لم تكد تلتقط فرق مكافحة الحرائق أنفاسها بعد إخماد حريقي غابة "الهرارش" بإقليم الفحص أنجرة، وغابة دار الشاوي بعمالة طنجة، خلال الأسبوع المنصرم، حتى هرعت من جديد، مساء أمس السبت، لإخماد حريق جديد اشتعل هذه المرة بغابة عين لحصن الواقعة بين مدينتي طنجة وتطوان. وقال مصدر من فرق التدخل إنه بفضل التدخل السريع والناجع تمت السيطرة على الحريق في ظرف وجيز بنسبة 98 في المائة تقريبا، وأن الحصيلة المؤقتة التي أتت عليها النيران تقدر بحوالي 6 هكتارات. وأوضح أن الحريق اندلع بمحاذاة منطقة شهدت حريقا السنة المنصرمة، وأن تواجد فرقة تابعة للوقاية المدنية ترابط باستمرار بالمنطقة طيلة فصل الصيف قرب محطة للوقود، سرع من عملية التدخل ومحاصرة النيران، قبل أن تلتحق بها باقي الفرق والتعزيزات لإخماد الحريق. وأكد المصدر ذاته أن فرق التدخل البري بذلت مجهودات جبارة طيلة ليلة السبت الأحد للسيطرة على الحريق، وحالت دون انتشار النيران على مساحة واسعة، كما عملت على الحيلولة دون انتقالها إلى الجهة الأخرى من الغابة المقابلة لمكان الحريق. وذكر أن الفرق المشكلة من عناصر الوقاية المدنية، والمياه والغابات، والقوات المسلحة الملكية، والقوات المساعدة، وأعوان الإنعاش الوطني، والسلطات المحلية، والدرك الملكي، ما تزال مرابطة بمكان الحادث وفي حالة تأهب، تفاديا لأي مفاجئة غير محمودة، خصوصا مع هبوب رياح الشركي. كما أشار إلى أن طائرات كنادير قدمت لتعزيز عمليات التدخل جوا، لكن الرياح القوية حالت دون ذلك. يذكر أن فرق مكافحة الحرائق بذلت خلال الأسبوعين الأخيرين مجهودات جبارة ليل نهار لإخماد حرائق غابوية تنامت وتيرة اشتعالها بشكل مخيف، آخرها حريقي غابة "الهرارش" بإقليم الفحص أنجرة، وغابة دار الشاوي بعمالة طنجة. وأتت النيران على 48 هكتارا من الصنوبر الحبلي بغابة "الهرارش"، في حين درت بغابة دار الشاوي 495 هكتارا، 70 في المائة منها مكونة من الأعشاب الثانوية. وكانت فرق الإنقاذ، وبعد مجهودات جبارة بذلتها طيلة أزيد من 12 يوما، تمكنت من إخماد الحريق الغابوي الكبير الذي اندلع بغابة تازروت بإقليم العرائش (يوم 25 غشت المنصرم)، وامتد إلى غابة تاناقوب بإقليم شفشاون، وأتى على 1670 هكتارا. ودق فؤاد عسالي، رئيس المركز الوطني لتدبير مخاطر حرائق الغابات، التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات - قطاع المياه والغابات-، ناقوس الخطر، وأعلن أن إشكالية حرائق الغابات باتت تشكل مصدر خطر على الثروة الغابوية وتهدد الطبيعة ككل. وأبرز عسالي، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، أن تنامي الحرائق يحز في القلب، لأنه يدمر الثروة الطبيعية الغنية والمتنوعة التي حبى الله المغاربة بها، في حين أن عددا كبيرا من الدول تفتقد إلى مثيلاتها. ودعا فؤاد عسالي المواطنين إلى الوعي بأهمية هذه الثروة الغابوية وقيمة الأشجار، وضرورة الحفاظ عليها، وحمايتها من كل الأخطار التي تتربص بها، خاصة الحرائق التي تشتعل إما سهوا أو إهمالا أو عمدا أو انتقاما. وأكد رئيس المركز الوطني لتدبير مخاطر حرائق الغابات، على ضرورة تظافر الجهود من أجل زيادة التحسيس وتنمية الوعي لدى الجميع بهذه المعضلة التي تتربص بالغابات، لأن هذه الأخيرة هي حاضر ومستقبل المغاربة. وأفاد أن التهور يجعل الدولة تدفع الثمن غاليا، من خلال تدمير المئات من الهكتارات، وتعبئة إمكانيات مهمة لإخماد الحرائق، من عناصر بشرية، وطائرات، وشاحنات، وآليات، ومعدات لوجيستيكية، وغيرها. واستغرب فؤاد عسالي تنامي عدد الحرائق الغابوية في الآونة الأخيرة، وتوقيت إشعالها، وكذا اختيار مناطق تكون مهيئة للانتشار بسرعة وعلى مساحة واسعة، ما يصعب من مهام فرق الإنقاذ التي تجاهد بأرواحها في سبيل إنقاذ هذه الثروة.