حرص المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة سنة 2012٬ على ارتياد آفاق واعدة من اجل الارتقاء بمجالات التعاون الثنائي وتعزيز أسس شراكة متينة وإعطائها زخما نوعيا بفضل توجيهات قائدي البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان. وفي هذا الصدد٬ شكلت الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات يومي 22 و23 اكتوبر الماضي٬ ضمن جولة في المنطقة شملت ايضا السعودية والاردن وقطر والكويت٬ أهمية خاصة في الدفع بمسيرة التعاون القائم بين البلدين في شتى المجالات والارتقاء به إلى مستويات أفضل. كما عكست هذه الزيارة٬ حرص البلدين على ترسيخ تعاونهما وجعله نموذجا يحتذى في مختلف الميادين٬ والرقي به إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين٬ القائمة على أسس التشاور والتوافق المتبادل. وقد تجلى عزم البلدين الأكيد في إرساء آليات متينة للتعاون الثنائي٬ من خلال إبرام عدد من الشراكات شملت الميادين الاقتصادية والتجارية والمالية٬ إلى جانب تبادل الخبرات والتنسيق الدائم للمواقف على المستوى السياسي إزاء القضايا المطروحة على الساحتين العربية والدولية. وبرز العمق الاقتصادي في علاقات البلدين خلال سنة 2012٬ من خلال تزايد ثقة المستثمرين الإماراتيين في الاقتصاد المغربي الذي بات يتيح فرصا واعدة للاستثمار في عدة قطاعات تنموية٬ وقد تجلى ذلك في إطلاق عدد من المشاريع التنموية المشتركة في المملكة في مجالي العقار والسياحة٬ بالنظر إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي واستقرارها السياسي والاقتصادي. وفي مقابل ذلك٬ شكلت زيارة الوفود الرسمية في كلا البلدين٬ عاملا مساعدا للرقي بالتعاون الثنائي في شتى المجالات الحيوية٬ والتي كان آخرها زيارة وفد يضم 20 من رجال الأعمال المغاربة في قطاع الصناعة التقليدية٬ إلى إماراتي أبوظبي ودبي ضمن جولة ترويجية لمنتوجات الصناعة التقليدية المغربية ٬ بهدف إبراز جودتها وتنوعها. كما زار دولة الإمارات٬ الشهر الماضي٬ وفد اقتصادي مغربي رفيع يضم مدراء كبريات الشركات الصناعية المغربية وذلك في إطار التعريف بوجهة المغرب الاستثمارية وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين المنعشين الاقتصاديين المغاربة ونظرائهم الإماراتيين. وإلى جانب ذلك٬ تتطلع دولة الامارات التي تعد ثالث بلد مستثمر أجنبي مباشر وأول بلد عربي مستثمر في المملكة٬ في المستقبل لتعزيز تواجدها في سوق الاستثمار الوطني من خلال ضخ استثمارات مهمة في قطاعات واعدة مثل الطاقة والسياحة والاتصالات والعقار. وتعتبر دولة الإمارات٬ من بين أولى دول مجلس التعاون الخليجي التي سجلت حضورا قويا ولافتا في السوق المغربية خلال السنوات الاخيرة باستثمارات نوعية ومهمة وداعمة لأوراش التنمية التي انخرط فيها المغرب٬ وهو ما يعكس قوة ومتانة وعراقة العلاقات بين الدولتين. وبلغة الأرقام ٬ شهد حجم الاستثمارات الإماراتية في المغرب خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا٬ مسجلا نحو 5 مليارات دولار عند متم سنة 2010 بعد ما كان لا يتعدى 1 مليار دولار. لكن في المقابل٬ ورغم المستوى الذي بلغته العلاقات الثنائية٬ إلا أن مستوى التبادل التجاري بين البلدين لازال دون الطموحات المنشودة وظل متواضعا ولم يحقق سوى نسبة نمو طفيفة ما بين 2007 و2011 حيث انتقل من 04ر1 مليار درهم إلى 114ر1 مليار درهم. ومن المفارقات٬ هو أن وتيرة التبادل التجاري الحالية بين المملكة ودولة الإمارات٬ رغم وجود العديد من الاتفاقيات الثنائية ذات الصلة٬ لا تعكس في حقيقة الأمر٬ طموح البلدين في الارتقاء بها إلى مستويات أفضل بالنظر إلى المؤهلات التي يزخران بها في شتى القطاعات الاقتصادية. ورغم كل ذلك٬ يحذو المنعشين الاقتصاديين في كلا البلدين٬ أمل كبير في الارتقاء بالتعاون التجاري المشترك ليصل إلى مستويات واعدة٬ خصوصا وأن البلدين يمتلكان من المقومات ما يساعدهما على تذليل كافة الصعوبات التي تحول دون الرفع من وتيرة المبادلات التجارية. ويصدر المغرب إلى دولة الإمارات الحوامض٬ والملابس الجاهزة٬ ومصبرات الأسماك٬ والأحذية٬ والأثواب٬ والمنسوجات القطنية٬ وغيرها٬ في حين يستورد منها الغاز والبترول ومشتقاتهما.