سيادة الرئيس، تستهلون زيارة عمل وصداقة 2لى المغرب اليوم، فهل يمكننا أن نقول إن العلاقات الفرنسية-المغربية استعادت كامل حيويتها، وما هي الرسالة التي تودون توجيهها 2لى المغاربة؟ 2ن هذه الزيارة هي زيارة صداقة، ويعبؑر الوفد الذي يرافقني 2لى طنجة عن ذلك، إذ يشارك فيه وزراء بالطبع، كذلك شخصيات منتخَبة على الصعيدين الوطني والمحلي، وفنانون، ومثقفون، ورياضيون، وممثلون عن العبادات، وأعضاء من وسط الجمعيات، ومدراء منشآت، الذين يقيم معظمهم علاقات وثيقة وعميقة مع المغرب . تحمل رسالتي طموحا مشتركا، فنحن نود تطوير تعاوننا مع المغرب في ظل وضع يشهد مزيدا من الأخطار، كذلك مزيدا من الفرص. فقد أتاح اللقاء الرفيع المستوى بين حكومتينا في باريس يومي 28 و29 ماي تحديد الأهداف الكبرى لشراكتنا الاستثنائية للسنتين المقبلتين. وأردت زيارة طنجة لأتناول مع جلالة الملك مسألة تنفيذ الأولويات التي حددناها معا. أقام المغرب وفرنسا علاقة اعتبرتها الجهتان "شراكة استثنائية"، لكن يبدو اليوم أن هذه الشراكة تقوم على مكتسبات تقليدية في ظل وضع يتبدّل سريعا. فما هي إذن مجالات العمل الجديدة في هذه الشراكة التي قد تمكنها من التجدد ومواكبة التحولات الإقليمية والدولية، ولاسيّما تطور أوجه التعاون في محور الجنوب –الجنوب، الذي يعتبر من ركائز التنمية في إفريقيا؟ تأتي في طليعة هذه المجالات محاربة التطرف. 2ذ غالبا ما يكمن خلف هذا التطرف مشكلة التعليم الديني السيء التأطير أو حتى معدوم ال2طار. فقد حاز المغرب خبرة مهمة في التعليم الديني يدعمها موقع أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس والأنموذج الوسطي المعتدل لل2سلام. 2ننا نرى أن بوسع التعاون مع المغرب مساعدتنا على تطوير 2سلام فرنسي متوافق مع القِيم الجمهورية. ويليها التوجه نحو إفريقيا، هذه القارة الشاسعة التي تلامس أوروبا تقريبا هنا في طنجة. تؤدي فرنسا والمغرب دورا مهما في حقل تنمية إفريقيا وتقيمان علاقات ثقة مع البلدان الإفريقية. ولدينا تجربة من خلال الاتفاقات المبرمة بين الوكالة الفرنسية للتنمية والتجاري وفا بنك، والبنك الشعبي، والبنك المغربي للتجارة الخارجية؛ وينبغي أن يتوسع التعاون مع افتتاح شركة بيجو في المغرب. وطبعا هناك آفاق عديدة في مجالات البيئة والبنى التحتية وحقل اللوجستية وغيرها. وأخيرا هناك مكافحة تغير المناخ الذي يهدّد البشرية تهديدا خطيرا. للمغرب تجربة رائدة في مجال الطاقة المتجددة، وتترأس فرنسا في دجنبر المقبل المؤتمر الدولي بشأن المناخ، أي الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية ال2طار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وسيستضيف المغرب في مراكش في عام 2016 الدورة التالية أي الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف. ويعتبر هذان المؤتمران فائقي الأهمية لمستقبل كوكب الأرض وقد قرّر بلدانا التنسيق على نحو وثيق للمساهمة في نجاحهما. ماذا تنتظرون من الموعد الذي حدّده العالم لديكم في باريس لانعقاد الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية ال2طار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وكيف يمكن أن يتم التعاون برأيكم مع المغرب حول هذا الموضوع؟ 