في سياق هذه الاحتفالات، اجتهدت غالبية القنوات الوطنية، من خلال مواكبتها للحدث، عبر إنجاز برامج وفقرات متميزة، خاصة في ما يتعلق بالجانب الفني -الغنائي، إذ توفقت في استعادة هذه اللحظة – العلامة الفارقة في تاريخ المغرب الحديث، وجعلت العديد من المتتبعين يستحضرون الحدث بكثير من الحنين، إلى درجة أن جيل الأمس اضطر أمام الكيفية التي عرضت بها القنوات الحدث، إلى نقله بالشرح والرواية لجيل اليوم، المتعطش لمعرفة تاريخ بلده القريب والبعيد. "أغاني المجد الأخضر"، و"يا موجة غني"، و"غنيوها مغربية"....هي عينة فقط من هذه البرامج، التي نجحت في تقريب المسيرة الخضراء إلى جيل اليوم، ومنح جيل الأمس لحظات للتذكر والاستعادة، تؤشر على أن الحدث لم يكن بالفعل عاديا، بل استثنائيا، يسجل بمداد الفخر والاعتزاز في سجل تاريخ الإنسانية السياسي. ففي "أغاني المجد الأخضر" بالقناة الأولى، استطاع معدو البرنامج، استحضار الحدث، من خلال عملية توثيقية رائعة، جمعت بين "الشهادة والاستشهاد"، والصورة والتعليق، فكان بحق برنامجا متميزا، جعل المشاهد يشعر مع مرور الدقائق، أنه ما زال في حاجة إلى المزيد، خاصة أنه جاء مؤثثا بأسماء ساهمت من موقعها في إبراز الحدث وإعطائه المكانة اللائقة به. "يا موجة غني"، البرنامج المنجز من طرف القناة الرابعة، جاء غنيا بلحظات أماطت اللثام عن "أسباب نزول" الكثير من الأعمال الفنية، مع منح الكلمة لمجموعة من الأسماء كانت شاهدة ومواكبة لهذا الحدث، أكثر من ذلك أضفت طريقة الصحافية دلال الصديقي، معدة ومقدمة البرنامج، مسحة خاصة، لجعل المشاهد منجذبا نحو البرنامج دون ملل. "غنيوها مغربية"، بالقناة الثانية، حلقة السبت الماضي، خصصت لإعادة تلك الأغاني التي أطربت مغاربة تلك الفترة، وأذكت حماس المتطوعين، وبالتالي الوقوف على طبيعة الإبداع الغنائي الحقيقي. بالموازاة مع هذه الأبعاد، التي أتاحتها هذه العينة للمتلقي دون النظر إلى سنه وعمره، شكلت أيضا فرصة للترحم على مجموعة من الفنانين، الذين رحلوا إلى دار البقاء، محمد الحياني، ومحمد الغرباوي، وعماد عبد الكبير، وإسماعيل أحمد، وصالح الشرقي، وعبد السلام خشان... والدعاء بطول العمر لمجايليهم، فتح الله المغاري (شفاه الله)، وعبدالمنعم الجامعي، وبهيجة إدريس، وعبدالله عصامي، ومحمود الإدريسي، وعبد الهادي بلخياط، ونعيمة سميح، والثلاثي أمنا بقيادة عبدالعاطي أمنا، وعبد الوهاب الدكالي، وأعضاء مجموعة جيل جيلالة...