صادق مجلس الحكومة، المنعقد أمس الاثنين، على مشروع مرسوم 2 .21.670 بتحديد وتوسيع دوائر نفوذ المحاكم المختصة في جرائم غسل الأموال. وزير العدل، محمد بنعبدالقادر، في تقديمه لمشروع المرسوم اعتبر أن الهدف منه تحقيق النجاعة القضائية في معالجة قضايا غسل الأموال وتقوية آليات البحث والتحري فيها. أما المحامي محمد الغلوسي فاعتبر أن "قضايا غسل الأموال تتسم بالتعقيد وهذا يتطلب تكوينا خاصا للقضاة وللفرق الجهوية للشرطة القضائية"، في حين، اعتبر النقيب حسن بيرواين أن "تعميم الاختصاص على بقية المحاكم سيأتي في حالة ارتفاع عدد القضايا المسجلة". مشروع المرسوم الذي قدمه محمد بنعبد القادر، وزير العدل، يتعلق بتحديد دوائر نفوذ المحاكم المختصة في جرائم غسل الأموال. وبموجب هذا المرسوم، الذي سيدخل حيز التنفيذ بمجرد نشره في الجريدة الرسمية، سيجري تعميم الاختصاص القضائي بالنظر في جرائم غسل الاموال على محاكم الدارالبيضاء وفاس ومراكش إلى جانب محكمة الرباط. وفي تقديمه لمشروع المرسوم، كما جاء في البلاغ الحكومي الصادر عقب انتهاء أشغاله، أكد أن مشروع هذا المرسوم يأتي في إطار تنزيل مقتضيات المادة 38 من القانون 12.18 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك بغية تخفيف الضغط على محاكم الرباط التي كانت الوحيدة وكان لها الاختصاص الوطني. ويهدف هذا المرسوم، حسب وزير العدل، إلى "تحسين وتيرة البت في الملفات، وتحقيق النجاعة القضائية في معالجة القضايا المتعلقة بغسل الأموال، ومسايرة الجهود المبذولة في مجال تقوية آليات البحث والتحري في هذا النوع من الجرائم خاصة على مستوى إحداث أربع فرق جهوية للشرطة القضائية متخصصة في الجرائم المالية والاقتصادية بكل من مدن الرباطوالدارالبيضاء وفاس ومراكش". مقتضيات المادة 38 التي وردت في قانون مكافحة غسل الأموال من بابه الرابع المتعلق ب "الأحكام الختامية"، نصت على أنه "بالرغم من قواعد الاختصاص المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية أو في نصوص أخرى، تختص محاكم الرباطوالدارالبيضاء وفاس ومراكش، المحددة والمعينة دوائر نفوذها بنص تنظيمي، فيما يتعلق بالمتابعات والتحقيق والبت في الأفعال التي تكون جرائم غسل الأموال"، مضيفة "ويمكن للمحاكم المذكورة، لأسباب تتعلق بالأمن العام وبصفة استثنائية، أن تعقد جلساتها في مقرات محاكم أخرى". ومن المنتظر، حسب ما استقته "الصحراء المغربية" من معطيات أن يدخل مشروع المرسوم حيز التنفيذ ابتداء من يناير 2022، وذلك من أجل ترك المجال لتعزيز قدرات الأجهزة الموكول لها الاختصاص للبحث والتحري والمتابعة والتحقيق والحكم في هذا النوع من القضايا، كما ستمكن الوزارة الوصية من اتخاد الترتيبات المناسبة لتنزيل مقتضيات المرسوم على أرض الواقع". وفي هذا الصدد، قال محمد الغلوس، المحامي بهيئة مراكش، ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن مشروع المرسوم يرمي إلى توسيع دائرة النفوذ القضائي بخصوص المحاكم المتخصصة في جرائم غسل الأموال. وأوضح في اتصال ب "الصحراء المغربية" قائلا إنه "في وقت سابق كانت المحكمة الابتدائية بالرباط هي وحدها المختصة، لكن بمقتضى هذا