أثرت جائحة فيروس كورونا بشكل كبير على قطاع الصناعة التقليدية بمدينة مراكش، إلا أن الخروج من الأزمة سيأخذ وقتا طويلا، في ظل الإجراءات الاحترازية الرامية إلى كسر سلسلة انتشار الجائحة، في الوقت الذي تلقى الحرفيين بارتياح كبير قرار تعميم التغطية الصحية باعتبارها تورة حقيقية غير مسبوقة في مجال الحماية الاجتماعية بفضل التوجيهات الملكية السامية. واعتبارا للإنجازات التي تمكن قطاع الصناعة التقليدية من تحقيقها خلال العقد الأخير، عبر عدد من الحرفيين التقليديين عن تفاؤلهم وتطرقوا إلى مسألة عودة الأمور إلى طبيعتها تدريجيا بعد أشهر اتسمت بصعوبة بالغة، فيما يتساءل آخرون أنهكتهم الأزمة عن موعد الخلاص من المعاناة. ايت حجوب خالد صانع تقليدي لخص الوضع قائلا "كان الحرفيون يسيرون في منحنى تصاعدي من حيث التسويق والإتقان وتوسيع مجال اشتغالهم، لكن تفشي الجائحة جعلنا نواجه صعوبات كبيرة ذات طابع سوسيو اقتصادي". وأشار ايت حجوب في تصريح ل"الصحراء المغربية" إلى أن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لوباء كورونا كشفت عن أهمية توفر هذه الشريحة من الصناع التقليديين على التغطية الاجتماعية. وأضاف أيت حجوب أن الحماية الاجتماعية ورش ملكي رائد يرفع شعار تحسين عيش المواطنين، ويتوخى تحصين الفئات الهشة وحمايتها من التقلبات الاقتصادية والمخاطر الصحية. واعتبر خالد أيت حجوب أن الصناعة التقليدية تشكل مورد رزق لمجموعة من الأسر المعوزة، وتحتاج في السياق الحالي أكثر من أي وقت مضى للدعم المستمر والتكوينات المكثفة في مجال البيع الإلكتروني التي تستجيب لحاجيات الصناع التقليديين كي يستغلوا الإمكانيات التي تتيحها منصات التسويق الرقمي. وخلص الى القول بأنه متفائل بالرغم من السياق الحالي، مشيرا الى أن قطاع الصناعة التقليدية الذي يزخر بالعديد من المؤهلات ويحظى بالرعاية الملكية السامية يمكن أن يشكل رافعة أساسية للتنمية السوسيو – اقتصادية. من جانبه، أوضح محمد غنبار صانع تقليدي يشتغل في مجال صناعة الجلد أن أزمة كوفيد 19 عمقت معاناة مزاولي هذه المهنة بمدينة مراكش، مبرزا أن الجلد في الوقت الراهن أصبح أقل من 80 في المائة من ثمنه الحقيقي. وأكد على ضرورة إيلاء المزيد من العناية لهذه الحرفة حتى تستعيد مكانتها، ومساعدة الحرفيين عبر مختلف الوسائل كي يمضوا قدما ويساهموا في الحفاظ على هذا الإرث الثمين بالمدينة. وعن تداعيات جائحة كورونا على قطاع الصناعة التقليدية أبرز حسن شميس رئيس غرفة الصناعة التقليدية بمراكش، الإستراتيجية الجديدة 2030-2021 للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية والجهود المبذولة على المستوى الوطني والجهوي لمساعدة الصناع التقليديين على تسويق منتجاتهم عبر منصات رقمية، والاستئناس مع هذه الآليات الجديدة. بدوره، أفاد عبد العزيز الرغيوي مدير مركز التكوين والتأهيل في حرف الصناعة التقليدية بمراكش، بأن القطاع تضرر بشدة جراء جائحة كورونا، مشيرا إلى أن الحرفيين الذين لم يستفيدوا من الدينامية الكبيرة التي عرفها القطاع في فصل الصيف، تكبدوا خسائر فادحة، ما يتعين معه إيلاء القطاع المكانة التي يستحقها والاهتمام أكثر بالتعاونيات التي تضطلع بدور هام في التنمية السوسيو– اقتصادية. وأكد الرغيوي أن المبادرة التي أقدم عليها فندق ورياض الناعورة باريير لدعم الحرفيين التقليديين ستساهم في مساعدة هذه الفئة على التعافي من أزمتهم المالية والاقتصادية من خلال عرض منتجاتهم للسياح بشكل مباشر. وأضاف الرغيوي أن أهمية الشراكة المبرمة بين المؤسسة الفندقية المذكورة ومركز التكوين والتأهيل في حرف الصناعة التقليدية، تكمن في مساعدة ودعم القطاع التعاوني في مجال الصناعة التقليدية خاصة التعاونيات القروية ، حيث سيجري من خلال المعارض التي ستقام بالمؤسسة الفندقية تسهيل تسويق منتجات هذه التعاونيات خصوصا النسائية التي تصطدم بصعوبات في ما يتعلق بتسويق منتجاتها. وأشار إلى أن مبيعات منتجات الحرف اليدوية، شهدت تراجعا كبيرا خلال هذه الأزمة الصحية في مراكش، مما أثر بشكل كبير على حياة الحرفيين التقليديين.