يعد التفجير الذي تبناه تنظيم الدولة الاسلامية، من الأكثر دموية منذ سيطرته على مساحات واسعة من البلاد في هجوم كاسح شنه في يونيو 2014. وأتى الهجوم في المنطقة ذات الغالبية الشيعية الواقعة في محافظة ديالى شمال شرق بغداد، عشية إحياء شيعة العراق أول أيام عيد الفطر. وقال مدير ناحية خان بني سعد عباس هادي صالح لوكالة فرانس برس "الحصيلة حتى الآن 90 شهيدا و120 جريحا، ولدينا ما بين 17 و20 مفقودا"، مؤكدا أن 15 طفلا على الاقل قضوا في التفجير الذي وقع قرابة الساعة السابعة مساء (1600 تغ). أضاف "كل عام (خلال رمضان) هناك تفجير. الذنب أننا شيعة" مؤكدا أن التفجير هو "الأكبر في ديالى منذ 2003". وكان التنظيم الذي يعتبر الشيعة "رافضة" ويتوعد بقتلهم، وسبق أن استهدف العديد من مناطقهم بتفجيرات مماثلة، تبنى الهجوم الجمعة قائلا إنه نفذ بسيارة مفخخة بنحو ثلاثة أطنان من المتفجرات، ويقودها انتحاري. وبدت آثار التفجير مدمرة على السوق التي تمتد على نحو مائة متر، وتضم متاجر مختلفة، معظمها للخضار والفاكهة واللحوم والملابس. وصباح اليوم، كان دخان الحريق لا يزال يتصاعد من بعض المتاجر التي غطى السواد واجهاتها، بينما تعرضت مبان أخرى لدمار شبه كامل. وخارج بعض متاجر بيع اللحوم، كانت قطع من لحوم الغنم والعجل لا تزال معلقة، وبعضها محترق، بينما توسطت الطريق الملاصقة للسوق أحذية والعاب متناثرة. وقامت جرافة تابعة لوزارة الدفاع بإزالة الركام، بينما قام عمال بتنظيف الاسفلت الذي غطته مياه آسنة وقطع من الزجاج. وقدم سكان في المنطقة شهادات مروعة عن هول التفجير الذي قالوا إنه الاكبر الذي استهدف منطقتهم منذ اندلاع أعمال العنف وموجات التفجير بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في العام 2003. وقال مثنى السعدون (25 عاما)، وهو موظف بلدي موكل بتنظيف الشوارع "البارحة كنت أقود صهريج مياه وأستعد لتنظيف الشوارع قبل العيد. عندما صار الانفجار، بدلا من تنظيف الشوارع بت أطفئ النار". أضاف "رأيت أشخاصا يحترقون (...) الناس احترقوا داخل سياراتهم لأن الطريق كان مكتظا، ولم تتمكن سيارات الاسعاف من الوصول"، مؤكدا أنه رغم استهداف المنطقة سابقا "إلا أن مثل هذا الانفجار لم يحصل من قبل". وقال سالم ابو مقتدى (34 عاما) وهو صاحب متجر لبيع الخضار في السوق "الموقع الذي رأيناه لا يمكن وصفه. حريق وجثث وجرحى وعويل نساء وأطفال"، مضيفا "الخان الآن ناحية منكوبة". وتقع السوق في وسط منطقة خان بني سعد التي يعبرها طريق عام مؤلف من جزئين. وكان الجزء الملاصق للسوق مقفلا أمام حركة السيارات. وبحسب شهود، تقدم الانتحاري بسيارته على الجانب المفتوح أمام السيارات، وفجر نفسه عند نقطة تفتيش للشرطة وسط السوق. وتسبب التفجير بحفرة قطرها نحو خمسة أمتار، وعمقها نحو مترين. ولم يبق أي أثر لنقطة التفتيش. وكان السوق مكتظا بالمتسوقين الذين يتبضعون عشية عيد الفطر الذي يحييه الشيعة في العراق اليوم السبت، في حين أحيا السنة أول أيامه الجمعة. وتقع منطقة خان بني سعد في محافظة ديالى، على مسافة 20 كلم شمال شرق بغداد. والمنطقة مختلطة طائفيا، إلا أن غالبية سكانها من الشيعة. وحرم التفجير أبناء المنطقة الاحتفال بالعيد. وحل الحزن والغضب بدلا عن الفرح، علما ان محافظ ديالى أعلن الجمعة الحداد ثلاثة أيام على الضحايا الذين شيع عدد كبير منهم في اليوم نفسه إلا أنه أمكن السبت رؤية شاحنات صغيرة تنقل عددا من النعوش إلى مراسم التشييع. وقال حسين ياسين خضير (45 عاما) الذي يملك متجرا عند مدخل السوق، ولم يتعرض لضرر كبير "لا يوجد عيد. لم نعايد أحدا، ولا أحد عايدنا". وأوضح أنه كان واقفا خارج متجره قبيل التفجير، قبل ان يقذفه عصف الانفجار الى داخل المحل، من دون ان يصاب بجروح. اضاف بحسرة "كل رمضان يحدث انفجار في خان بني سعد". وكانت السلطات أعلنت في يناير "تحرير" محافظة ديالى الحدودية مع إيران، من وجود تنظيم الدولة الاسلامية. الا ان الاخير عاود مؤخرا استهداف مناطق فيها بتفجيرات وعبوات ناسفة. وأدان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التفجير السبت، وقال في بيان عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، "ارتكبت عصابات داعش الارهابية الجمعة جريمة نكراء بالتفجير الارهابي الذي طال المدنيين في ناحية بني سعد"، مؤكدا ان "العصابات الارهابية لن يكون لها مكان في بلدنا وسننال منهم ومن جريمتهم النكراء، ولن يفلتوا من العقاب". واعتبر ان التفجير "سيزيد من عزمنا على ملاحقتهم في ساحات القتال وفي كل شبر من ارض العراق"، معتبرا ان التفجير يأتي "بعد الانتصارات التي حققتها قواتنا البطلة في جميع القطاعات ومنها عملية تحرير الانبار". واعلنت القوات العراقية مطلع هذا الاسبوع تكثيف عملياتها في محافظة الانبار (غرب) حيث يسيطر الجهاديون على مناطق واسعة، أبرزها مدينتا الرمادي مركز المحافظة والفلوجة. وأعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش عن "حزنه العميق". واضاف في بيان ان "هذه المجزرة الرهيبة هي خارج كل حدود التصرف المتحضر".