المرسوم ستصبح محاكم الرباطوالدارالبيضاء وفاس ومراكش مختصة في جرائم غسيل الأموال وهي نفس المحاكم المختصة اليوم بالنظر في جرائم المال العام". وعن البحث في هذه القضايا، أشار رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى أنه سيسند إلى الفرق الجهوية للشرطة القضائية داخل دائرة نفوذ هذه المحاكم الأربعة "المحكمة الابتدائية بالرباط ومحكمة الاستئناف بالبيضاءومراكش وفاس"، استنادا إلى المادة 38 من قانون مكافحة غسيل الأموال. واعتبر المحامي الغلوسي التوسيع في دائرة نفوذ هذه المحاكم "خطوة إيجابية ستخفف الضغط على ابتدائية الرباط المحكمة الوحيدة التي كانت مختصة، حيث ستصبح كل هذه المحاكم مختصة الآن، ومن شأن توسيع النفوذ أن يساهم في تسريع وتيرة البت في هذه القضايا، ويحقق النجاعة المطلوبة"، ومضى قائلا "من شأنه أيضا أن يشكل تجاوبا مع الملاحظات التي تسجل على المغرب في هذا المجال فيما يتعلق بغسيل الأموال والتي كانت صنفت فيها المغرب في منطقة رمادية". ولفت قائلا إلى أن هذا المرسوم "هو خطوة إيجابية نتمنى أن تتوفر الشروط الأخرى لتكون لهذه القضايا الفعالية ولأن تشكل خطوة مهمة على درب مكافحة كل مظاهر الفساد". وحدد الأستاذ الغلوسي هذه الشروط أولا في "تزويد الفرق الجهوية للشرطة القضائية بالإمكانيات والآليات الضرورية للاشتغال"، قائلا "هناك فرق جهوية تفتقر للمكاتب وللموارد البشرية والعديد من الوسائل التي بإمكانها أن تساعدها في البحث في هذه القضايا". وثانيا في "وجوب الرفع من تكوين الأطراف المتدخلة في هذا الموضوع"، قائلا "أقصد بالدرجة الأولى ضباط الشرطة القضائية والقضاة بمختلف تخصصاتهم "قضاة التحقيق وقضاة النيابة العامة وقضاة الحكم" لأن هذه القضايا تتسم بنوع من التعقيد وبالتالي تتطلب تكوينا من النوع الخاص". وبخصوص توسيع هذا النفوذ ليشمل محاكم أخرى، اعتبر المتحدث أن المرسوم "نفوذ المحاكم الأربعة المذكورة شاسع جدا وبالتالي يرتقب أن تشكل خطوة أولى في اتجاه توسيع النفوذ أو دائرة الاختصاص أكثر لتشمل محاكم أخرى". وفي الاتجاه نفسه، صرح حسن بيرواين، النقيب السابق لهيئة المحامين بالدارالبيضاء، ل "الصحراء المغربية"، عن هذا المرسوم قائلا "إن الأمر مرتبط بضرورة تكوين قضاة مختصين للنظر في مثل هذه القضايا". وأوضح بالقول إنه "مادام أن الأمر يتعلق بمرسوم جديد متعلق بقانون جديد (قانون مكافحة غسل الأموال) فطبيعي أن تكون عدد القضايا قليلة جدا في البداية، لأجل ذلك تم الاقتصار على محاكم معينة تتواجد بالمدن الكبرى". وبالمقابل قال "أعتقد أنه لن يتم تعميم الاختصاص على بقية المحاكم إلا في حالة ارتفاع عدد القضايا المسجلة على مستوى ربوع المملكة ..فالأمر يتعلق اذن بتجربة هي في البداية فقط". يذكر أنه علاقة بالموضوع، صادق المجلس الحكومي، المنعقد أول أمس، أيضا، على مشروع مرسوم رقم 2.21.633، المتعلق بتنظيم الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، قدمه وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة. ويأتي هذا المرسوم، وفق بلاغ الحكومة، طبقا لمقتضيات المادة 14 من القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال.