في هذه الظروف الصعبة التي يجتازها العالم، وضمنها المغرب، بسبب التباعد الاجتماعي الذي فرضه فيروس كورونا المستجد، باتت التقنيات الحديث، أحد الحلول الأساسية للاتصال والتواصل. وقد زادت الحاجة إلى استخدام هذه الخاصية في بلدنا، خصوصا بعد التمديد في حالة الطوارئ الصحية وحلول شهر رمضان، الذي يتميز عادة بتبادل الزيارات والدعوات، وجلسات ما بعد صلاة التراويح. ولم يجد الماكثون في منازلهم من خلاص لهذه العزلة الاجتماعية، سوى اللجوء إلى محادثات الفيديو، بعدما أصبحت المكالمات الهاتفية وحدها لا تفي بالغرض المطلوب بسبب طول مدة الحجر الصحي ورغبة الناس الملحة في التواصل مع عائرتهم وأصدقائهم بالصوت والصورة. وبالطبع، يعتبر "الواتساب" التطبيق الأكثر شعبية في هذا النوع من التواصل، فهو يسمح بمكالمات الفيديو لما يفوق أربعة مستخدمين وبجودة أكثر من مقبولة، وأمام النجاح الباهر الذي حققه هذا التطبيق، أعلن القائمون على منصة "واتساب" عن تحديث جديد يسمح لمستخدميه بالاجتماع بعدد أكبر سوياً، سواء من أجل العمل أو من أجل التواصل مع الأصدقاء والعائلة أثناء الحجر المنزلي، فأصبحت هذه المكالمات أكثر مما كانت عليه خلال السنوات الخمس الأخيرة. مما دفع مارك زوكربيرغ رئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، إلى تهنئة فريق عمل "واتساب" لوصول عدد مستخدمي التطبيق لأكثر من مليار شخص للمرة الأولى في تاريخ التطبيق، والذي بلغ تحديدا، منذ أسبوعين، مليار و300 مليون مستخدم نشط شهريا، وفقا لأحدث الاحصائيات. لكن، هناك تطبيقات أخرى، تصارع بدورها في حلبة التسابق نحو السيطرة على سوق محادثات الفيديو، ومن بينها على الخصوص، تطبيق "فايس تايم" الذي يمكنك من التحدث مع ما يصل إلى 32 شخصا في المرة الواحدة، لكن خاصيته أنه يُستعمل فقط من قبل مستخدمي شركة "آبل"، وعلى أجهزة تعمل بأنظمة معينة ومحددة، وبذلك لا يمكن الولوج إليه بسهولة كما هو الحال بالنسبة للواتساب. وهناك أيضا تطبيق "زووم"، الذي شهد انتشارا واسعا بعد تحوله إلى المنصة الأبرز للتواصل عبر تقنية الفيديو في ظل الحجر المنزلي والعمل عن بُعد، إذ ارتفعت شعبية التطبيق بعدما استخدمه الملايين حول العالم في مجال الاجتماعات والأعمال، وأيضا لإجراء محادثات الفيديو بين الأصدقاء. وأفاد القائمون على هذا التطبيق الصاعد في تقارير إعلامية دولية، أن عدد المشاركين في اجتماعات "زووم" بلغ في الأسابيع الأخيرة 300 مليون مشارك يوميا. إلا أن هذا التطبيق واجه مشكلات تتعلق خصوصا بقرصنة البيانات أو بمضايقات إلكترونية تتمثل بخرق قراصنة معلوماتية لاتصالات المستخدمين، بحسب ما نقلته العديد من وكالات الأنباء الدولية. بل إن بعض الدول حذرت مواطنيها من استعمال هذا التطبيق لأنه سهل الاختراق من طرف محترفي سرقة المعطيات الشخصية عن طريق نظام التشغيل "ويندوز". "غوغل"، بدورها ركبت عربة مكالمات الفيديو باستخدام Hangouts، عبر تطبيق الجوال الخاص بها، ويسمح لك هذا التطبيق بالتحدث مع ما يصل إلى 10 أشخاص في نسخته التقليدية ومع 25 في وضع الأعمال. ولاننسى "سكايب"، فقد يبدو تطبيقا قديما جدا، إلا أنه مازل رائدا في مجال مكالمات الفيديو، ووفقا لأحدث البيانات، فإن العدد التقديري لمستخدمي هذا التطبيق الكلاسيكي في جميع أنحاء العالم يبلغ حوالي 1.33 مليون شخص. يقدم "سكايب" ما يصل إلى 10 أشخاص للتحدث في كل مرة في الإصدار المجاني. وإذا كانت المكالمة صوتية فقط، فإن عدد الأشخاص الذين يمكنهم استخدام التطبيق في آن واحد يرتفع إلى 25 مستخدم. كما تتضمن لائحة خدمات الاتصال الافتراضية أيضا تطبيق "هاوس بارتى" Houseparty، الذي طفا فجأة على سطح أحداث الفيروس التاجي، ويتعلق الأمر بشبكة اجتماعية وجها لوجه، تُمكنك من التواصل مع الأشخاص الذين تهتم بهم، وما يميزه أنه ينبهك عندما يكون أصدقاؤك في المنزل وعلى استعداد للدردشة، حتى تتمكن من الولوج مباشرة إلى المحادثة ويمنحك فرصة فتح أكثر من غرفة وإغلاق أي منها للاحتفاظ بخصوصية الدردشات. ومن أكبر التطبيقات المستفيدة أيضا من فترة الحجر الصحي، خدمة "تيمز" لمؤتمرات الفيديو التابعة ل"مايكروسوفت"، التي ارتفع عدد مستخدميها بنسبة 1000 % في شهر مارس، بحسب تقرير لوكالة الأنباء "أ ف ب"، ويتعلق الأمر بتطبيق استطاع أن يجد له موطئ قدم بين المنافسين في هذه الفئة من البرامج والتطبيقات. وقد تجاوز عدد مستعمليه 75 مليون مستخدم يوميا، وهو متاح على الهواتف الذكية وعبر تصفحات الويب. ومهما اختلفت هذه التطبيقات وتنوعت، فإنها تقدم حقا خدمات جليلة لأزيد من ثلث سكان العالم، القابعين منذ أسابيع عديدة في بيوتهم بسبب الحجر الصحي الإجباري، ليبقى السؤال اللغز، هو كيف نجا أسلافنا من أخطار الأوبئة في زمنهم وكيف كانوا يقضون أيام وشهور الحجر الصحي في غياب وسيلة اسمها محادثات الفيديو؟