في فصل الصيف، يضطر السكان إلى تحمل شدة الحرارة في منازل تفتقد التهوية الملائمة، بسبب ضيق المساحات وعشوائية البناء، كما يتحمل سكان الخيم البلاستيكية اشتداد الحرارة بفعل هشاشتها. أما في فصل الشتاء، فمخاوف هؤلاء تكون أكثر حدة، ويصفونها ب"الهاجس المر". وعموما، فسكان المدينة القديمة متذمرون من استمرار واقعهم في فضاء تطبعه العشوائية من كل الجهات، بعيدا عن شروط العيش الكريم، ويتطلعون إلى تغيير منازلهم المهترئة بأخرى أكثر ملاءمة للعيش والاستقرار، لكنهم يجدون أنفسهم مجبرين على تكبد المعاناة نفسها كل سنة، وباحتمالات جديدة لوقوع ضحايا، بسبب ارتفاع حجم التصدعات واتساع هوة التشققات بجميع المنازل. في فصل الشتاء، وبين جدران مشبعة بالرطوبة، يركن بعض السكان أغراضهم القديمة، تحسبا لأي طارئ، وفي تلك المساحة الضيقة لمنازلهم، يتنقلون بين غرفة وأخرى، لعلهم يتفادون تساقط شذرات من أسقف متقادمة على رؤوسهم بين الفينة والأخرى، كما يضيق بهم الخناق مع قلة الإمكانيات. ويعتمد السكان بعض الحلول الترقيعية، وغالبا ما تساعدهم القدرة الإلهية في التصدي لكوارث إنسانية. كما يسعى السكان القاطنون بالخيم البلاستيكية إلى تجديدها، بعدما تهالكت بفعل حرارة الشمس، عبر تغيير الأغطية البلاستيكية وتعديل الخردة والألواح الخشبية، لعلهم يستطيعون صرف القليل من تسربات مياه الأمطار المقبلة. لا يريد سكان المدينة القديمة أن يعرضوا حياتهم وحياة أبنائهم للخطر، لكنهم عاجزون عن الرحيل منها، كما أنهم ممنوعون من إجراء ترميمات وإصلاحات، وحاولوا في مناسبات عدة الحصول على تراخيص تخول لهم ترقيع بعض الشقوق والتصدعات، لكن ذلك لم يكن ممكنا أمام قرار منع أي إصلاح، حسب ما عبر عنه البعض ل"المغربية". وقال بعض السكان إن "الخوف ينتابهم باستمرار، وتزيد حدته مع كل غيمة سوداء تلوح بتهاطل الأمطار، ولا يمكن إدراكه إلا بقضاء يوم على الأقل وسط المنازل المتهالكة والآيلة للسقوط في أي لحظة ". أزقة ضيقة ومنازل متهالكة، دون بنيان متين ودون مرافق مهيكلة، تشكل منظرا حزينا، تمتد على مساحة مهمة بقلب الدارالبيضاء، وتكتنفها قصص إنسانية متشابهة أو مختلفة، لتمثل المدينة القديمة بالنسبة لسكانها "هاجس موت مرتقب"، وفق ما عبر عنه البعض ل"المغربية".