مازال خطر انهيار أسقف وجدران المنازل المتهالكة يتهدد حياة القاطنين بالمدينة القديمة في الدارالبيضاء، في غياب مساكن بديلة تناسب إمكانياتهم المادية وتجنبهم الموت المحدق بهم مشهد من فوق سطح منزل بالمدينة القديمة وذلك بعد توالي الانهيارات في غفلة عن السكان، مثلما وقع قبل يومين بدرب بوطويل، حيث أثار تهاوي سقف منزل به رعبا في نفوس قاطنيه، وقبلها بأيام في درب بن حمان، ليصبح الانهيار المفاجئ القصة التي يعيش كواليسها سكان المدينة القديمة، في حين لا يملكون حلا لصدها رغم النداءات المتكررة بإيجاد حلول سريعة، تخلصهم من تبعات التصدعات المنذرة بموتهم تحت الركام في أي لحظة. وحسب مصدر مطلع، تحفظ عن ذكر اسمه، فإن "الانهيار الأخير الذي تعرض له منزل متصدع بدرب بوطويل، ليس إلا إشارة أولية على أن المنازل المتهالكة بهذا الدرب وغيره، ستتهاوى تدريجيا فوق رؤوس السكان إن لم يحسم في "قضية السكن" بشكل جاد وشامل، مضيفا أن السكان بدرب بن حمان عاودوا وضع لافتة تفيد أنهم "باقون في منازلهم المتقادمة حتى لو كانت تهدد حياتهم، ماداموا لم يتوصلوا بحل يتوافق وإمكانياتهم المادية للانتقال إلى مساكن بديلة". ولأن جميع المنازل بالمدينة القديمة متصدعة بشكل كبير، فإن السكان يتوقعون أن تتكرر مآسي الانهيارات داخل الأزقة والدروب، بحكم أن الجدران والأسقف مشبعة بالرطوبة فيما أجزاء مهمة متآكلة وعلى شفا الانهيار في أي لحظة، يقول المصدر ذاته. أما انهيار سقف بمنزل في درب بوطويل الذي لم يخلف أي ضحايا، هو حلقة من سلسلة حلقات الانهيارات التي تنذر المنازل المتهالكة بوقوعها، خاصة بعد حلول فصل الشتاء الذي يزيد من اتساع هوة التشققات ويضاعف نسبة الرطوبة في قلب المنازل، التي قال عنها بعض السكان إنها لا تنفع للعيش لضيقها ورائحتها الخانقة وتصدعها، لكنها الحل القائم في غياب بدائل أخرى. وفي الوقت الذي يتفاجأ السكان بتهاوي أسقف منازلهم وجدرانها، يتساءلون إن كان هذا الوضع لا يدعوا إلى اتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة لمنع أحداث مأساوية ستؤدي إلى هلاك الكثيرين، أطفال وشيوخ ومرضى، اضطرتهم الحاجة إلى المكوث في هذه منازل المدينة القديمة منذ سنوات، ولم تشجع إمكانياتهم المحدودة على تركها رغم أنها أصبحت "خطرا مهولا" يقض مضجعهم يوميا. من جهة أخرى، سبق ل"المغربية" أن زارت عدة مرات دروبا وأحياء بالمدينة القديمة، حيث عاينت قتامة الفضاء الذي تعتريها مثل درب السينغال ودرب المعيزي، حيث تنتصب الخيم البلاستيكية بجوارها نزوحا من المنازل المتقادمة، بعدما اتخذها السكان مأوى جديدا يجنبهم هاجس الانهيار، وإن كانت لا تنفع لصد مشاكل البرد والحر وانتشار الحشرات وتطفل المتسكعين. يشار إلى أن عدد الخيمات البلاستيكية في تزايد مضطرد، يجده السكان دليلا على تفاقم وضع المباني وتمدد هوة التشققات بها، ومن ثمة ارتفاع عدد المتضررين، في غياب حلول سريعة تحد من اتساع رقعة الخيم"، حسب إفادة سكان ل"المغربية"، في محاولة للكشف عن خفايا معاناتهم مع تلك المنازل المتصدعة والخيم المتمزقة بفعل التقلبات المناخية (رياح وأمطار وحرارة الشمس)، في وقت ينحت الفقر في أنفسهم أزمات نفسية مثل القلق والتذمر واليأس، والخوف من الموت تحت الركام مستيقظين كانوا أو نيام.