أكد البروفيسور عبدالله بادو، أستاذ باحث في علم المناعة بكلية الطب والصيدلة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والكاتب العام للجمعية المغربية لعلم المناعة، وعضو المكتب التنفيذي للفيدرالية الإفريقية لجمعيات علم المناعة، ل "الصحراء المغربية"، حول ما يسمى بالجرعة الثالثة، حسب تقديره، أن الحديث عنها مبكر نسبيا. وأضاف أنه في بعض البلدان بدأ بالفعل الحديث عن هذه الجرعة الإضافية، التي قد تعطى بعد مرور 6 أشهر من أخذ الجرعة الثانية على أقرب تقدير. وأبرز المتحدث ذاته، أن هذه الجرعة تعطى لبعض الأشخاص المسنين، أو التي تعاني أمراضا معينة، أو الذين بعد مرور أشهر على أخذ الجرعة الثانية تم تسجيل انخفاض في الاستجابة المناعية ضد فيروس "سارس كوف 2"، في هذه الحالة يقول نحتاج إلى جرعة ثالثة لتذكير جهاز المناعة وتسمى بجرعة تذكير". ومن جهة أخرى، قال إن "جرعة التذكير كلما سجلنا انخفاضا في الاستجابة المناعية، إلا أن فكرة إعطاء هذه الجرعة هو حديث سابق لأوانه، لأنه أولا ليست لدينا معطيات علمية كافية توضح أننا في حاجة إلى التطعيم، ماعدا في بعض الحالات المرضية الخاصة عند بعض الأشخاص الذين يعانون نقصا حادا من الاستجابة المناعية". كما أوضح، أن العالم مازال يواجه صعوبات كبيرة في تدبير حملة اللقاح بشكل عادل في كل بقاع العالم، وبالتالي مازلنا بعيدين عن الوصول إلى تطعيم نسبة كبيرة من مواطني العالم بنسبة (70 إلى 80 في المائة) بجرعتين من اللقاح، أو ما يعادلهما، فما بالك بالتفكير في جرعة جديدة أو ما يسمى بجرعة ثالثة. وبخصوص المتحور "دلتا" من فيروس سارس كوف2، قال البروفيسور بادو إنه فاجأ مواطني العالم بسرعة انتشاره بين الأشخاص. وقال بادو، إن ذلك يظهر بوضوح عند مقارنة منحى الإصابات اليومية للموجة الثانية، في المغرب مع المنحنى نفسه للموجة الثالثة التي نعيشها حاليا، مشيرا إلى أن ذلك يسجل بالتحديد منحى يعكس سرعة انتشار للفيروس بشكل مقلق، موضحا أن ظهور المتحور "دلتا" تزامن مع تخفيف الإجراءات الاحترازية المرتبطة بمجموعة من الأنشطة من قبيل الأعراس والسفر بين المدن وفتح الحدود مع الخارج. كل هذه العوامل، يضيف الأستاذ الباحث في علم المناعة بكلية الطب والصيدلة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أنه كان من الضروري الاحترام الشديد للتدابير الوقائية، لكن، يقول "ما شاهدناه كان عكس ذلك، إذ لاحظنا تراخي غير مسبوق من طرف جل المواطنين، في الوقت الذي أكد كان الخبراء والعلماء والأطباء يحذرون من خطورة المتحور "دلتا" ونتيجة اللامبالاة نراها للأسف الآن". وتابع متحدثنا، قائلا "رغم أننا سجلنا عدد إصابات يومية تفوق بكثير تلك التي سجلت خلال الموجة الثانية، ومع ذلك لا زلنا في مرحلة الصعود، لأن معدل انتشار الفيروس (RO) المسجل حاليا هو 1.56". وأضاف الكاتب العام للجمعية المغربية لعلم المناعة، أنه في تقديره هناك عاملان أثرا بشكل كبير على المنحنى الوبائي الحالي، وحدد العامل الأول في سلوك جل المواطنين الذي (قدم الظروف المواتية للفيروس قصد الانتشار)، والعامل الثاني في ظهور المتحور "دلتا" الذي يعرف بسرعة انتشاره بين الأشخاص أكثر من المتحور "ألفا" (البريطاني) والفيروس الأصلي. ويرى عضو المكتب التنفيذي للفيدرالية الإفريقية لجمعيات علم المناعة، "أنه كيفما كانت شراسة وضراوة الفيروس، فإذا عملنا على احترام الإجراءات الاحترازية، فإن هذا سيمنع الفيروس من التكاثر والانتشار بيننا". ويضيف البروفيسور نفسه، أن هذا الإجراء بالإضافة إلى أنه تدبير محكم ومعقلن لحملة التلقيح (بالاعتماد على النتائج العلمية) أولا على مستوى السرعة، لكن كذلك على مستوى إعطاء الأولوية للأشخاص الذين ليست لديهم مناعة ضد الفيروس بالكل، الأولوية في استعمال اللقاح تكتسي أهمية كبرى، لأن الهدف منها هو حماية الأشخاص (الضعيفة) مناعيا أولا، مشددا على أن إذا كان هناك تدبير جيد لحملة التلقيح في هذا السياق سيساهم ذلك حتما في انخفاض عدد الإصابات الحرجة وأيضا، عدد الوفيات. وأفاد بادو، "الغريب في أرقام الحالة الوبائية بالنسبة لنا ليس عدد الإصابات اليومية، لأن ذلك يمكن تفسيره بسرعة انتشار المتحور "دلتا" بين الأشخاص، بالإضافة إلى الظروف المواتية (التي قدمت للفيروس من طرف المواطنين كعدم احترام الاحترازية)، لكن يتساءل محاورنا، قائلا، إن "تسجيل 53 و48 حالة وفاة في يومين، فهذا شيء مقلق"، وهذا يضيف، يطرح العديد من الأسئلة من قبيل ألم نعط اللقاح للفئات الهشة؟ ألم نلقح الأشخاص المسنين؟ هل نتحدث عن أشخاص غير ملقحين، هل بينهم نسبة مئوية من الأشخاص الذين سبق لهم أن تلقوا اللقاح؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فعن أي لقاح نتحدث سينوفارم أم أسترازينكا أم جونسون أند جونسون؟ وجوابا عن تلك الأسئلة يقول بادو "في تقديري لا يمكن تدبير المستقبل دون تحليل علمي دقيق لهذه المعطيات".