اتخذت الهيئة القضائية قرارها في الجلسة الثالثة لمحاكمة أستاذ مادة الرياضيات (ي. 23 عاما، وخصصتها لمناقشة القضية والاستماع إلى المتهم ومرافعات النيابة العامة والدفاع، قبل النطق بالحكم. وعمت فرحة عارمة ممزوجة بالدموع وجوه أولياء أمور تلاميذ مؤسسة "كارمن جوزيف"، بعد سماعهم خبر براءة الأستاذ، إذ انتظروا ساعات داخل وخارج أسوار استئنافية البيضاء، لانتهاء المداولة، قبل أن يتبادلوا التهاني بينهم فرحا بالحكم، واصفين إياه ب"المنصف والعادل". وخلال الجلسة التي حضرتها لأول مرة التلميذة موضوع التحرش إلى جانب والديها، استمعت الهيئة القضائية إلى الأستاذ، الذي نفى أي علاقة له بالتلميذة أو التحرش بها، مؤكدا أنه لا يدرس لها وأنه يدرس القسم الابتدائي، وأن التلميذة مازالت تدرس في الروض. واستمعت الهيئة القضائية أيضا إلى 12 شاهدا أغلبهم أساتذة ومراقبات من الراهبات المكلفات بحضانة التلميذات والتلاميذ ومراقبتهم في فترة الغداء أو الاستراحة، ومسؤولون بالإدارة، وأكدوا أن النظام الإداري والدراسي بهذه المؤسسة صارم، ومعروف بانضباط أطره، بحيث لا يمكن للأستاذ المتهم أن يلتقي بالتلميذة، موضحين أن تصميم المؤسسة التي تتكون من بنايتين منفصلتين، الأولى خاصة بالروض، والثانية بالأقسام الابتدائية تشهد حراسة مشددة من طرف المراقبات، بشكل يستحيل معه على المتهم أن يتكلم مع التلميذة بالروض، فبالأحرى التحرش بها. وذكر المحامي محمد أسناوي، دفاع الأستاذ، أن التلميذة لا تدرس ضمن صفوفه وليست له معرفة بها، وأن النظام الصارم للمؤسسة والمراقبة المستمرة لا تسمح لأي عنصر ذكري بأن يلتقي بأي أنثى في المؤسسة فبالأحرى بتلميذة والتحرش بها لمدة شهرين متواصلين، أو أن ينتقل إلى مكان استراحتها ويطلب منها أن ترافقه، واصفا الملف ب"المفبرك" و"الجريمة الملفقة" قائلا إن "الأم المشتكية ربما تعاني هواجس نفسية بسبب حدث مماثل وقع بعائلتها، وكان السبب وراء ادعاءاتها، التي زجت بالأستاذ الشاب ستة أشهر خلف القضبان ظلما، وضيعت مستقبله المهني والاجتماعي". والتمس الدفاع الحكم ببراءة موكله، لأن "الجريمة مستحيلة الوقوع في ظل الظروف التي سبق أن استعرضها الشهود"، مذكرا هيئة الحكم بجموع آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بهذه المؤسسة التعليمية، الذين نظموا وقفات تضامن مع الأستاذ مطالبين بإنصافه ومستنكرين الشكاية "الكيدية" ضده، كما حضروا معه منذ انطلاق هذا الملف سواء أمام الضابطة القضائية أو قاضي التحقيق، أو أمام المحكمة حتى امتلأت جنبات قاعة الجلسات بهم رفقة أطفالهم. كما ذكر الدفاع هيئة الحكم بالشهادة الطبية المضادة التي أنجزت على التلميذة وتبين عدم تعرضها لأي هتك أو تحرش، موضحا أن الشهادة الطبية المقدمة من طرف الأم غير قانونية، وأنها تسلمتها من طبيب نفساني، في حين أن من يكشف الاعتداء الجنسي الطبيب المتخصص في ذلك. أما ممثل الحق العام، فطالب بإدانة المتهم، وفق التهمة المنسوبة إليه، مذكرا بظاهرة التحرش والاعتداء على الأطفال والقاصرين، وملتمسا من الهيئة القضائية تنزيل أقصى العقوبات على من يقومون بهذه الأفعال المشينة.