في هذا الصدد، تكتسي الزيارة التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات، أهمية خاصة في الدفع بمسيرة التعاون القائم بين البلدين في شتى المجالات والارتقاء به إلى مستويات أفضل. كما تعكس هذه الزيارة، حرص البلدين على ترسيخ تعاونهما وجعله نموذجا يقتدى في مختلف الميادين، والرقي به إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين، القائمة على أسس التشاور والتوافق المتبادل. ويحدو البلدان الشقيقان، باستمرار، عزم أكيد من أجل إرساء آليات التعاون الثنائي عبر تفعيل شراكات تشمل كافة الميادين الاقتصادية والتجارية والمالية، فضلا عن تبادل الخبرات، والتنسيق الدائم للمواقف على المستوى السياسي إزاء القضايا المطروحة على الساحتين العربية والدولية. ويبرز العمق الاقتصادي، في علاقات البلدين، من خلال تزايد ثقة المستثمرين الإماراتيين في الاقتصاد المغربي الذي بات يتيح فرصا واعدة للاستثمار في عدة قطاعات تنموية، وقد تجلى ذلك في إطلاق العديد من المشاريع التنموية المشتركة في المملكة في مجالي العقار والسياحة، بالنظر إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي واستقرارها السياسي والاقتصادي. كما أن اللجنة المشتركة الإماراتية-المغربية، التي تشكلت سنة 2003، أسهمت بشكل حثيث في تفعيل آليات التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية والمالية والاستثمارية، وتذليل كافة المعيقات التي تحول دون الرفع من وتيرة المبادلات التجارية بين البلدين. وفي هذا الصدد، أثمرت الشراكة المغربية- الإماراتية، نتائج قيمة، كما تشهد على ذلك اتفاقيات التعاون الثنائي ال 21 الموقعة خلال الزيارة الأخيرة للمغرب التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بالموازاة مع ارتفاع مستوى التعاون الاقتصادي والمالي القائم بين البلدين، والذي تجسد سنة 2013 من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم بين المملكة وصندوق أبو ظبي للتنمية يمنح المغرب بموجبه هبة بقيمة 1،25 مليار دولار موجهة لتمويل مشاريع تنموية بالمملكة. كما حققت الاستثمارات الإماراتية بالمملكة، في السنين الأخيرة، طفرة نوعية، إذ أضحت الإمارات تتبوأ الصدارة كأول بلد خليجي وعربي مستثمر بالمغرب، في مجالات السياحة والعقار. واستطاع المغرب في الآونة الأخيرة، أن يستقطب نسبة مهمة من الاستثمارات الإماراتية بفضل موقعه الاستراتيجي والحوافز الضريبية، التي يمنحها للمستثمر الأجنبي، وكذا سياسة الانفتاح التي بات ينهجها الاقتصاد المغربي، نتيجة الحركية الاقتصادية التي يشهدها في جميع المجالات. وفي مقابل ذلك، تشكل زيارة الوفود الرسمية في كلا البلدين، عاملا مساعدا للرقي بالتعاون الثنائي في شتى المجالات الحيوية، وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين المنعشين الاقتصاديين المغاربة ونظرائهم الإماراتيين. وعلى الصعيد السياسي، يعتمد البلدان على نهج قويم وراسخ في سياستهما الخارجية، يقوم على التشاور والتوافق ويتسم بالواقعية والاعتدال والتعبير عن التضامن المشترك، وهذا ما يلمس أثناء مشاركتهما الفعالة في المؤتمرات والاجتماعات والمنتديات الإقليمية. ويبرز خيار التوافق والتشاور السياسي المتبادل، من خلال مساندة دولة الإمارات العربية المتحدة، على الدوام، لمطالب المغرب المشروعة في ما يتصل باستكمال وحدته الترابية. كما أن المغرب لا يتوانى في التعبير وباستمرار عن معارضته لأطماع إيران التي مازالت تحتل الجزر الإماراتية الثلاث أبوموسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى، إلى جانب دعمه المستمر لهذا البلد الخليجي في استراتيجيته الطموحة من اجل مكافحة الإرهاب. ورغم كل ذلك، لا يفتأ البلدان في التطلع إلى غد أفضل من أجل الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية والرفع من وتيرة تعاونهما المشترك مع العمل في الوقت نفسه على استشراف آفاق مستقبلية جديدة، تعود بالنفع على شعبي البلدين. وتجدر الإشارة إلى أن حجم التبادل التجاري الثنائي، شهد نموا مطردا ما بين 2007 و2011، خاصة بعد دخول اتفاقية التبادل الحر الموقعة بين البلدين حيز التنفيذ سنة 2003، حيث ارتفع من 1،04 مليار درهم سنة 2007، إلى 1،114 مليار درهم سنة 2011. ورغم ذلك، يحذو المنعشين الاقتصاديين في كلا البلدين، أمل كبير في الارتقاء بالتعاون التجاري المشترك ليصل إلى مستويات واعدة، خصوصا وأن البلدين يمتلكان من المقومات ما يساعدهما على تذليل كافة الصعوبات التي تحول دون الرفع من وتيرة المبادلات التجارية. ويصدر المغرب إلى دولة الإمارات الحوامض، والملابس الجاهزة، ومصبرات الأسماك، والأحذية، والأثواب، والمنسوجات القطنية، وغيرها، في حين يستورد منها الغاز والبترول ومشتقاتهما.