ما لفت انتباهي، خلال هذه الحلقة، فقرة المطرب عبد المنعم الجامعي أداء وتصريحا. فمن حيث الأداء، أطربنا برائعته "على كل حال"، التي تعد من روائع الأغنية المغربية، حيث أعادنا الجامعي إلى الفترة الذهبية لما اصطلح على تسميته ب"الأغنية العصرية"، إلى درجة أن عشاق هذه النوعية من الأغاني، وهم يستمعون إليها، يشعرون أن الزمن بالمعنى الفيزيقي توقف، بمعنى أنه لم يخضع لدورته الدياكرونية، ويظهر ذلك من خلال تألق الجامعي اليوم إلى حد التماهي مع الجامعي أمس. ومن حيث التصريح، فقد كانت كلماته مؤثرة جدا جمعت بين الفرحة والحسرة والأسف. الفرحة لأن المحتفى به حسن المغربي، الذي يعد من مطربي جيل اليوم، فكر فيه بتوجيه الدعوة إليه ليكون ضيفا على حلقته. والأسف، على هذا الجحود والتناسي الذي يشعر به، "أنا فرحان جدا بدعوة حسن المغربي، لأن الوحيد الذي فكر فيا، على امتداد حلقات هذه البرنامج، وبصنيعه هذا أعاد لي الروح، فشكرا". إن تصريح الجامعي يتطلب أكثر من وقفة، بخصوص هذا التهميش الذي يمس رواد الأغنية المغربية، والفن عموما، وكأن صوته هو "مفرد بصيغة الجمع"، بمعنى أن التهميش الذي يشعر به الجامعي هو إحساس جماعي، وبالتالي يبقى تصريح هذا الرمز دعوة صريحة موجهة إلى القائمين على المجال الفني بشكل عام، للالتفات إلى هؤلاء الرواد، الذين أدخلوا دائرة العتمة رغما عنهم. وتزامن تصريح – الأسف للجامعي مع وجود عدد من أيقونات الإبداع المغربي في وضعيات صعبة، بعض مظاهرها صحية وأخرى مادية، منها على وجه التحديد، الطيب الصديقي، وعبدالجبار لوزير، وإدريس الخوري..... فهل ستجد أقوال الجامعي صدى لدى المسؤولين؟ أم ستكون فقط "صيحة في واد"؟