2ننا نرمي 2لى تأسيس "حلف باريس من أجل المناخ"، الذي يتيح لنا احتواء ارتفاع معدل درجات الحرارة على الأرض تحت الدرجتين المائويتين حتى نهاية القرن الحادي والعشرين، وتكييف مجتمعاتنا مع تغير المناخ القائم. فقد وفرت عملية المفاوضات التي بدأت في عام 2011 في 2طار منتدى ديربان فرصة وضع نص رسمي للمفاوضات، لكن لكي يكون هذا الاتفاق فعالا، ينبغي أن يكون عالميا ومستداما وملزِما قانونيا. لا يكمن التحدي في مسألة جودة العيش فحسب، 2نما في صميم العيش نفسه، أي في حياة السكان وحياة الأراضي وحياة الأنظمة البيئية، لهذا سننتقل بعد المؤتمر 2لى معالجة مسألة التنوع ال2حيائي. أعرف أن جلالة الملك محمد السادس يعير أهمية كبيرة لمسألة البيئة وأنه المبادر إلى مشاريع بارزة في المملكة في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ولاسيّما في طنجة. تواجه فرنسا والمغرب تحديات التطرف الديني وال2رهاب والجريمة المنظمة نفسها، فماهي حقول التعاون التي يمكن تنفيذها للتصدّي لهذه التحديات؟ تقتضي التحديات الأمنية، التي علينا التصدّي لها معا إقامة تعاون وثيق، ويصحّ ذلك بالذات في مجال المعلومات الاستخباراتية الذي نعتبر خبرة المغرب فيه ثمينة لنا. فقد سبق للأجهزة المغربية أن برهنت على فعاليتها من خلال تفكيك العديد من الخلايا ال2رهابية في الأشهر الماضية. كما لدينا الإرادة المشتركة للتقدم معا في محاربة الجريمة المنظمة. وقد تسنى لي أن أشيد بمساهمة قوى الأمن المغربية بوضع اليد على عدة أطنان من المخدرات في منطقة مرسيليا. كما يسرني أيضا أن التبادل بين أجهزتنا أتاح 2لقاء القبض في نهاية شهر غشت الماضي على شخص يحمل الجنسيتين الفرنسية والمغربية مُدان في فرنسا لتورطه في سرقة محل مجوهرات. خلال زيارتكم الأولى اعتبرتم تعليم الشباب وتكوينهم من أولويات العلاقة الثنائية. ما هي المبادرات التي اتخذت منذئذ لوضع هذا الالتزام موضع التطبيق؟ من خلال المشاورات مع السلطات المغربية، أردت أن يتمحور التعاون التربوي حول ثلاثة مواضيع هي: توسيع نطاق التعليم باللغة الفرنسية، لأن ل2تقانها هنا دور مهم في دخول سوق العمل؛ وتلبية الطلب الكبير على التعليم العالي في المغرب؛ وفي الختام التكوين المهني. في المرحلة الثانوية، اعتمد 500 معهد ثانوي مغربي شعبا ثنائية اللغة تمنح شهادة بكالوريا دولية مع خيار اللغة الفرنسية. وفي التعليم العالي، شجعنا 2نشاء المعاهد الكبرى الفرنسية على الأراضي المغربية؛ وافتتح سفيرنا معهد "سنترال" يوم الاثنين في الدارالبيضاء، ومعهد "2نسا" في فاس يوم الأربعاء، ونواصل في الوقت نفسه تشجيع تنقل الطلاب المغربيين الذين يبلغ عددهم 000 34 طالب كل عام، وهم يمثلون أكبر جالية طلابية أجنبية تدرس في فرنسا. وأخيرا في مجال التكوين المهني، مولت الوكالة الفرنسية للتنمية 25 مركزا، توفر في المغرب، تكوينا في مهن السيارات، وصناعة الطيران والطاقة المتجددة. فرنسا هي من بين أوائل شركاء المغرب الاقتصاديين، كيف تعتزمون الحفاظ على مكانة فرنسا وتعزيزها في ظل تنوع الشراكات المغربية؟ يوجد على الأراضي المغربية 750 فرعا لشركات فرنسية توظف أكثر من 120 ألف شخص، ويحتل المغرب المرتبة الأولى في عمل الوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ يتجاوز 2,3 مليار أورو، وأخيرا، لا تزال فرنسا تتصدر قائمة شركاء المغرب التجاريين مع مبادلات سنوية تتجاوز 8 ملايير أورو. لكن لا يمكننا الاكتفاء بهذه الأرقام 2نما علينا الابتكار باستمرار والتكيف مع بلد في غمرة التطور. وهذه هي الغاية من زيارتي إلى طنجة، فقد شهدت هذه المدينة تحولا استثنائيا بدفع من جلالة الملك محمد السادس، وتعتبر المواقع التي سنزورها معا – ورشة صيانة عربات القطارات الفائقة السرعة ومرفأ طنجة المتوسط وورشة مركز التكوين للطاقة المتجددة - أمثلة ملموسة على 2رادة فرنسا مرافقة التنمية الفائقة السرعة في المغرب.