أصر عدد من الأزواج على حضور زوجاتهم، خلال لقاء ركز على عرض تفاصيل علمية حول أسباب ضعف الخصوبة عند الرجل، ما يعكس تحولا إيجابيا في تعامل الرجال الذين يشكون من العقم أو من ضعف في الخصوبة، مع وضعهم الصحي، باتخاذهم خطوة نحو تجاوز انفعالاتهم النفسية وإحساسهم بالحرج من هذا الموضوع. شكلت الورشة لقاء مفتوحا بين الطبيب والمريض، تخلله عرض علمي حول أسباب تأخر الإنجاب لدى الرجال، وفضاء للنقاش الحر، بادر خلاله عدد من الرجال إلى الاستفسار وطرح أسئلة دقيقة لمعرفة أسباب إصابتهم بضعف في الخصوبة، من الناحية العضوية والجينية. كما قدم الطبيب شروحات وتفسيرات وإجابات على جميع الأسئلة والملفات الطبية التي عرضت عليه. وتفضل البروفيسور أبو طيب، في الحصة الأولى من الورشة، بتقديم معلومات مستفيضة حول أسباب صعوبات الإنجاب عند الرجل، ورصد مشاكل عدم إنتاج الحيوانات المنوية، والعلاجات المتوفرة لمختلف صعوبات الإنجاب عند الرجل، سواء الجراحية منها أو بالأدوية، مع تحديد نسبة نجاح كل تقنية من تقنيات المساعدة الطبية على الإنجاب. شارك في أشغال الورشة رجال يباشرون العلاجات الطبية لتحقيق حلمهم بالأبوة، من مدن الدارالبيضاء والرباط وسلا والرشيدية، بينهم من يشكو فقدانا تاما في الحيوانات المنوية، ومن يعانون نقصا في أعدادها، كذلك من يعانون من تشوهات أو من رجوع للمني في سائل البول. مداخلات أولئك الرجال في وضعية إنجاب صعبة، أثارت انتباه بعضهم لبعض، إذ حركت لديهم مشاعر التعاطف والاندماج، إذ امتزجت مداخلات الاستفسار الطبي بالتعبير عن المعاناة النفسية، التي عكست إحساس هؤلاء الرجال بالإحباط والقلق من تأخر الانجاب الذي لم تنفع معه محاولات المساعدة الطبية. وقدم مجموعة من الرجال شهاداتهم حول مشاكلهم الاجتماعية والنفسية التي يتخبطون فيها، وفي مقدمتها الأزمات النفسية الناتجة عن اهتزاز علاقاتهم مع أفراد الأسرة الكبيرة والأصدقاء والأقارب، بين من يعاني إحساسا بتراجع مكانته وسط العائلة بسبب عجزه عن الإنجاب، وبين من تنتابه مشاعر عدم جدوى إحيائه لمناسبات أسرية تفاديا للالتقاء بالأسر الولودة هربا من أسئلتهم واستفساراتهم أومن نظرات الشفقة. وكشفت هذه الشهادات عن وجود قواسم مشتركة في ما يتعلق بالأحاسيس الداخلية لدى الرجال المصابين بضعف الخصوبة، منها حالة الاكتئاب والقلق المستمر، وخوفهم من الاستبعاد الأسري والاجتماعي، بسبب ثقل الضغوطات الممارسة على الزوجين، ما يضطرعددا من الأزواج إلى العزلة خوفا مما أصبحوا يعتبرون أنه وصمة عار، أمام قسوة الاستفسارات المحرجة لأفراد المجتمع، ووقعها السيء على أفئدة الرجال الذين يعانون. وساهم إنصات البروفيسور بوطيب إلى جميع مداخلات الرجال، في تشجيعهم على البوح بأمور خاصة جدا، تدخل ضمن خصوصيتهم الجنسية، ودواخلهم ومشاعرهم الدفينة، والبوح أيضا بجروحهم والكشف عن آلامهم، والتعبير عن انتظاراتهم وآمالهم. كذلك كشف اللقاء عن حاجة ملحة لدى الزوجين لمعرفة المراكز المتخصصة في المساعدة الطبية على الإنجاب، والأطباء المتخصصين في المجال، لرفع حظوظهم في الإنجاب ومساعدتهم على تحقيق حلمهم في الأمومة والأبوة. وأثارت هذه النقطة الكثير من النقاش خلال أشغال الورشة، استنادا إلى غياب لائحة رسمية تضم أسماء الأطباء المتخصصين في المجال، ولائحة رسمية للمراكز التي تسجل أعلى معدلات نجاح العمليات. وصاحب ذلك، عرض الأزواج لمختلف تجاربهم لمحاولات المساعدة الطبية على الإنجاب، داخل المغرب وخارجه، والإكراهات التي يواجهونها للولوج للتشخيص الطبي. في مختلف لحظات هذا اللقاء، تسلح رجال ونساء برباطة جأش لوصف مشاعرهم الدفينة والتعبير عن سعيهم نحو الحلول. وكانت أقوى اللحظات حين بادر عدد من الأزواج بالحديث عن تجاربهم مع صعوبات الإنجاب، بسبب عدم توفرهم على الحيوانات المنوية، وكذا معاناتهم النفسية وشعورهم بالقيود في حياتهم الاجتماعية وصحتهم النفسية، بسبب ما ينتابهم من مشاعر اهتزاز علاقاتهم بأفراد من عائلاتهم لعدم إنجابهم. ويندرج ضمن هذه الحالات، شعور مصاب بضعف الخصوبة بتراجع "شعبيته" لدى حماته، بعد تمكن أصهارها الجدد من الإنجاب، وهو ما أثر في نفسية جميع الحاضرين بفعل ما لخصته هذه الشهادة من معاناة عميقة في ثوان قصيرة جدا من عمر الورشة. فكانت شهادة شجاعة وعفوية، وليدة المشاعر الداخلية المؤلمة. كما كان من بين تلك الشهادات، شهادة زوجين بذلا جهودا متنوعة لتحقيق حلمهم في الأمومة والأبوة، زارا مراكز للخصوبة في فرنسا وبلجيكا والمغرب دون الحصول على نتيجة مرضية، واضطرا إلى تجميد الحيوانات المنوية، داخل وخارج المغرب لرفع حظوظهما في الإنجاب عند تكرار محاولاتهما، وهو ما جعلهما يعبران دون حرج عن حاجتهما إلى دعم نفسي لتجاوز متاعبهما الداخلية. ملحوظة: يشار إلى أن الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة تضع رهن إشارة الأزواج الذين يعانون صعوبات في الإنجاب، إمكانية الاستفادة من ورشات الدعم النفسي، من خلال تسجيل طلباتهم على البريد الإلكتروني التالي: [email protected] أو من خلال زيارة الموقع www.mapa.ma او الاتصال بالرقم 06.68.11.82.83