مقدسة، حيث أدى به الهوس الشديد بخيالاته إلى فقدان صوابه، وانتهى به المطاف إلى الجنون".